التكليف - الإدارة..2

مشتول السوق..
الإدارة الصحية..
7- 4 – 2009   -  11:30 صباحا..
دلفت إلى مبنى الإدارة..
مبنى حكومي متهالك..من دورين..
بلون أصفر كئيب مترب..
تجد فيه أسلاك متهدلة في كل مكان..لمبات محترقة..أو مكسورة أو متدلية..مكاتب مكدسة في غرف ضيقة سيئة التهوية والإنارة..
ربما تجد مروحة هنا أو هناك..ولوحة معلقة هنا أو هناك..
صورة رئيس الجمهورية تجدها فوقك غالبا..أينما نظرت في أي من هذه المكاتب..
على الممر الداخلي للمبنى..وعلى السلالم..تجد لوحات معلقة..عليها اعلانات ما..وحملات توعية ما..
قديمة قدم المبنى نفسه..
أخرجت الورقة المشؤومة إياها من الملف..ووضعتها في وجه أول من قابلني..
أشار إلى مكتب في آخر الطرقة..
مكتب مدير الإدارة..
*-*-*
دلفت للمكتب..ضيق إلى حد ما..ليس مبهرجا بشكل كاف..المكتب الخشبي يحتل ثلثه تقريبا..ومقاعد جلدية..وكنبة كبيرة..تحتل الفراغ المتبقي..
وطبعا الصورة الشهيرة لرئيس الجمهورية..
الرجل الجالس خلف المكتب كان يرتدي سترة ذات عنق مرتفع..كحلية اللون..وجاكت رمادي..
يليق بشعره الأشيب..
كان يتحدث مع شخص آخر أمامه..ربما موظف ما..لابد أنه كان كذلك..بشاربه الصغير السخيف..
والبلوفر البني الفاقع الذي يرتديه..
تناول مني الرجل الورقة..نظر فيها مليا..
ثم نظر إلي..قال بنصف ابتسامة: من الزقازيق..وإيه اللي جابك عندنا..
(لم أفهم سر اندهاش الرجل..ولا سر الابتسامة الصفراء تلك إلا متأخرا للغاية)
أكمل الرجل: على العموم..هتستريح هنا عالآخر..هنوزعك على مكتب الصحة لغاية مالحملة تخلص..
ابتهجت أساريري..
الرجل يبدو بشوشا..ويعدني بالراحة والمتعة لديهم هنا في الادارة..أفلا يحق لي إذن البهجة..؟!
لم أكن أفهم طبعا عن أي مكتب صحة..وعن أي حملة يتحدث..
لكن يبدو أنها شيئا جيدا..لأنه سأل الرجل الجالس أمامه: مش كده برضه يا د.محمد..؟
أمن الرجل –الذي اتضح أنه طبيب..واسمه محمد- على كلام مدير الإدارة..وهز رأسه بحكمة..
عرفني الرجل به..د.محمد فكري..مدير المكتب الوقائي في الإدارة..
أهلا وسهلا..تشرفنا..
ناولني الرجل الورقة..وطلب مني التوجه فورا لمكتب الصحة ذاك..
حتى يتسنى لي استلام العمل..
خرجت من مكتب الرجل..شاعرا بالتفاؤل..
يبدو أن الأمور في سبيلها للتحسن بعض الشيئ..
*-*-*

في الطريق لمكتب الصحة..بعدما وصفه لي أولاد الحلال..
لم يكن بعيدا عن موقف سيارات الأجرة التي وصلت إليه سابقا..
يبدو ان هذه المدينة/القرية الكبيرة لا تتعد حدودها حول الموقف إلا دوائر محدودة للغاية..
لما وصلت قرب ذلك الموقف..أبطأت سيري قليلا..
نظرت للساعة..الثانية عشر والنصف ظهرا تقريبا..
أي أنه لم يعد هناك –متسع من الوقت- للذهاب هناك..وهي عادة أصيلة لدى الموظفين..بترك كل شيء قرب موعد الانصراف..الذي هو الثانية رسما..والثانية عشر فعليا..
بالاضافة لأنني أرهقت من كثرة المشي..والميني باص –يشبه الذي أتيت به- واقفا ينتظر ركابا ما..
والإغراء شديد ياصديقي..الإغراء شديد حقا..

لذلك قررت..أن أعود أدراجي لمنزلي..ثم غدا..أذهب للمكتب..
قلت لنفسي ساخرا..وأنا أرمق الميني باص الذي سأستقله:
ها أنذا أثبت لنفسي أنني موظف كفء..
بل ربما موظف مثالي كذلك..!!

تعليقات

  1. صديقى العزيز ... ألا تفكر فى تأليف رواية .... سردك للأحداث رائع ... أراجع المدونة يوميا لأقرأ جديدك .... تحياتى الدائمة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قسم الجراحة - حوادث 3

مستشفى العباسية..العيادات الخارجية..17

مستشفى الأطفال..8