المشاركات

عرض المشاركات من 2013

مشتول السوق..وحدة المنير..1

مشتول السوق.. الوحدة الصحية بقرية "المنير".. 21 – 4 – 2009  -  12:15 ظهرا.. لا بد أنني أحيا في كابوس مرة أخرى..!! لكن لا..بالتأكيد لا.. الكوابيس مهما وصلت لمراحل الخيال المبهمة..لن تكون أبدا بهذه البشاعة.. أفق أرجوك ياصديقي.. أفق.. وانج بنفسك..!! *-*-* هالالويا.. هذه هي الوحدة الصحية يافتى.. شقة سكنية..في مبنى لا يختلف كثيرا عن ذلك المبنى البشع الذي يقطن فيه مكتب الصحة.. ربما يكون كثر قدما بعض الشيء.. لكنه هو..بذات بشاعته وخلوه من أي ذوق فني..بضيق شارعه..بعشوائيته.. هو بعينه بغباوته.. لكن الخبر المفرح هنا.. مسجد صغير..زاوية بمعنى أصح..في الدور الأرضي في مدخل المبنى.. هالالويا.. لقد خسرت الدنيا..وفزت بآخرتك فيما يبدو ياصديقي.. *-*-* الصعود عملية صعبة في حياة أي انسان.. وخاصة ذلك الانسان الذي يصعد سلما في طريقه لوحدة صحية.. تظل تصعد..وتصعد.. الصعود هنا مختلف عن "الارتقاء"..الذي يأتي تصريفا كمصدر لكلمة "رقي".. السلم الضيق الذي لايقل بشاعة عن المدخل.. ومكتب حكومي الخاص بالتأمين أو المعاشات أو الضرائب أو أي شيء لعين آخر تملكه الحك

التكليف..الإدارة..7

   مشتول السوق.. في الطريق إلى وحدة "المنير".. 21 – 4 – 20019  -  11:00 صباحا.. بعد انتهاء مقابلتي مع مدير الإدارة لم أفهم جديا مالذي حدث.. تحول الرجل فجأة لشخص آخر..غير ذلك الذي كان يعدني بالجنة ونعيمها.. قال لي في صرامة: كفاية دلع بقى يادكتور..انت اتدلعت كتير..وجه وقت الشغل.. ثم أردف قائلا: هتروح وحدة "المُنيَّر".."بضم الميم وتشديد الياء..وإن كان أهلها ينطقونها بكسر الميم أيضا"..وحدة جديدة ونضيفة..وهاتدلع هناك برضه..! لم أفهم الحقيقة أي أنواع الدلع تلك التي يتمنن بها علي.. لم أطلبها..ولم أنلها أصلا.. يبدو أن هناك مفهوما آخر للمعاملة هنا.. خرجت من الإدارة..وبشكل أعجز عن فهمه مرة أخرى..قررت أن أذهب لهذه الوحدة.. ربما أجد سبيلا للفهم هناك.. *-*-* بلدة أخرى من تلك البلدان التي تحركت على طريق شبه الحداثة-العشوائية.. عبرت من كونها عزبة إلى قرية ولم تصل بعد إلى مفهوم البلدة.. لن أجد بها مطعما..وإن كنت ساجد بها محلا لبيع الطعام الجاهز البسيط..فول وطعمية وباذنجان مخلل.. بالتأكيد لن أجد فيها فرعا من فروع حاتي "محل كباب وكفتة" مثلا..أو

التكليف..الإدارة..6

مشتول السوق.. مكتب الصحة.. 21 – 4 – 2009   -  10:00 صباحا.. عندما وصلت المدينة/القرية..لم أكن أتوقع شيئا جديدا.. سأصعد..سأجلس في ضوء الشمس قليلا..في الشرفة..سأقرأ بعض الشيء في الكتاب بين يدي.. سألقي نظرة لا مبالية على الذين يجلسون أيضا بلا عمل فعلي.. حاولت في اليوم السابق..واليوم الذي يسبقه..والذي يسبقه..أن أتواصل مع الطبيب الذي هنا.. في غرفة جانبية ضيقة نسبية..تقع غرفة الكشف الرئيسية.. الذين يأتون غالبا..أمهات..من المدينة/القرية..بأطفال بؤساء..يلتحفون بأي شيء كما اتفق.. ربما لصرف علبة مضاد حيوي..أو أقراص للديدان.. أو أي شيء يستنفعون به من خلف الحكومة –مصاصة الدماء- مقابل الجنيه.. في ذلك الوقت..كان مابداخلي اتجاه هؤلاء أنهم مجموعات من الجهلة..لابأس من الاشفاق عليهم.. وإعطائهم مايستحقونه..مع الكثير من الاشمئزاز من الانحدار الذي وصلنا إليه..لدرجة "استخسار" الجنيه.. وقبولهم بأي شيء مقابله.. كنت أحملهم المسؤولية كاملة.. أقول كنت.. لأن بعد هذا بوقت طويل..سأجتهد لأفهم أن هؤلاء القطعان الضالة من البشر..ليسوا مسؤولين عن تردي أوضاعهم بهذا الشكل.. على الأقل..ليسوا م

عودة جديدة..

عودة مرة أخرى..حيث التوقف الذي دام شهر ونيف.. بسبب الانشغال التام في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء.. والتي اكتسح فيها تيار الاستقلال أغلب النقابات الفرعية.. والنقابة العامة.. الانتخابات التي غيرت وجه النقابة للأبد.. ووجه مصر أيضا.. التاريخ الذي لاينسى: تاريخ تحرير نقابة الأطباء من قبضة الاخوان الدنيئة.. الجمعة..13 ديسمبر..2013.. مبروك لكل أصدقائنا وزملائنا.. وكل مناضل شريف.. وليعينهم الله على هذا الإرث الثقيل..

التكليف..الإدارة..5

مكتب الصحة.. 11 – 4 – 2009  -  11:30 صباحا.. أتى السيد فلان أخيرا.. السيد فلان الذي كان من المفترض أن أقابله منذ يوم الأربعاء.. ثم أتى يوم الخميس..ولم أتحرك فيه من المنزل..ويوم الجمعة..الذي شابه يوم الخميس بلا زيادة أو نقصان سوى أدائي الصلاة بالجامع المجاور للمنزل..والاستماع للهراء المعتاد من خطيبه المفوه.. ثم اليوم..الذي هو يوم عيد.. وصلت في الصباح..في العاشرة تقريبا..سلمت الرجل الورقة..وكتب هو اسمي بدفتر الحضور والانصراف..بعد هراء من نوعية.."كنت فين يادكتور.." و "كان لازم تستلم من يوم الأربعاء اللي فات.."..إلخ.. ثم توقيعي اللطيف بالحضور.. ياه..أخيرا.. لنبدا العمل إذن.. فالوطن لم يعد يحتمل أي تأخير ياصديقي.. *-*-* عندما وصلت الساعة الحادية عشرة والنصف..وانا لم أفعل أي شيء بعد.. بدأت أشك في وجود مؤامرة ما.. في البداية..يقذفونني في هذه البقعة النائية من المحافظة.. ثم يرفضون تحويلي لأي مكان آخر قريب من منزلي.. يقولون لي أنت فداء الوطن.. ثم آتي إلى هنا..ولا أفعل شيئا سوى الجلوس في الشرفة المشمسة.. وأتبادل في بعض الأحيان بعض الحديث الودي الظريف مع

التكليف..الإدارة..4

مشتول السوق.. مكتب الصحة.. 8 –  4 –  2009  - 12:00 ظهرا.. لم يأت السيد فلان.. أصبح المكتب شبه خاو..إلا من ممرضة ممتلئة أو اثنتين.. تتحدثان فيما بينهما..بينما تعبث واحدة منهما في ميزان الأطفال الموضوع أمامها.. لم يدلف طوال اليوم إلى هذا المكان سوى بعض السيدات مصطحبات بعض الأطفال.. فهمت أن أغلب العاملين في المكان..تمريض..وما يدعونهن بـ "رائدات ريفيات"..كلهن مشاركات في الحملة.. فهمت أنهن يخرجن حاملات الطعوم في الحاويات العازلة المخصصة لذلك.. يدرن في شوارع المدينة..وفق الخريطة المعلقة بالإدارة الصحية..ويعطينها للأطفال.. لا أدري إن كان معهم طبيب أم لا.. أنا لم أسأل بالمناسبة عن أي أطباء يعملون هنا.. لا أدري لماذا.. جلست مستكينا صامتا.. وفي أثناء جلستي..أتى ذلك الطبيب الذي كان يجلس في مكتب مدير الإدارة.. قام بالسلام علي..ثم جلس بجواري.. سألني بلهجة عابرة عن دفعتي..وتاريخ التخرج.. ومرة أخرى السؤال الذي لم أفهمه: إيه اللي جابك من الزقازيق لهنا..؟! طبعا رددت عليه ردود متحفظة مهذبة.. طبيعتي الشخصية تمنعني من التباسط مع شخص مجهول..أو شخص مألوف حتى..إلا بصعوبة بالغة.

التكليف..الإدارة..3

مشتول السوق.. مكتب الصحة.. 8 – 4 – 2009  -  10:00 صباحا.. أتوقف بسيارتي المتهالكة -التي ورثتها عن أبي- أسفل عمارة متوسطة الارتفاع..بنيت حديثا.. ألمح يافطة صغيرة الحجم عن "مكتب الصحة – إدارة مشتول السوق" معلقة في الشرفة الثانية من المبنى.. أرمق ماحولي بنصف اهتمام.. استوديو التصوير..المواجه لمدخل المبنى.. بصور الفتيات اللاتي يمثلن السعادة..بين أيدي أزواجهن اللائي يمثلن الاهتمام.. أرمق الوجوه المكبرة والتي تنظر لي.. بعضها بشفقة..بعضها بسخرية..بعضها يشيح بنظره بعيدا.. هناك من كان يرمقني بنظرة غاضبة..لا أدري لم.. قلت له في سري..أنا آسف..ليس هذا ذنبي حقا.. أنا هنا في خدمة الوطن..!! *-*-* عندما دلفت من الباب..واجهتني لوحة ورقة كبيرة..عن معدلات الانتشار..والوفيات..والمواليد.. ولوحة أخرى عن أم تقوم لإرضاع ابنها..مع تعليمات بكيفية الرضاعة.. ولوحة ثالثة تتحدث عن أشياء لا أفهمها ولا أعيها.. شغل "فاخر" للغاية.. يليق بالنظرية الشهيرة.. أهم من الشغل..تظبيط الشغل..!! *-*-* أبحث عمن يقبل أن يتسلم الورقة التي بها أمر استعبادي هنا.. تشير إلى الممرضة الممتلئة

التكليف - الإدارة..2

مشتول السوق.. الإدارة الصحية.. 7- 4 – 2009   -  11:30 صباحا.. دلفت إلى مبنى الإدارة.. مبنى حكومي متهالك..من دورين.. بلون أصفر كئيب مترب.. تجد فيه أسلاك متهدلة في كل مكان..لمبات محترقة..أو مكسورة أو متدلية..مكاتب مكدسة في غرف ضيقة سيئة التهوية والإنارة.. ربما تجد مروحة هنا أو هناك..ولوحة معلقة هنا أو هناك.. صورة رئيس الجمهورية تجدها فوقك غالبا..أينما نظرت في أي من هذه المكاتب.. على الممر الداخلي للمبنى..وعلى السلالم..تجد لوحات معلقة..عليها اعلانات ما..وحملات توعية ما.. قديمة قدم المبنى نفسه.. أخرجت الورقة المشؤومة إياها من الملف..ووضعتها في وجه أول من قابلني.. أشار إلى مكتب في آخر الطرقة.. مكتب مدير الإدارة.. *-*-* دلفت للمكتب..ضيق إلى حد ما..ليس مبهرجا بشكل كاف..المكتب الخشبي يحتل ثلثه تقريبا..ومقاعد جلدية..وكنبة كبيرة..تحتل الفراغ المتبقي.. وطبعا الصورة الشهيرة لرئيس الجمهورية.. الرجل الجالس خلف المكتب كان يرتدي سترة ذات عنق مرتفع..كحلية اللون..وجاكت رمادي.. يليق بشعره الأشيب.. كان يتحدث مع شخص آخر أمامه..ربما موظف ما..لابد أنه كان كذلك..بشاربه الصغير السخيف.. وا

التكليف - الإدارة..1

الزقازيق.. في الطريق إلى مشتول السوق.. 7 – 4 – 2009  -  10:00  صباحا.. خرجت من بيتي صباحا.. قررت أن أذهب بطريق المواصلات.. وهي عادة لدي..برغم وجود سيارة معي..وهي سيارة قديمة الحقيقة..لكنها تؤدي الغرض.. أذهب في البداية عن طريق المواصلات..لأعرف الطريق بالتحديد..ثم أذهب فيما بعد بالسيارة.. الموقف يقع ضمن مجمع مواقف بجوار الجامعة..ليس بعيدا عن بيتي..ولذلك ذهبت إليه مشيا على الأقدام.. سألت على سيارات مشتول هذه..أخبرني أولاد الحلال –وما أكثرهم- بأن الميكروباصات التي "تقلع" من الموقف باتجاه المدينة..في آخره..لكنني من الممكن أن أنتظر هنا..وأركب في حافلة ميني باص..وهو أمر أكثر راحة الحقيقة.. لم أكذب خبرا.. أنا أساسا لا أريد أن أتحرك من مكاني..فما بالك بالذهاب لآخر الموقف..؟! *-*-* أخيرا..أتت السيارة بعد الانتظار الذي لم يطل.. حظي حسن..قالها أحد أولاد الحلال..الذين يتكاثرون هنا بضراوة..لم يتأخر الميني باص.. ولم يكن مزدحما.. ركبت في مقعد ليس بعيدا عن السائق..وبجوار النافذة..لأرقب الطريق.. فهمت أنه ينتظر هنا قليلا..ليقوم بتحميل بعض الركاب.. وأردت أن أسلي نفسي..فأخ

الزقازيق..مديرية الصحة..10

الزقازيق.. مديرية الصحة.. الفترة من 1 – 3 – 2009 إلى 7 –  4 –  2009.. "كلمات مجمعة لعدم وجود سجل دقيق لهذه الأيام" على نصف ورقة بيضاء.. كتب الآتي: السيد الدكتور..مدير الادارة الصحية بـ مشتول السوق.. بعد التحية.. قادم لسيادتكم السيد الدكتور/ احمد صلاح الدين موسى..للعمل طرفكم بوظيفة/ طبيب ريف..اعتبارا من: 7/ 4/2010.. الفئة: الثالثة..التخصص: "كلمة غير واضحة..أعتقد أنها غير متخصص".. ثم بعض الجمل الأخرى التي أعتقد أنها تكملة فقط للمأساة.. توقيع..ثم توقيع آخر..ثم ختم النسر الشهير.. سبق ذلك تسليمي لملفي..ومراجعته من قبل الموظفة المختصة.. ثم سلمتني ورقة نصفية –غير تلك- عليها أمر تسليم لإدارة الرعاية الأساسية في المديرية.. وعندما ذهبت إلى هناك..أعطوني الجواب الأخير الذي حدثتك عنه الأعلى.. في كل خطوة كنت أخطوها..كنت أتسلم ورقة ممهورة بعدة توقيعات..وختم النسر الأعظم..كنت أقوم بتصوير نسختين من هذه الورقة.. لا تدري ياصديقي..ماستأتي به الأيام.. قد يحتاجها موظف ما..يجلس على مكتب ما..في إدارة ما..وقد تنتهي حياتك قبل أن تستطيع أن تستخرجها من أطنان الملفات و

الزقازيق..مديرية الصحة..9

الزقازيق.. مديرية الصحة.. الفترة من 1 – 3 – 2009 إلى 7 –  4 –  2009.. "كلمات مجمعة لعدم وجود سجل دقيق لهذه الأيام" كنت هناك في الثالثة..أي قبل الموعد بثلاثين دقيقة تقريبا.. وأرجوك..أرجوك بصدق..لو كنت قد قرأت أي شيء يتعلق بالحداثة أو التقدم..فأرجوك مرة أخرى أن تسامحني.. حين وصلت..كان الأمر أشبه بسوق يجتمع فيه من يريد البيع والشراء.. كثيرون مثلي ممن صدقوا أسطورة الموعد المحدد..واقفين بملفات..وأوراق..وبصبر قارب النفاذ..منتظرين..حائرين بشدة..عن موعد البداية أو النهاية.. بداية المطاف كانت بملف هي الأخرى..ثم من موظف..لطبيب الاستقبال..ثم لموظف..ثم لموظف آخر..ثم تصوير بعض الأوراق..ثم العودة..ثم دمغات..والمزيد من الدمغات.. ثم طبيب الجراحة..الذي سألني على سبيل العجلة.."هل هناك أي عمليات سابقة..؟" ولم ينتظر حتى سماع الاجابة..فطلب مني كشف بطني –واقفا- ثم أنهى الأمر سريعا بامضائه.."هالالويا..إنها سليمة..إنها سليمة.." ناول ملفي لطبيب العيون الذي بجواره على المكتب..الذي طلب مني خلع النظارة واستكشاف لوح العلامات أمامي.. طبعا لم أفقه منه شيئا لأنني لم أره

الزقازيق..مديرية الصحة..8

مديرية الصحة.. الفترة من 1 – 3 – 2009 إلى 7 –  4 –  2009.. "كلمات مجمعة لعدم وجود سجل دقيق لهذه الأيام" البداية..ملف ورقي حقير.. به أوراق منسوخة بشكل مزري.."الدولة لايهمها المظهر فيما يبدو" وهو جدير بالوظيفة التي أنت متقدم لها.. طبيب تكليف بوحدة صحية.. لكنه واجبك الوطني يافتى على أي حال.. الملف مليئ بأوراق أخرى.. أوراقك القديمة..شهادة الامتياز..شهادة التخرج..شهادة الاعفاء المؤقت "هذه شهادة كنت سأنال الشهادة الحقيقة في سبيلها"..شهادة إخلاء الطرف.. شهادة الحماقة..شهادة بأن كل تلك الشهادات هي شهادات حقيقة مشهود لها بالنزاهة....وكل شهاداتك الأخرى الحاصل عليها بجدارة منقطعة النظير.. ترقد تلك الشهادات بجوار أوراق أخرى لا تقل أهمية.. أوراق تتعلق بوضعك المادي في الدولة.. أوراق مصفوفة طوليا بخانات..ومستطيلات..ومربعات..ودوائر مختومة بختم النسر.. تجد فيها اقرارات متعددة..بالجنيهات والملاليم..!! صدق أو لاتصدق.. نعم..ملاليم..وهي نبوءة صادقة لما سيعبر عنه حالك فيما بعد..ودليل أن الحكومة القوية الوطنية لم تخدعك للحظة.. فقط..أنت كنت أغبى من أن تصدق

الزقازيق..مديرية الصحة..7

الزقازيق.. مديرية الصحة.. الفترة من 1 – 3 – 2009 إلى 7 –  4 –  2009.. "كلمات مجمعة لعدم وجود سجل دقيق لهذه الأيام" رفض التظلم.. وذلك بعد عدة أيام فقط.. نعم..العدالة تتحرك بقوة وصرامة ياصديقي..وسرعة غير عادية حين تتعلق بحقوق الوطن.. رفضنا تظلمك..وتظلم كثيرين غيرك.. وجه الرجل الصارم..على خلفية من أناشيد وطنية.. أنت مطلوب الآن لخدمة الوطن..على حدود محافظتك..لأن وزيرك الذي هو سيدك أيضا..قد أمر بتوزيعك بهذه الطريقة الخرقاء.. "نأسف لرفض التظلم..الرجاء المحاولة في وقت لاحق"..أو "حظ سعيد المرة القادمة.." فقط..ينقصها تلك السيدة اللطيفة ذات الصوت الأنثوي الممجوج البارد.. *-*-* لافائدة..علي أن أؤدي واجبي الوطني.. لاسبيل للهروب بأي شكل..لابد أن أعبر هذا المستنقع لأصل إلى حيث البر الآخر.. لابد من قضائي ستة أشهر هنا على الأقل..حتى يحق لي التقدم للنيابة..أو التكليف..أيهما أسرع.. ستة اشهر كاملة..عمل فعلي..وقد أضعت منها مايقرب من السبعة عشر يوما بلا فائدة..قضيتها في انتظار خيال محارب قتل في حرب بائسة".. لابأس..لنمر عبر الطريق.. لنمر عبر مام

الزقازيق..مديرية الصحة..5

مديرية الصحة.. الفترة من 1 – 3 – 2009 إلى 7 –  4 –  2009.. "كلمات مجمعة لعدم وجود سجل دقيق لهذه الأيام" مشتول السوق..!! اللعنة.. مشتول السوق..!! أي شيء هذا..أي اسم..وأي مكان..!! من أين أتى أساسا..وكيف كتبته..!! *-*-* هرعت إلى حيث احتفظت بنسخة من اختياراتي.. راجعتها سريعا.. الرغبة الخامسة.. يارب السماوات.. هل كنت واعيا حين كتب هذا الخيار.. هرعت مرة أخرى إلى حيث الخريطة.. مشتول..مشتول..مشتول.. أها..هاهي ذي..على حدود الشرقية القريبة من منطقة أبو زعبل..طريق مسطرد..! مالذي فعلته بنفسك يافتى.. مالذي فعلته بنفسك.. *-*-* لم يصدق كل الأصدقاء الذين أخبرتهم بالأمر..لم يصدق أي منهم النتيجة..أو ماذا فعلت.. لم يستطع أي منهم إيجاد حل لي..إلا واحدا.. التظلم..والسبب..التعلل بالمرض.. أنا سليم الحقيقة..لكن من الممكن التظلم لمرض أحد الوالدين..ربما يجدي هذا.. في تلك الفترة..كانت والدتي قد اكتشفت إصابتها بفيروس الكبد الوبائي "سي"..وقد مر على وفاة والدي ثلاث سنوات.. أي أنني المعني الوحيد بأمرها..وأنا وحيد..ليس لي إخوة ذكور.. قلت لنفسي ساخرا..لم لا.. أع

الزقازيق..مديرية الصحة..4

الزقازيق.. مديرية الصحة.. الفترة من 1 – 3 – 2009 إلى 7 –  4 –  2009.. "كلمات مجمعة لعدم وجود سجل دقيق لهذه الأيام" استمرارا لحالة الفراغ.. لاشي جديد في المدينة الفاضلة.. الحوادث المعتادة..المآسي المعتادة.. الحياة المعتادة.. *-*-* في هذه الأثناء..ذهبت لمقابلة الطبيب، مدير المستشفى الخاصة..في عيادته المسائية.. كنت قد قابلت الرجل سابقا..في أحد الأيام التي حضرت فيها في عيادة النفسية في الجامعة.. هو مدرس مساعد.. بشكل ما..لم يحز الرجل على إعجابي تماما.. هناك تلك النظرة الثعلبية التي لم أستسغها.. لابأس ياصديقي.. ليس مطلوبا مني أن أعجب به.. لن أتقرب منه كثيرا..سيكون بيننا العمل.. ولا شيء غيره..

الزقايق..مديرية الصحة..3

الزقازيق.. مديرية الصحة.. الفترة من 1 – 3 – 2009 إلى 7 –  4 –  2009.. "كلمات مجمعة لعدم وجود سجل دقيق لهذه الأيام" في هذه الأثناء..كن أتخير ماسيكون منفاي القادم.. جلبت بعض الخرائط لمحافظة الشرقية على جوجل.. وجلست أتمعن في شكل المراكز والمدن المحيطة بالزقازيق.. لابأس.. هناك مراكز قريبة للغاية..منيا القمح مثلا..أو بلبيس.. وهناك ماهو أبعد بعض الشيء..مثل الحسنية..وأولاد صقر.. لكن لانني استمعت لبعض الأصدقاء الأكبر سنا..بأن تقديري سيجلب لي وحد صحية أو مركز طب أسرة قريب للغاية من الزقازيق..فلم أكن مهتما بشدة..بوضع الاختيارات الصحيحية.. اهتممت فقط بالرغبات الثلاث الأولى..الزقازيق..منيا القمح..بلبيس.. ثم وضعت باقي الرغبات كيفما اتفق.. وعندما انتهت مراكز المحافظة..فكرت في أكثر المحافظات قربا.. الدقهلية..الاسماعيلية..وغرب القناة.. طبعا لم أضع القاهرة في الحسبان بأي حال من الأحوال.. ومرة أخرى لم أهتم.. وضعت الرغبات كيفما اتفق أيضا.. لم أكن أعلم أنني بذلك أصيغ بدايات المأساة.. التي سأعيش فيها مايقرب من سنة قادمة.. وأي مأساة ياصديقي.. أي مأساة..

الزقازيق..مديرية الصحة..2

الزقازيق.. مديرية الصحة.. الفترة من 1 – 3 – 2009 إلى 7 –  4 –  2009.. "كلمات مجمعة لعدم وجود سجل دقيق لهذه الأيام" يتحول الجلوس في المنزل إلى متعة في حد ذاته.. لاشيء سوى الاستلقاء مسترخيا أمام التلفاز..والتفكير بين الحين والآخر في تغيير القناة الموجودة حاليا.. في هذه الفترة..بدأت في التفكير جديا في العمل في إحدى المستشفيات الخاصة التي تتخصص بالطب النفسي.. نوع من التدريب بشكل أو بآخر..في التديرب فيما قررت أن أتخصص فيه مستقبلا.. وبعد أن أغلقت م.الجامعة أبوابها في وجهي.. وفي أنحاء الشرقية كلها..لا توجد سوى مستشفى وحيدة.. مستشفى على الطريق الزراعي خارج مدينة الزقازيق.. وبالصدفة..كان ثلاثة من الأصدقاء يعملان بها..منذ فترة الامتياز.. وقد حاول أحدهما أن يجعلني ألحق بهم..لولا أنني لم أفضل العمل في فترة الامتياز.. توفيرا للوقت في التعلم..وعدم تخطي القانون الذي يمنعني من الممارسة الطبية الحقيقية.. "نظرية مضحكة..أليس كذلك.." حتى الآن..لم يكن بوعي فعل أي شيء جديد.. سوى ممارسة ماكنت أفعله سابقا.. الكتابة..القراءة..مشاهدة التلفاز..التسكع في الشوارع..زيارة بعض

الزقازيق.. مديرية الصحة..1

الزقازيق.. مديرية الصحة.. الفترة من 1 – 3 – 2009 إلى 7 –  4 –  2009.. "كلمات مجمعة لعدم وجود سجل دقيق لهذه الأيام" فراغ هائل ذلك الذي أعيش فيه حاليا.. نحن دفعة محظوظة..يقولون لنا.. الدفعة التي تم تطبيق نظام التقديم الالكتروني عليها..بدلامن الملفات والأوراق اللعينة القديمة.. نقوم بفتح الموقع الذي خصصته الوزارة للتقديم..ونضع الاختيارات المتوالية التي سيحدد مصيرها المجموع الكلي الذي تحصلنا عليه خلال سنوات دراستنا.. هنا..ربما تشعر بالندم مرة أخرى.. المرة الأولى..حين تدرك أن مجموعك كله الذي لا يتجاوز الثمانين بالمائة..وأن تقديرك "جيد جدا مع مرتبة الشرف"..لايتيح لك فرصة حقيقة لأي وضع محترم.. والمرة الثانية..ساعة هذا التقديم.. ولأننا دفعة محظوظة..فقد تم وضع جزء من هذا النظام كالأتي.. أن يكون التنسيق على مستوى جمهورية مصر العربية..وليس حسب نطاقات التخرج..!! الأن..أنت تدرك المصيبة..أليس كذلك..؟ّ لا..؟! حقا..؟! انظر ياصديقي.. عدد من تخرج من جامعات مصر في هذه الدفعة العظيمة "2007" ما يقارب العشرة آلاف طبيب.. عدد الحاصلين على مجموع يقارب مجموعك أو

بداية جديدة أخرى..

بانتهاء مرحلة الامتياز.. تأذن ببداية مرحلة جديدة في حياتي كطبيب.. وإن كانت المرحلة السابقة قد أطلقت عليها مجازا: "الرقص على السلالم".. فهذه المرحلة الاسم الأقرب لها هو: "الجحيم" اسم بشع..يليق بجدارة بما عانيته في هذا الوقت.. إذن..ياصديقي العزيز.. هانحن ذا.. ذاهبون إلى "الجحيم"..

مستشفى الطواريء..32

مستشفى الطواريء.. الاستقبال.. 28 – 2 – 2009  -  8:00 صباحا.. أخرج من باب الاستقبال.. هذه آخر مرة لي هنا بالزي الرسمي.. أتوقف للحظات بالخارج..أتذكر.. يأتي عقلى بشريط زمني منذ اللحظات الأولى في سنة الامتياز.. البداية..                           قسم النساء والتوليد..التزاحم على دفتر الحضور..تعنت الموظف المصر على ارتدائنا المعطف الأبيض.. سخرية النواب..صرخات النساء اللاتي أوشكن على الولادة.. ضحكات الممرضات..ذلك الطبيب السخيف..تلك النائب التي تكرهها بلا سبب منطقي.. قسم الأمراض الباطنة.. وأملك أن يكون ذلك ماتريد.. حماسك..الذي تحول إلى رماد..بفعل فاعل..أو فاعلين.. المآسي التي كنت تعايشها يوميا..أكياس الدم التي تحملها ذهابا وإيابا.. سهرك الطويل..زملاؤك الأوغاد.. المرارة التي كانت ترتسم بداخلك.. والألم.. الألم ياصديقي..  والمرضى الفقراء الذين لايملكون شيئا.. قسم الجراحة.. أيام بغيضة..وبشاعة تتجاوز كل حد ممكن.. شعورك أنك لاتنتمي لهذا العالم.. أنك تريد الابتعاد.. وأنك محاصر.. هروبك المتكرر إلى مستشفى الحوادث..علك تجد ثمة مساعدة ما.. واحتماؤك من ن

مستشفى الطواريء..31

مستشفى الطواريء.. الاستقبال.. 28 – 2 – 2009  -  7:00 صباحا.. ولابأس من هدية صغيرة قبل الرحيل ياصديق.. شاب ثلاثيني..يأتي محولا من مستشفى خاص.. لاتنفس..لانبض..وجه مزرق تماما.. هذه هي المرة الأولى التي ترى فيها صورة الموت هذه.. ركضا ذهبت لغرفة عمليات الطواريء..أيقظت الطبيبة نائب الباطنة..التي استدعت نائب التخدير بدورها.. لكن..الحقيقة أن الأمر قد انتهى من قبل البداية أصلا.. لم يكن هناك أي أمل ياصديقي.. ولم يكن هناك مفر..من قبول الهدية الأخيرة..

مستشفى الطواريء..30

مستشفى الطواريء.. الاستقبال.. 28 – 2 – 2009  -  6:10 صباحا.. وقت شروق الشمس.. هذه لحظة رائعة أخرى..حين ترى الشمس من خلف إسدال أزرق خفيف.. كان معي صديق من الطلبة الأصغر سنا.. وقد عاد لمنزله الآن.. لذلك أتجه للشارع..أعتقد أنه قد حان الوقت لبعض الذكريات التي ستبقى معي للأبد.. أخرج هاتفي المحمول..وأبدأ في التقاط صور لكل شيء.. مبنى الاستقبال..مبنى الولادة..الساحة الواسعة..مبنى الجراحة.. الشوارع أمام المستشفى..المباني العالية المطلة عليها..الشجرة التي بدأت أوراقها –في غير موعدها- وأزهارها في التطاول.. أحاول أن أحتفظ بتلك الصورة النهائية لكل شيء.. فقط..أحاول.. ثم أعود إلى الداخل مرة أخرى..

مستشفى الطواريء..29

مستشفى الطواريء.. الاستقبال.. 28 – 2 – 2009  -  4:15 فجرا.. خرجت إلى حيث الساحة الواسعة أمام المستشفى.. هناك رذاذ متساقط من السماء.. لكن في نفس الوقت..لم تكن هناك البرودة القارسة التي تنخر العظام.. هذا جو غير معتاد.. هذا جو رائع الحقيقة.. وكأنما تذكرت السماء أننا مازلنا نحتفل بفصل الشتاء.. لكنه شتاء ليس بأي شتاء..!! أسير ببطء..أنظر للسماء عبر نظارة غطت عدساتها قطرات من المياه.. أتجه إلى حيث الحانوت الوحيد الذي يسهر حتى هذه اللحظة.. أقف هناك للحظات..أفكر أن أبتاع شيئا.. أعدل عن الفكرة.. ثم أعود أدراجي من حيث أتيت..

مستشفى الطواريء..28

مستشفى الطواريء.. الاستقبال.. 28 – 2 – 2009  -  12:40 بعد منتصف الليل.. هكذا تمضي الأمور هنا.. هكذا نكتب النهاية.. بعض الوقت الفارغ الذي يسمح لي بالمزيد من التأمل.. وكأنما اليوم يشاركني الشعور الممض بالانقضاء..فيأتي هادئا رتيبا.. أتأمل..أفكر.. ماذا عساي أن أكتب في اللحظات المتبقية..

مستشفى الطواريء..27

مستشفى الطواريء.. الاستقبال.. 28 – 2 – 2009  -  11:15 مساءً.. الأمور تمضي برتابة هنا.. ذات الحالات المرضية.. ذات الوجوه المتعبة السقيمة.. التي تريد الخلاص.. الآن..أنا وحيد هنا.. قد مضى زملائي..ولايوجد أحد من الطلبة الأصغر سنا.. لنكمل العد التنازلي ياصديقي.. فهذا هو ماتبقى لنا هنا..