المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, ٢٠١٦

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..5

القاهرة.. مستشفى العباسية.. وحدة السيدات المطورة.. الاثنين: 12 يوليو 2010  -  11:00 صباحا.. أتفرغ للكتابة..أخرج أوراقي..وأبدأ.. عما نتحدث اليوم يا صديقي..؟ *-*-* أذهب للقسم..أجلس..أنهي بعض النوت والمذكرات العلاجية..أكتب الأدوية المطلوبة..أراجع التحاليل.. تدخل إلي مريضة ما تسألني متى سترحل.. أتنهد..وأرد بابتسامة باهتة: عما قريب.. تكون هذه زينب..أو فاطمة..أو عبير..أو نجلاء..أو ماري..أو ليلى..أو عيدة..أو غيرهن.. السؤال يتردد دوما.. ودوما إجابة احدة: عما قريب.. *-*-* هناك تلك المريضة المسنة..فاطمة..تجاوزت الستين تقريبا.. لها رأس صغير..صلعاء إلا من بعض شعيرات باقية..وأذنين كبيرتين..إحداهما بهما قطع كبير في شحمة الأذن.. لها اليسرى فارغ من العين..وتعاني من نوبات صرعية متعددة..وتأخر عقلي.. منظرها مرعب..ومثير للشفقة.. كنت في البداية لا أستطيع التحديق إليها طويلا.. ثم تملكني الشعور الجارف ببؤس هذه السيدة.. تدخل مكتبي كل يوم صباحا مطالبة إياي بربع جنيه..لتشرب به الشاي.. أناولها الربع جنيه بدون مقاومة..تنظر إليه..ثم تمضي.. لا أعرف ماذا تفعل بكل هذه الأرباع.. ماري

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..4

القاهرة.. مستشفى العباسية.. وحدة السيدات المطورة.. السبت: 10 يوليو 2016  -  9:45 صباحا.. هناك شعور غامض بأن الحياة أفضل..والعالم يتحسن من حولي.. لا أدري ما السبب حقا.. لكن الشعور الالغريب بالنفور الذي لا أدري كنهه قد تحسن كثيرا.. *-*-* ما زالت الحياة كما هي..لم يتغير شيء.. ما زلت أستيقظ كل يوم صباحا..آتي لعملي.. أجلس بداخل القسم..أقابل المريات..أطمئن لأحوالهم..أكتب عنهم بعض المعلومات.. أكرر العلاج..أتحمل بعض السخافات..أتحمل بعض المضايقات.. لا زالت المريضات المسنات غالبا والمزمنات اللاتي لم يعد يسأل عنهن أحد في انتظار الموت.. ربما سيكون هذا هو التغيير الذي سيطرأ عليهن ويكون ذا جدوى.. حياة عادية مكررة.. لا أدري مالذي تغير حقا..لكنه شعور عام بالتحسن.. لا بأس.. لنتحاول أن نتجاوز عن الأمور البسيطة.. ولنحاول أن نتأقلم مع الظروف المحيطة.. الحياة أبسط من هذا.. فقط.. علي أن أتعلم كيف أحيا..

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..3

مستشفى العباسية.. وحدة السيدات المطورة.. الإثنين 5 يوليو 2010  -  10:00 صباحا.. لم آت لهنا بالأمس..لماذا..؟ لا أعرف.. واليوم أتيت..ولكن هناك من قام بالتشطيب على اسمي..لماذا..؟ لا أعرف.. لا بأس.. هذه حياة رائعة لموظف حكومي بائس بدرجة طبيب.. *-*-* أذهب للقسم مكفهر الوجه.. أجلس قليلا..أعبث في عدة أوراق.. تتطل علي وجه مريضة أو اثنتين.. لا توجد أي ارشادات لي حتى الآن عن كيفية العمل هنا.. يؤمنون فيما يبدو بنظرية الطفل يتعلم السباحة وحيدا.. فلنلقهم في البحر.. لكنهم ينسون أننا لسنا أطفال..وأن هذا ليس بحرا.. بل مستشفى..وأي قرار هنا قد يساوي حياة مريض أو أكثر.. لا يوجد نائب أكبر سنا أو أكثر حكمة..يخبرني أو يعلمني عما ينبغي فعله.. لا يوجد أي أحد.. *-*-* أشعر بالسأم من كل هذا.. فأخرج لأجلس في الخارج..في الحديقة المتاخمة للقسم.. يبهرني شكل المصابيح المعلقة على الجدران.. مصابيح صنعت على ذات الطراز القديم الذي يشكل جوهر المستشفى.. مصباح رباعي الأوجه..يتسع صعودا..وينتهي بقمة هرمية بأربعة أوجه..وقمة مدببة صغيرة..متصل بعامود رأسي عبر سلسلة متصلة ومتداخلة من أوراق وغصون متش

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..2

مستشفى العباسية.. وحدة السيدات المطورة.. السبت 3 يوليو 2010  -  12:00 ظهرا.. بعد السلام والتحيات والتعرفات الأولى.. تخبرني مديرة الوحدة أني سأكون في قسم 30 جديد.. لنذهب يا صديقي ونرى ما يمكن فعله هناك.. *-*-* قسم قديم..بوابة حديدية سوداء..مغلقة بقفل من الخارج.. قسم من تلك الأقسام من التي يرتفع سقفها لخمسة أمتار ارتفاعا..والسقف مغطى بألواح خشبية بلون بني فاتح..معلق به مراوح متعددة..وعلب لمبات مربعة الشكل..شبابيك القسم عليها قضبان حديدة.. السيراميك على الحوائط بلون أحمر داكن..مع لون وردي فاتح..والبلاط الذي يكسو الأرض يمتزج فيه البياض بالاصفرار بسواد بين مربعاته.. ألقي السلام..وأعرف الممرضة التي فتحت الباب بنفسي.. ترحب بي..وأدخل..تقودني لغرفة الطبيب..غرفة بجوار الباب مباشرة.. قبل أن أدخل ألقي نظرة على صالة فسيحة توجد بها عدة طاولات للطعام مخصصة للمريضات..وهناك مريضة تأكل طعامها..وبجوارها ممرضة تنهي بعض أعمال القسم.. أدخل لغرفتي..تعود الممرضة ومعها رئيسة التمريض بالقسم..: مس هيام.. ترحب بي هي الأخرى.. أنهض معها لتفقد القسم سريعا.. لم يختلف القسم عن تصوري.. صالات واسعة/

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..1

صورة
مستشفى العباسية.. وحدة السيدات المطورة.. السبت 3 يوليو 2010  -  10:00 صباحا.. في وحدة السيدات المطورة.. لأعرف أين سأقضي الستة أشهر القادمة.. *-*-*  وحدة السيدات المطورة هي الوحدة التي تضم عددا من الأقسام الأرضية..ومحاطة بذلك السور الذي تراه عند الدخول من البوابة الداخلية..بعد عبور بوابة المستشفى الخارجية على شارع صلاح سالم..                                           هناك سور عالي..يبلغ ارتفاعه الخمسة أمتار تقريبا..تمشي بجواره متجها لداخل المستشفى..وترى أنه واجهته الخارجية مقسمة عبر أعمدة بيضاء ذات تيجان..وفي المساحات بينها توجد جداريات..كانت مهيأة فيما يبدو لوضع لوحات أو رسمها..وأيضا باللون الأبيض..باقي السور قد دهن بلون يصعب وصفه في الحقيقة..لكنه أقرب للون الأخضر المخفف جدا.. يمتد السور لما يقرب من مائة متر..ثم ينحرف بك يمينا..يقطعه باب لقسم شؤون الأفراد.. ثم يستمر بعده بعشرة أمتار..ليأتي مدخل الوحدة.. مدخل مرتفع لثمانية أمتارتقريبا..يعلوه شرفة..وينقسم إلى ثلاث أقسام.. قسم أوسط..تتوسطه بوابة حديدة..تسمح بمرور الأشخاص والسيارات..ومدخلين جانبيين..مغلقين ببوابة

مستشفى العباسية..العيادت الخارجية..الأخيرة

القاهرة.. مستشفى العباسية..العيادت الخارجية.. الخميس 1 يوليو 2010  -  11:30 صباحا.. أرمق سقف الغرفة.. أدور بعيني مع المروحة في السقف.. لو أتيحت لنا الفرصة..لكتبت أجمل قصة عشق بيني وبين هذه العزيزة..!! *-*-* أنت تعرف السر يا صديقي.. أمر بتلك الأيام السيئة..يصل فيها عقلي للحضيض.. أشعر برغبة بالغة في الانعزال والبعد عن كل شيء.. والشعور اللعين..هناك شيء ما لا يسير على ما يرام.. هناك شيء ما خطأ.. شعور يقتل كل شيء بداخلي.. وتلك اللا مبالاة يا صديقي.. تلك اللا مبالاة.. *-*-* هناك ذلك الشعور بالاحباط.. لم أجد ما أصبو إليه بعد.. كل يوم أذهب للعيادة..أكرر تذاكر العلاج..ثم أذهب للمنزل.. أحيانا يكون هناك تغيير بسيط..لكن كل شيء يعود لطبيعته.. أود أن أدخل دائرة التعلم سريعا..أود أن يكون هناك من ياخذ بيدي..يساعدني.. هذا لم يحدث حتى الآن بصورة مرضية.. أنا لا أريد تكرار السيرة العطرة للتكليف.. لا أريد أن أنفق المزيد من عمري في هدره.. *-*-* أنا متغيب عن العمل منذ الأحد الماضي..كان آخر يوم في العمل.. سأعود لأخذ إجازة عارضة أو أي شيء..لا فارق.. أنهي بعض الأوراق المتعلقة ب