أطباء بلا حقوق 3 (ج1)

أطباء بلا حقوق – أوراق مجمعة
في الفترة من 1 يوليو 2010 وحتى 30 سبتمبر 2010

الجمعة: 17 سبتمبر 2010  - بعد الساعة الثالثة عصرا..

أشعر بتعب شديد للغاية..
نمت متأخرا بالأمس..قبل الفجر بقليل..
اليوم لم أستيقظ صباحا..وظللت نائما لوقت طويل  جدا..
فاتت صلاة الجمعة..وأتى إخوتي لزيارتنا بالمنزل..ولم أنزل للقائهن..
يسألنني عما بي..تسألني أمي..
أرد أنه لا شيء..
لا شيء..
أشعر أنه لا شيء..وأفكر أنه لا شيء..
أظل قليلا على هذا النحو..أقوم..أستيقظ أخيرا..
أجول في المنزل بلا هدف..أجلس على الكمبيوتر قليلا..
ثم ينايدينني للغذاء..
أنزل متثاقلا..ومن جديد..مابك؟
لا شيء..
لا شيء..
مجرد إنهيار داخلي بسيط..
وسيمر..

الأحد: 19 سبتمبر 2010 – في وقت ما من صباح ذلك اليوم..

على النقيض تماما من يوم الجمعة والأمس..
كأنما لمستني يد ساحر..
نشاط مفاجي يدب في أنحاء جسدي..ويوم رائع..
أتمنى أن يدوم هذا الاحساس..
*-*-*

العمل صباحا..أنهيه سريعا، لألحق بمناقشة حالة يشرف عليها د.فخر الاسلام..
حاولت أن أستوعب كل ما يقال..
تلقيت سؤالا أو تاثنين من د.فخر الاسلام..
كانا سؤالين مباغتين..أرتبك..وأحاول أن أستمر بالتركيز..
أنتهي من المحاضرة..وأعود إلى القسم..
بعض التوقيعات السريعة هنا وهناك..
ثم أمضي إلى النقابة..
*-*-*

هناك لقاء مع الزملاء في النقابة، بشأن العمل على عدة أشياء مختلفة..
تحدثنا كثيرا..ووزعنا بعض المهام علينا..
هناك استمارات وتوقيعات واتصالات يجب أن يتم إجراؤها..
في الساعة السابعة ينتهي الاجتماع..
يذهب الكل لحال سبيله..
وأقرر أن أتمشى قليلا..وحيدا كعادتي..
بالقرب من محطة المترو في السيدة زينب..أقرر أن أبدأ من هناك..
لا بد أن هذه المنطقة ستكون بالضرورة السيدة زينب..
أسير..وأسير..
أتأمل المحلات على جانبي الطريق..إعلانات المطاعم..أسماء مرشحي مجلس الشعب..
إعلانات عن أشياء أخرى أهملها..
أصل للمسجد الكبير..مآذن مرتفعة عالية..وقباب تزينها أضواء متناثرة..
أرمق الحافلات التي تتحرك في الشارع..أتحرك على غير هدى..
هنا..أبدأ الشعور بالألم..إرهاق شديد..وألم متصاعد من قدمي..
أبدأ البحث من جديد..هذه المرة أبحث عن محطة المترو..للعودة للمنزل..
أعتمد على حاسة الاتجاهات كعادتي، وأؤجل السؤال عن المحطة قليلا..
أصل لسور المترو الطويل..على الجانب تتواجد بعض الأكشاك التي تبيع الكتب..
أصعد السلم أخيرا..وأدلف للمترو..ألقي نفسي على مقعد هناك..
دقائق..وسأصل للمنزل..
يا ألله..
ستكون هذه متعة ساحقة أن أخلع الحذاء هناك..!

*-*-*

في المنزل..بعد لحظات مؤلمة تتلوها لحظات سعادة بالغة..
إحساس شبيه بالنشوة..!!
أستمتع بالحرية في أصابع قدمي..
أجلس للمكتب..وأخرج الغذاء الذي ابتعته..
طبق مكرونة باللحم المفروم..لا أريد أن أفكر في ماهية هذا اللحم..
كلاب مفرومة..أو حمير..أرجو ألا يكون نوعا آخر مجهول الهوية..
مع ذلك المخللات التي ابتعتها معه ستضيف طعما متميزا..
أنهي الطعام..ثم أبحث عن شيء أفعله..
أمسك مجموعة قصصية لـ "يوسف إدريس"..أقرأ البعض..
قبل أن أنتقل لمراجعة بعض الموضوعات المتعلقة بحالة اليوم..
بعد قليل..أتثاءب..وأشعر بأن عيناي تنغلقان من تلقاء نفسهما..
أريد أن أنام بلا حدود..
الساعة الواحدة بعد منتصف الليل..

(تلك الأيام السعيدة التي كان من النادر أن أتجاوز في موعد النوم الساعة الثانية..)

أغسل أسناني..وأصلي..
ثم ألقي بنفسي على فراش الأحجار..
وأنام..
غدا يوم سعيد آخر..