المشاركات

عرض المشاركات من 2017

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..37

صورة
القاهرة.. م.العباسية..وحدة السيدات المطورة.. السبت: 11 ديسمبر 2010  -  9:00 مساء.. كانت هذه النهاية إذن لمرحلة في حياتي.. شقة أتحمل تكلفتها منفردا..في سبيل راحتي الشخصية واستقلاليتي.. لكني فعلا لم أعد أتحمل.. هناك شخص ما ينتظر في اليوم العاشر من كل شهر لدفع الإيجار..ثلث راتبي.. الذي يأتي متقطعا..ومتأخرا دوما..فأبحث بجنون في أي من مواردي الضئيلة لحل هذه الأزمة.. أثرت علي هذه الدورة الشهرية بشدة..وتضخمت النقود التي أقترضها من أمي..وتلك التي أقوم بسحبها من رصيدي القليل في البنك.. لذلك كان لا بد من المغادرة.. والذهاب للعباسية.. *-*-* ما كنت رأيته سابقا في السكن في وقت النوبتجيات..لم يكن يعطيني صورة متفائلة للغاية.. لكنها الضرورة يا صديقي.. أنا الآن في الغرفة التي تقرر أن أقضي فيها عدة سنوات.. شريك الغرفة هو زميل لا غبار عليه في رأيي..حادثته مسبقا أكثر من مرة..وأدركت أن له عمقا ما.. وإن كان توجهه ذي صبغة إسلامية نوعا ما..لا بأس..لن يقلل هذا احترامي له بأي حال.. طويل القامة..ملتح بلحية خفيفة..من المنصورة.. حال الغرفة نفسها جيدة..نظيفة بشكل متوسط..وإن طالتها يد الإهمال

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..36

القاهرة.. م.العباسية..وحدة السيدات المطورة.. السبت: 11 ديسمبر 2010  -  5:00 مساء.. في سكن الأطباء.. كان الحل الوحيد الذي أخرج به من أزمتي المالية المزمنة هي أنني أنهي التزام آخر من أوجه مصروفاتي.. أترك الشقة الحقيرة التي سكنت بها ما يقرب من ستة أشهر..أترك السيدة المسنة الغاضبة دوما..المتشككة طول الوقت..وابنها الغامض..وأن أذهب لسكن الأطباء في العباسية.. حكيت لك سابقا يا صديقي عن السكن.. لا داعي لتكرار الحكايات.. *-*-* أخيرا في السكن.. لملمت حاجياتي في ست شنط بلاستيكية ضخمة..وشنطة ظهر..ملأتها بكل شيء يخصني.. ثم اتصلت بصاحب المنزل ليأتي ويستلم الشقة.. في الدقائق الباقية تأملت الشقة العتيقة..الدهانات المتشققة الزيتية القديمة..الآرج الخشبي الذي يفصل الصالة الضيقة إلى قسمين وبذلك احتسبت غرفتين..الغرفة الثالثة التي لم أكن أدخلها إلا لماما..الدولاب المكدس ببواقي تركها صاحب لشقة..وأناس آخرين..صور شخصية أوسرية ومجلات مختلفة..لوحات حائط..وأطر.. أرمق الفرش العتيق..المرتبة الحجرية..الصهد الرهيب الآتي من السقف..ومن الجدران الخارجية.. السجادة القذرة الناحلة..والتراب وذرات الرمال الت

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..35

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. الثلاثاء: 7 ديسمبر 2010  -  1:30 ظهرا.. هناك بعض المشاكل الصغيرة.. في المستشفى كانت هناك سخافة تتعلق بأن الإدارة ترفض أن تعطيني ورقة للتفرغ للراسة بالكلية..وهي من حقنا قانونا.. لا أعرف السبب..لكنني اشتركت مع مجموعة من الزملاء وقدمنا طلبا بالحصول على يومين تفرغ للدراسة.. وأرفقنا الجدول من الكلية.. لكن..لم الدهشة..؟ إدارة تهتم بالحضور والانصراف والتوقيع في الدفتر..بديلا عن العمل الفعلي بالأقسام.. لم الاندهش إذن..؟ *-*-* في يوم ما..حضر إلى القسم مجموعة من السادة المسؤولين بالمستشفى..لجنة حقوق المرضى.. د.مودي..وأ.رافع..وبعض أناس آخرين.. هناك شيئا ما يحدث هنا.. مريضة تقدمت بشكوى لإنها نقلت من قسم لآخر.. تحدثت في الشكوى أنها تعرضت للضرب من الممرضة في القسم الجديد.. كنت هناك لا أفهم شيئا..أتا بع الحديث بعين نصف مغمضة.. حضرت رئيسة القسم أخيرا..رأت المنظر العام..ثم قررت في النهاية أن تعيدها للقسم مرة أخرى.. أنظر للمريضة.. هي أكبر من أن تكون فتاة..وأصغر من أن تكون امرأة.. طويلة القامة..ترتدي ملابس مهترئة..فقدت سن من مقدمة

مركز الطب النفسي..جامعة عين شمس..2

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. الأحد: 5 ديسمبر 2010  -  1:30 ظهرا.. في كلية الطب بجامعة عين شمس..في مستشفيات "الدمرداش".. موعد المحاضرة الثانية.. كنت قد خرجت لأتناول شيئا ما..توقعت أن تبدأ المحاضرة متأخرا..لذلك عندمت عدت..أدرمت أنني تأخرت.. في القاعة الجانبية الصغيرة..تكدسنا فوق بعضنا.. المحاضر كان أستاذا كبيرا في السن..عصبي..وضيق الصدر بشكل سخيف.. هل كان د.فاروق لطيف..أم د.عبد المنعم عاشور"..؟ الرجل يتعامل معنا كطفيلات قليلة الحيلة..ربما ليس مقتنعا بنظرية التطور..وأن الطبيب يجب أن يولد عالم.. لا يضع في رأسه فارق السن الكبير الذي يصنع الكثير من الخبرة بين يديه.. مقارنة ظالمة.. لم يكف الرجل عن إثارة دهشتي حتى وهو يسأل زميل في المحاضرة بخصوص شيئا ما..ثم يعلق أن العضو الذي لا يستخدمه الانسان يضمر.. لم يكن هناك داع لهذه الإهانة والتحقير على أي حال.. كنت أتصور أن الرجل سيكون مختلفا..سمعت أنه رئيس ومنشيء جمعية ما من أجل مرضى ألزهايمر.. كنت أتصور أن ذلك سيغير شيئا..يبدو أن له حذا من اسم جمعيته.. لكن..لا بأس.. هذه الصورة هي الأوضح الآن.. ل

مركز الطب النفسي..جامعة عين شمس..1

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. الأحد: 5 ديسمبر 2010  -  11:15 صباحا.. في كلية الطب بجامعة عين شمس..في مستشفيات "الدمرداش".. مركز الطب النفسي تحديدا.. أخيرا سنبدأ في حياة عملية يا صديقي.. اليوم الرسمي الأول للدراسة في نظام الماجستير..وقد انقضى الآن.. *-*-* فكرت منذ البداية..منذ بداية نيابتي أن أبدأ بدراسة الماجستير..ثم أنتقل للزمالة المصرية.. كان السبب  أن أنتهي سريعا من دراسة أاديمية..وأحصل بها على درجة الماجستير في الطب النفسي والأعصاب..لكي أكون مساويا للزملاء في الجامعة..وأستطيع أن أكون على ذات الدرجة العلمية.. كنت أخطط أن أنتهي من هذه الدراسة في أسرع وقت ممكن..أقل من ثلاث سنوات ربما.. ثم أنتقل لدراسة الزمالة المصرية..وهي الدراسة الرئيسية التي سأعتمد عليها في ممارسة الطب النفسي في مصر.. كان ذلك الطريق سيختصر على الوقت..وفي ذات الوقت أحصل على شهادتين معا.. كان بإمكاني أن أقوم بالتسجيل في الزمالة المصرية مباشرة..أو التسجيل المزدوج "غير قانوني".. لكنني لم أفعل هذا ولا ذاك..بسبب فكرة غبية مسيطرة على رأسي في ذلك الوقت..وبسبب أنني لم

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..34

صورة
القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. السبت: 4 ديسمبر 2010  -  10:30 صباحا.. مالذي تتوقعه من شخص مفلس لا يحمل في جيبه إلا عشرة جنيهات أو زيادة عليها بقليل..؟ مالذي تتوقعه من طبيب لا يملك إلا هذه الجنيهات القليلة..؟ مالذي تتوقعه مني..؟ *-*-* حتى في ظل أيام الامتياز التي لم نكن نتحصل فيها إلا على 250 جنيها تقريبا..لم تكن الأمور سيئة لهذا الحد.. حتى أيام التكليف اللعينة.. لم أصل لهذا الحضيض من قبل.. إذن..مالذي يحدث..؟! يستهلك إيحار الشقة التي اسكنها ما يقرب من ثلث راتبي..يستهلك الثلث الآخر مصروفات طعامي وشرابي وبعض الأشياء الأخرى..ويبتبقى الثلث الآخير للمواصلات والطواريء.. المشكلة ليست فيما يقارب الألف وستمائة جنيه تقريبا هي كل ما أحصل عليها.. المشكلة في أنني أحصل عليها مجزأة..البعض من المستشفى.."مقابل حافز الطب النفسي والتقييم"..والبعض من مكان عملي الفعلي في أبو حماد.."المرتب الأصلي.."..ثم بعض النثريات..مقابل العدوى..النوباتجيات..حوافز..إلخ.. كل هذه المسميات لا تعنيني في شيء لأنها في النهاية ليست سوى ملاليم فعليا..أقبضها على مدار أسابيع م

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..33

مدينة العاشر من رمضان.. مركز النيابة الإدارية.. الإثنين: 29 نوفمبر 2010  -  10:15 صباحا.. كالعنقاء.. تأبى ذكريات التكليف البعيدة إلا أن تعود من جديد.. *-*-*   "كان يا مكان..وما يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه السلام.. كان فيه إدارة صحية في بلاد بعيدة..على راسها راجل ظالم..وكان فيه دكتور شاب صغير..اسمه الشاطر أحمد.. الراجل الظالم كان مفتري على الخلق..وكان بيبعت الشاطر أحمد كل شوية لوحدة صحية شكل.. أحمد ماكانش عايز يسمع الكلام..فبقى الراجل يديه كل شوية الخازوق التمام.. وأحمد صابر ومستني اليوم الموعود..اللي هيخلي فيه..ولن يعود.." *-*-* كانت البداية من محادثة تليفونية من كاتب في وحدة من الوحدات التي عملت بها في وقت التكليف.. يخبرني الرجل –بعد السلامات والتحيات- أنني مطلوب في النيابة الإدارية..بناء على تقرير من الجهاز المركزي للمحاسبات بعد التفتيش على وحدة الصحافة.. استغرقت بعض الوقت لأفهم وأربط الكلمات بعضها ببعض.. كاتب..وحدة..صحافة..تفتيش..جهاز مركزي..تقرير..تلك المادة التي ستحل كل شيء..جدران مهجورة آيلة للسقوط..بلاط مشق ومكسر..غارقة في مياه الصرف الصحي..أورا

أطباء بلا حقوق 3 (ج2)

صورة
الأحد: 26 سبتمبر 2010  -  في وقت متأخر من المساء.. مرة أخرى..اجتماع جديد مع مجموعة أطباء بلا حقوق.. نتقابل في الحديقة الخاصة باتحاد المهن..ونناقش تطورات الوضع الحالي للأطباء.. محاولات مستمرة لتوزيع الأدوار على المجموعة الصغيرة التي تعمل.. من يتولى التنسيق في المستشفيات..من يتولى التواصل مع الوزارة..ومن يتولى التواصل مع الأعضاء في النقابة..التخطيط للجمعية العمومية القادمة..الإشراف على الصفحة الخاصة على الفيس بوك..إلخ.. أحيانا كانت تداهمني أسئلة عن الجدوى من كل هذا.. أحيانا أسأل نفسي هل سنقوم نحن الذين لا نتجاوز العشرين فردا بتغيير حال الصحة في مصر..؟ التفكير المستمر بما يحدث..وما سيحدث..وربطه الدائم بمجريات الأمور في البلاد.. انتخابات يجرى التجهيز لها على قدم وساق..في ظل أجواء غير مسبوقة من الإضرابات والاعتصامات في طول البلاد وعرضها.. على الخلفية..يظل مقتل الشاب "خالد سعيد" بارزا بقوة..يطل برأسه على كل شيء في هذه البلاد التعيسة.. أقول لـ د.منى يوما نحن كمن يحرث الماء..لا يرى أي نتاج لعمله الحالي.. تتحدث بكلماتها المعهودة عن الأمل والصبر..وأن ذلك سيأتي بنتاجه يوم

أطباء بلا حقوق 3 (ج1)

أطباء بلا حقوق – أوراق مجمعة في الفترة من 1 يوليو 2010 وحتى 30 سبتمبر 2010 الجمعة: 17 سبتمبر 2010  - بعد الساعة الثالثة عصرا.. أشعر بتعب شديد للغاية.. نمت متأخرا بالأمس..قبل الفجر بقليل.. اليوم لم أستيقظ صباحا..وظللت نائما لوقت طويل  جدا.. فاتت صلاة الجمعة..وأتى إخوتي لزيارتنا بالمنزل..ولم أنزل للقائهن.. يسألنني عما بي..تسألني أمي.. أرد أنه لا شيء.. لا شيء.. أشعر أنه لا شيء..وأفكر أنه لا شيء.. أظل قليلا على هذا النحو..أقوم..أستيقظ أخيرا.. أجول في المنزل بلا هدف..أجلس على الكمبيوتر قليلا.. ثم ينايدينني للغذاء.. أنزل متثاقلا..ومن جديد..مابك؟ لا شيء.. لا شيء.. مجرد إنهيار داخلي بسيط.. وسيمر.. الأحد: 19 سبتمبر 2010 – في وقت ما من صباح ذلك اليوم.. على النقيض تماما من يوم الجمعة والأمس.. كأنما لمستني يد ساحر.. نشاط مفاجي يدب في أنحاء جسدي..ويوم رائع.. أتمنى أن يدوم هذا الاحساس.. *-*-* العمل صباحا..أنهيه سريعا، لألحق بمناقشة حالة يشرف عليها د.فخر الاسلام.. حاولت أن أستوعب كل ما يقال.. تلقيت سؤالا أو تاثنين من د.فخر الاسلام.. كانا سؤالين مباغتين..أرتبك..وأ

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..32

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. السبت: 20 نوفمبر 2010  -  10:00 صباحا.. خمسة أيام بعيدا عن القسم والمستشفى.. عيد الأضحى مر سريعا يا صديقي.. هانحن عدنا إذن.. *-*-* اليوم..وسط تقارير وأوراق ومذكرات وفوضى عارمة.. تدخل "فتحية" للمكتب..تجذب كرسيا وتجلس بجواري.. سيدة متقدمة في السن..أقرب لوصف "الحاجة" كما نعرفها.. في أوقات كثيرة تظل صامتة..تتأملني بهدوء..وتشرب من زجاجة مياه بجوارها كل حين.. وفي أوقات أكثر..تتحدث..وتتحدث..وتتحدث.. اليوم اختارت أن تتحدث كثيرا..عن أسرارها الخاصة على حد تعبيرها.. تحكي لي عن شبابها..عن زواجها..وعن زوجها..الذي يعاملها بقسوة بالغة..والأطفال الذين كانوا يرفضون الذهاب للمدرسة..عن السفر إلى "ليبيا".. هناك تحكي لي عن "ثلاجتها" التي ادخرت أموال لتشتريها..عن "البوتاجاز" المستعمل الذي وجدته ملقى في الطريق فأخذته لمنزلها..عن الجمارك على الأشياء التي تعود بها من هناك..تحكي عن "باكيتات الشاي" التي تخبئها بداخل الأجهزة.. (هل كان الشاي المستورد ممنوعا في ذلك الوقت لدرجة تخبئته..؟)

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..31

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. السبت: 6 نوفمبر 2010  -  10:30 صباحا.. أقف بجوار باب المكتب أتأمل الجدول الذي صنعته.. خانات مقسمة..بها اسم المريضة..وتاريخ دخولها..وتاريخ ميلادها..والدواء النفسي الذي تتناوله..وإذا كانت مصابة بأمراض أخرى..وأي أدوية أخرى..مع وضع خانة بالملاحظات.. عمل شديد التنظيم يا صديقي.. قد تظن أنني أجامل أو شيء من هذا القبيل.. لكنني أعرف نفسي جيدا.. منظم جدا..كقطار يعرف محطاته..ولا يحيد عن طريقه أبدا.. تنظر رئيسة التمريض في القسم لي بابتسامة واسعة مجاملة لمجهودي.. فأشكرها.. وأعود للتأمل باللوحة.. *-*-* هناك أخصائية نفسية تعمل معي بالقسم..اسمها "عبير"..تحمل درجة الماجستير أو شيء يماثله.. سيدة لطيفة.. لم نتعارف بشكل جدي حتى الآن..ولم أعرف عن عملها الكثير الحقيقة.. ربما "صباح الخير" سريعة في الصباح..حين نتقابل على باب القسم.. وربما حين تود أن تأخذ رأيي في امر يخص مريضة.. غالبا تحويلها لوحدة التأهيل.. كان لدي تصورات أخرى عن التعاون فيما بيننا..لكنني لسبب ما أغرق في مشكلات كثيرة حين أدخل من هذا الباب..وهناك أيام

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..30

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. الأحد: 31 أكتوبر 2010  -  10:30 صباحا.. بالحديث عن القانون.. كانت أول مرة أسمع فيها عن قانون الصحة النفسية الجديد في أيام التكليف المجيدة..عليها لعنة الله.. في مقال نشر في جريدة ما..كان فيها حوار مع أمين عام الصحة النفسية وقتها د.ناصر لوزة.. حديث عام عن أعداد مقدمي الخدمة الصحية من أطباء وتمريض..وعن أحوال المستشفيات..وما سيقدمه قانون الصحة النفسية من فتح أبواب المستشفيات للمرضى المتحسنين للخروج.. لم أكن أفهم ساعتها بنود القانون وما سينتج عنه.. لكنني الآن أعيش تحت ثناياه.. *-*-* يمكنني أن أختصر لك الأمر وأخبرك المهم.. المنتهى من القانون الجديد هو منع حجز مريض نفسي ضد إرادته..طالما أنه مستبصر بمرضه..وأنه لا يشكل خطرا على نفسه أو على الآخرين.. يفرض القانون وجهة النظر "الآنية"..تقييمي للمريض الآن..والخطر الذي يمثله الآن..وليس ما سيحدث منه فيما بعد.. (نظرا لخبرتي الحديثة بالعمل في ذلك الوقت..كانت هذه وجهة نظر قاصرة..هناك تقييم الخطر الوشيك..الذي ربما تتبأ به عن طريق الأعراض الحالية للمرض) المواد التي تهمنا هنا ه

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..29

الزقازيق.. المنزل.. الجمعة: 29 أكتوبر 2010  -  في ذلك الوقت الأخير بع صلاة العصر.. كنت أريد أن أذكر لك حكاية يا صديق.. أنت تذكر تلك الفتاة التي كانت محور الدرس العملي يوم الأحد 3 أكتوبر.. كان اليوم العلمي بحضور د.فخر الاسلام في قسم المودعات.. أنت تعرف قسم المودعات..هو القسم الذي يتم إيداع المرضى فيه للعلاج حتى الشفاء –وهو مالا يحدث- بعد ارتكابهم مخالفات قانونية من جراء المرض النفسي.. في القانون..من يقوم بارتكاب جنحة أو جناية..نتيجة ضلالات أو هلاوس أو سلوك مضطرب أو لأي شيء آخر نابع من المرض النفسي لدى المريض..وهو غير واع لما يفعله..يتم اعتباره غير مسؤول عن تصرفاته..وتوقف القضية..ويحكم القاضي بإيداعه لدى مستشفى الصحة النفسية حتى يبرأ.. أنا لا أعرف نص المادة تحديدا..ربما أراجع القانون المصري الخاص بالعقوبات لأتأكد من النص بحرفيته.. لكن المشكلة الصغيرة هنا هو تعريف معنى: "يبرأ".. علميا..لا يوجد تعريف واضح لكلمة "برأ من المرض" في الطب النفسي..ككل شيء تقريبا في هذا الفرع..هلامي وقابل للتفسير على عدة أوجه.. المعنى الصحيح هو مريض مستقر..ولا توجد لديه أعراض حاد

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..28

صورة
القاهرة.. الجمعية المصرية للطب النفسي.. الخميس: 28 أكتوبر 2010  -  2:00 ظهرا.. فلم إذن كانت هذه البداية العاصفة ليوم كهذا..؟ *-*-* هذه هي الدورة التدريبية الثالثة من مجموعة محاضرات الجمعية المصرية للطب النفسي.. بالأمس كان الجزء الأول..فحضرت مبكرا عن الموعد الأصلي المقرر في الساعة العاشرة صباحا..ربما بعشر دقائق.. انتظرنا فترة من الوقت حتى أتى الطبيب المحاضر..كانت الساعة الحادية عشرة عندما بدأنا..كنا ثلاثة فحسب.. أنا..وزميل من العباسية..وطبيبة أخرى.. اليوم جئت متأخرا قليلا عن الموعد.. ربما أكون قد مررت على القسم..وتأخرت بعض الشيء هناك..قلت لنفسي غالبا لن يكونوا قد بدأوا بعد.. خرجت من باب المصعد في الدور العاشر..لأفاجأ بمقر الجمعية مغلقا.. بمجرد خطوتي التالية خارج الباب..رأيت ناك شخصا يقف وعلى وجهه غضب بالغ.. بادرني بالسؤال: -"انت مين..؟" لم أعرف من هذا الشخص الذي يخاطبني بكل هذا الغضب..لكني استنتجت أنه أستاذ أو طبيب أو شيء من هذا القبيل.. ارتبك قليلا..وأنا أشرح له الدورة التدريبية وحضوري لهذا الغرض.. في هذه اللحظة وصل الموظف المسؤول أو السكرتير عن تنسيق ا

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..27

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة الطب الشرعي.. الأربعاء: 27 أكتوبر 2010  -  10:15 مساءً.. من المفترض أن تكون هذه نوبتجي ليلية في قسم الاستقبال.. لكنها تحولت لسبب ما غير مفهوم لي الحقيقة- إلى نوبتجية ليلية في قسم الطب الشرعي.. لا بأس.. لا زلنا في مستشفى العباسية على كل حال.. *-*-* تم تكليفي بالعمل هنا.. كان لدي بعض الفضول لأعرف السبب الحقيقي وراء ذلك.. أخبرني الزميل في القسم ب عن سبب غريب..خلاف بين الطبيب النوبتجي وبين رئيس القسم..فتم حرمانه من النوبتجية.. الرد كان: "لا نريد فلان هذا هنا.." من أنتم..؟ ومن فلان..؟ وماذا فعل..؟ كلها أسئلة لها إجابات غامضة جدا.. لا بأس.. أنا هنا..على الأقل يوجد تكييف..ومكتب.. ودورة مياه نظيفة.. *-*-* قضيت بعض الوقت في الحديث مع الزميل.."د.تامر بسيوني.." موضوعات شتى تحدثنا فيها..في المستشفى..في الطب..في الكتب..في السياسة..في الزملاء.. حتى في الرياضة التي لا أفقه فيها شيئا.. أنا اكتسبت بعض المهارات الاجتماعية اللطيفة.. لا شك في هذا.. وقتا لطيفا الحقيقة الذي مر بصحبة د.تامر.. ثم ذهب لحيث القسم الخاص به.. و

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..26

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. من الأحد: 24 أكتوبر 2010 إلى الثلاثاء: 26 أكتوبر 2010 أنا في المكان الذي أشعر به بألفة أكثر من أي شيء آخر.. دروة تدريبية عن مرض الفصام..في إدارة التدريب التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية.. هناك شيء مختلف عن كل مرة.. هذه دورة متكاملة عن اضطراب واحد..من كل جوانبه.. الباثولوجي..الأعراض الاكلينيكية..الأدوية..والعلاجات الأخرى.. ربما أنا أصبحت أكثر نضجا بعد مرور عدة أشهر علي هنا.. مهما حدث في الشهور الفائتة..هناك خبرة تتراكم يوميا..ببطء..ببطء شديد.. في هذه الدورة اتضح لي الفارق.. أنا أسأل..أستفسر عن بعض النقاط..أستمتع لأقصى حد.. بالتأكيد هذا شيء جيد.. *-*-* في المعتاد..يتم توزيع استبيان بعد كل محاضرة..وبعد كل دورة ككل.. فكرة ممتازة جدا الحقيقة.. الاستبيان به سؤال عن تقييمك للمحاضر..والتوقيت..والمكان..ومدى الاستفادة ككل..والوجبة الخفيفة في وقت الاستراحة..واقتراحات أخرى.. ربما أنها تكون أسئلة ثابتة متكررة طول المحاضرات يكون له أهمية لدى القائمين على الدورة.. لكن ربما ذلك يجعل الإجابات تتكرر بشكل رتيب.. ثم إن هناك عوامل

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..25

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. الأربعاء: 20 – 10 – 2010  -  10:30 صباحا.. "فاطمة" لن تطالبني بقرش آخر بعد اليوم.. اهنأ بالا.. *-*-* هل كانت تشعر بالألم مثلنا..؟ أم قد غير المرض أو الأدوية التي من المفترض أن تعالج المرض- من طريقة إحساسها بالألم..؟ بم شعرت إذن عندما سقطت..وكسر ساعدها..أو عندما تأتيها النوبة الصرعية ويرتطم رأسها بالأرض الصلبة..؟ أم عندما احترقت أصابعها بفعل الماء المغلي من صنبور الماء الساخن من البراد..؟ هل تؤلمها الكدمات والجروح القطعية التي تصاب بها كل حين..؟ هل يؤلمها مكان عينها التالفة..؟  أسئلة قد ولى زمن إجابتها.. *-*-* الآن نأتي للمرحلة المكررة المعتادة: تأنيب الضمير..وجلد الذات.. الأسئلة المستمرة التي لا أجد إجابة لها بسهولة: هل فعلت كل ما ينبغي علي فعله من مسؤولياتي تجاه هذه المريضة.. هل أديت حقا واجبي نحوها..؟ إذن لم استمرت في التدهور..لم استمرت النوبات..؟ أين التقصير..هل أتحمله أنا كله..أم أتحمل جزءا منه فحسب..ويحمل الأخصائي والاستشاري والمدير جزءا منه..؟ هل النظام هو المعيب فعلا..؟ طيب..ما أنا جزء من هذا

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..24

  القاهرة.. مستشفى العباسية..سكن الأطباء.."نوبتجية استقبال الطواريء" الجمعة: 15 أكتوبر 2010  -  2:30 بعد منتصف الليل.. لم أكن قد صعدت السكن من قبل إلا مرة واحدة.. يومها كنت عائدا إلى الزقازيق بعد انتهاء عملي بالقسم..ثم قلت لنفسي لم لا أصعد وأرى هذا السكن..؟ وقد كان.. *-*-* في الدور الرابع العلوي..من المبنى المخصص لوحدة المباني "رجال" الجديدة.. في ذلك اليوم..المصعد معطل..فأصعد السلالم.. حين أصل..يواجهني مدخل يفضي لقاعة واسعة يتوسطها ممر..وأبواب على كل جانب.. أمر خلال الأبوب..حتى أصل للقاعة الداخلية.. هناك حبال معلقة بين الجدران..وعليها تتناثر قطع ملابس مختلفة..هناك من قام بغسل ملابسه ونشرها هنا.. يقابلني شخص ما..أعرفه بنفسي..ويعرفني بنفسه.."د.خالد مسعد.." أتحدث معه قليلا بخصوص العمل في المستشفى..التراتبية الوظيفية..الحضور والانصراف..التعليم..السكن..والغرف الشاغرة.. يخبرني أنه لا توجد غرف شاغرة الآن لأنه يجري تجديد الغرف في الجانب الآخر.. جانب آخر..؟ كان هذا هو الجناح "ب"..وهو حسب التخطيط القديم كان مخصصا للتمريض..لكن وبحسبة

شقة منشية الصدر..حيث تموت الذكريات..ج2

صورة
الأربعاء: 11 أغسطس 2010: كان هذا خطئا شنيعا.. حساب خاطيء للأيام..ثم أجد نفسي واقفا بيأس في موقف سيارات الأجرة بعبود.. في انتظار سيارة أجرة لا تجيء.. *-*-* اليوم أول أيام رمضان.. أنت تذكر تلك الأيام بالطبع.. وتذكر أنني كنت أسافر عن طريق المواصلات..أو القطار لو تسنى الأمر..وكان بي صحة لأتحمل الوقوف ساعتين تقريبا.. برغم أنه كان لدي سيارة..ورثتها عن أبي.. سيارة فيات 132 خضراء اللون.. (أنا أتذكر الآن الكتاب الذي كنت أنوي كتابته..وكان عن سيارتي..وكان سيصدر بعنوان فيات 132 خضراء..كنتسأحكي فيه عن كل الأفلام التي كانت فيها هذه السيارة هي البطلة..حيثكانت عنوانا للأناقة في أواخر السعينيات..وحتى أواسط الثمانينيات..أين ذهبت هذه الأوراق..؟ لا أدري..ربما لم أكتبها أصلا قط.." لكن هذه السيارة لم تكن تصلح للسير على الطرقات السريعة..أو السفر..هذا ما كنت أعتقده.. حسنا..ربما كنت خائفا أكثر من اللازم.. أن تتعطل بي على الطريق..ولا أجد من يساعدني..وأظل هناك حتى يوم القيامة.. *-*-* كنت أقول أن اليوم هو أول أيام رمضان..وبالتالي يتحول الأمر لجحيم.. كل المغتربين أمثالي يودون العودة لأه