المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٠

قسم الجراحة العامة - القسم الداخلي 2

23 – 7 - 2008 - 9:00 صباحا.. اليوم هو إجازة رسمية لنا.. لكن ليس هناك فارق كبير في الواقع.. اليوم إجازة..ومعنى ذلك أنني لن أذهب للمستشفى اليوم.. الحقيقة – مرة أخرى – أنه لا فارق.. لقد مر ثلاث وعشرون يوما..لم آت لهنا في أي منهم سوى ثلاث أو أربعة أيام.. الأمر سخيف حقا يا صديقي.. ثلاث وعشرون يوما..لم أمارس شيئا فيها أي شيء يتعلق بالطب تقريبا..اللهم إلا بعض الغيار على الجروح..وهي عملية ستمقت نفسك فور إنتهاؤك منها.. دوامات متتابعة من الظروف العائلية تمنعني من الحضور أساسا.. فما بالك بالانتظار.. ظروف الأسرة..والضغط علي من قبلها..تمنعني من التفكير بشكل سليم.. أحيانا تمنعني من التفكير أساسا.. ربما هي صدفة أن تكون هذه المشاعر لدي في هذا القسم بالذات..في هذا الوقت بالذات.. ربما هي ترسبات ما..باقية من ذكريات قديمة.. فليكن.. باق لي سبعة أيام هنا.. سنأخذ بعضها أجازة.. ويمر بعضها.. حتى تنتهي هذه الأيام الكئيبة..

قسم الجراحة العامة - القسم الداخلي 1

7 – 7 - 2008 - 9:30 صباحا.. الجراحة.. وذكريات السنة النهائية في الكلية.. الذكريات التي لا أحمل لها ودا كبيرا حقيقة.. ذكريات..تستدعي ذكريات أخرى عن الهزة النفسية الساحقة التي ظللت تحت وطأتها طويلا.. قسم الجراحة..واليوم السابع في حضوري هنا..الذي من المفترض أن يكون اليوم..من المفترض أن أكون هنا من الساعة الثامنة مساءا حتى الثامنة صباحا.. لكن هذا لم يحدث حتى الآن..! هذا هو اليوم السابع كما أقول لك يا صديقي..!! بالرغم من عشقي لأيام السهر هذه في المستشفى..لكن نطرا لظروف استثنائية أعيشها هذه الأيام في المستشفى..ولأن لا أحد من الأصدقاء معي..لذلك أنا أحيا هذه الأيام حياة الفراغ هذه.. أحيانا أفكر في الصعود لمبنى العيادات..عيادة النفسية بالذات..لكن..لا أدري.. ربما هو الاحساس المزمن بالغربة..والانطواء.. أو الاحساس باللاجدوى..!! المشكلة أن الوقت يمضي.. يمضي بسرعة مخيفة.. لم يعد لدي إلا بضعة شهور.. وبعدها..

قسم الباطنة العامة - متفرقات 4

( العاشر من رمضان – مستشفى خاص ) 29 – 6 – 2008 - 12:00 ظهرا.. اللعنه.. أي جنون فعلت يافتى..؟! بأي تفكير عقيم اتخذت هذا القرار..؟! أي تهور..أي اندفاع..أي..أي جنون..؟! أن أذهب لأقوم بتحمل مسؤولية نوبتجية في مستشفى خاص..أليس هذا جنونا..؟! في هذه الظروف..وبعد سهر ليلة بأكملها..وعمل مضن..وإرهاق يشمل خلايا جسدي كلها.. يتصل بي أحد الأصدقاء..يعرض علي الذهاب للعمل بدلا منه لتلك الليلة فقط.. في السابق..وحين كنت أتمتع بكامل قواي العقلية..لم أكن معترضا على العمل أثناء سنة الامتياز..بل كنت رافضا لفكرة العمل من الأساس.. بأي حق أتحمل مسؤولية كهذه.. قانونيا..وطبيا..أنا لا أحمل أي مؤهلات تجعلني أتحمل هذه المسؤولية.. مالذي غيرني في تلك اللحظة.. مالذي جعلني أتخذ قرارا ثوريا مثل ذلك.. لا أعرف يا صديقي.. حقا لا أعرف.. ربما أنني أردت أن أثبت لصديقي هذا وقبل أي أحد آخر..أنني بإمكاني أن أفعل هذا..وأنه كان - يجب أن يلجأ إلي قبل أي أحد آخر.. أي غرور لعين هذا يا أحمق..! ربما لأنها تجربة جديدة تماما..فلماذا لا أفعلها إذن..لماذا لا أضع نفسي في هذا التحدي..لماذا لا أواجه ذلك الخوف المسيطر في داخلي..

قسم الباطنة العامة - متفرقات 3

( مستشفى الطواريء – الاستقبال ) 24 – 6 – 2008 - 7:00 صباحا.. بعد ليلة سهر طويلة ..دخلت إلى الاستقبال تستند إلى أمها وأختها.. عيناها تنطقان بألم صامت..وتنطبق شفتاها على آهة خافتة.. كانت فتاة صغيرة..رقيقة للغاية..هشة إلى أقصى درجة.. لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها بعد.. حقيقة..لم أجرؤ أن ألمسها..خفت عليها من قسوة يدي..! كنت أشعر نحوها بشعور غريب..مزيج من حنو وشفقة مفرطة..حين أرى جسدها الضئيل يرتجف..يرتجف معه قلبي..أحاول أن أطمئنه قبل أن أطمنئها هي..! جرت بضعة محاولات لمعرفة التشخيص الصحيح.. في النهاية..كتب نائب الجراحة..اشتباه التهاب في الزائدة الدودية.. لابد أن تدخل لقسمم الجراحة..تحت الملاحظة.. رباه..هي مازالت صغيرة لهذا.. على كل حال..هاقد عرفت إلى أين ستمضي.. *-*-* في الرابعة عصرا..كنت في المستشفى.. ذهبت لأتفقدها.. كنت أريد أن أراها بشدة..لا أدري لأي سبب.. فقط أنا أحكي لك ماحدث يا صديقي.. عندما صعدت..ورأيتها..ألقيت نظرة خاطفة على ملفها الطبي.. كان صدمة بالنسبة لي.. لقد تعقد الأمر زيادة عن اللازم .. هي لم تكن تعاني من الزائدة الدودية.. بل من شيء آخر.. لا بأس..لا بأس ياصغيرتي..

قسم الباطنة العامة - متفرقات 2

( ساحة الانتظار – أمام مستشفى الجراحة ) 22 -6 – 2008 - 1:45 بعد منتصف الليل.. المفترض أن توزيعي الآن في القسم الداخلي بالباطنة العامة.. المفترض كذلك أن توزيعي في فترة العمل الصباحية..أي من الساعة الثامنة صباحا..إلى الساعة الثانية ظهرا.. السؤال المنطقي الآن..ماذا أفعل هنا إذن.. والإجابة المنطقية تنقسم لعدة أجزاء.. أولا..أنني أعاني البطالة في الأيام الأخيرة..والأيام القادمة لن تختلف كثيرا..شيء يذكرني ببداية الامتياز في قسم النساء والتوليد..لذلك أحاول قضاء بعض الوقت في مستشفى الاستقبال حيث يقضي الأصدقاء هناك نوبتجيتهم في قسم الطواريء..لكن للحظ السيء , لايوجد أحد منهم هنا الآن.. الأمر الآخر..هو مللي من وجودي بالمنزل..حيث لاعمل لي هناك أيضا..وحيث أن هذه هي الوسيلة الوحيدة – ربما – للبعد عن الخلافات بيني وبين من هناك.. ربما هو السبب الأخير أساسا.. رغبتي أن أكون هنا..في هذا الوقت..في هذا المكان..وسط هذا الجو الموحي.. والاحساس بهذا الشعور الممض..أن هذه الأيام تمضي..ولاسبيل لتعويضها أبدا.. وربما يكون كل هذا ناتج عن تأثير القهوة التي تسبح الآن في دمي..وتجعلني أجلس هنا وسط الظلام المح

قسم الباطنة العامة - متفرقات 1

( بنك الدم ) 14 -6 – 2008 - 12:00 ظهرا.. عودة إلى حياة الفراغ من جديد.. حسنا.. أنا لا أعرف ماهي الحكمة من تواجد أطباء الامتياز لمدة عشرة أيام كاملة في بنك الدم.. ويقومون بالتبديل في الحضور كل ثلاثة أيام , ليكون العمل عليهم في ثلاثة نوبتجيات مختلفة.. لا أعرف أي فائدة نجنيها نحن..أو يجنيها القسم..أو يجنيها المرضى من تواجدنا هنا.. ماذا سنستفيد..وبماذا سنفيد.. ماذا سنتعلم إذن.. تركيب قربة الدم..؟! هل ذلك على أساس أنني سأقوم بفتح عيادة أستقبل فيها متبرعي الدم..وأقوم فيها باختبارات التوافق..ومعرفة الفصائل المختلفة للدم..وإجراء اختبارات الفيروسات السريعة كذلك..؟ نعم..وربما أعمل فيما بعد في هذا المجال..أحمل علبة المواد الخاصة بالتوافق , وبعض قرب التبرعات..وأبحث عمن يريد معرفة فصيلة دمه , أو التبرع ببعض الدم على أي رصيف.. وربما " تلعب البلية معي "..وأفتتح بنكا خاصا بالتبرع بالدم..!! حقيقة ستصبح قصة كفاح رائعة..!! ربما يهدفون هنا إلى تنمية مهارات التواصل مع الإخوة الممرضين والممرضات وفنيي المعامل.. أعتقد أن الفائدة الوحيدة لي هنا هي في حالة تعرض أحد المتبرعين للصدمة..أ

قسم الباطنة العامة - عناية القيء الدموي 5

10 – 6 – 2008 – 12:40 ظهرا.. يأبى اليوم الأخير أن يمر إلا بحدوث سخافة من قبل التمريض.. لقد تعودت أن أتجاهل هذه المواقف في حديثي.. لو التفتنا إليها لما صنعنا شيئا آخر.. هو شيء متوقع على أي حال من فئة هي في رأيي الحلقة الأضعف في النظام الطبي في مصر.. فئة غير مؤهلة , غير مثقفة , غير واعية , وغير مهتمة من الأساس.. الأغلبية على وجه التحديد.. على أي حال..لقد ألقى هذا الأمر بظلاله على الفئات الأخرى في ذات الحلقة..أبرزهم بطبيعة الحال الأطباء.. الذين من المفترض فيهم أن يكون إدراكهم بحالهم ومستواهم الاجتماعي أفضل كثيرا من الآن.. لا بأس.. إنه حال مجتمع بأكمله..ومن الطبيعي أن ينحدر الجميع إلى هذا المستوى المنحط..إلا بالطبع قلة معينة لاتزال تؤمن برسالة مقدسة.. مرة أخرى..لا بأس.. إنه اليوم الأخير هنا على أي حال.. وربما لا نعود مرة أخرى..

قسم الباطنة العامة - عناية القيء الدموي 4

9 – 6 – 2008 – 11:50 صباحا.. كنت قد أخذت على فكرة الموت..وتقبلت ما يثيره في نفسي من مشاعر الرهبة.. كنت قد أخذت على تجاهله..واعتباره زميلا - كما يقال - يمارس عمله كالآخرين.. كنت أظن ذلك.. لكنني كنت مخطئا.. هاهو يضرب مشاعري بقوة..بسخرية مقيتة.. يقول هاأنذا يا فتى.. لنمرح قليلا.. في هذا الصباح..أبى أن يمضي إلا وأن يأخذ معه أحد مرضاي.. نعم يا صديقي..مرضاي.. ماذا تسمي رجلا يرقد على سرير..أقوم بفحص علاماته الحيوية..أسحب منه عينات للتحليل.. أحضر له أكياس الدم لتعويض مايفقده.. أحدثه..أعرف أنه من مدينة قريبة تذكرني بذكريات الحياة القديمة.. حتى ملامحه..أرى فيها بعضا من صورة أبي..رحمه الله.. لقد مات مريضي.. ذهبت روحه إلى العالم اللانهائي.. مات مريضي.. ولم يعد في امكاني أن أفعل شيئا.. سوى الدعاء بالرحمة..