المشاركات

عرض المشاركات من مايو, ٢٠١٠

قسم الباطنة العامة - عناية عامة 7 مكرر

18 – 5 – 2008 – 5:25 فجرا.. الشعور بالذنب لا يفارقني.. منذ اللحظة الأولى , وحتى الآن.. حينما جاءت السيدة تطلب طبيبا ليرى مريضها..المستلقي في العناية المجاورة..كان لديه ألم في بطنه.. كنت أجلس وزميلي في غرفة العناية العامة نتحدث.. طلبت منا أن نراه..لكننا لم نتحرك.. لم أتحرك أنا..واكتفى زميلي بإشارته نحو غرفة الطبيب المقيم.. و لماذا لم أتحرك إذن.. ربما لأن هناك ذلك الشعور البغيض الذي يحاصرني هنا.. العجز.. حتى لو قمت إليه ,ورأيته..فليس في يدي شيء.. لا علم..لا خبرة..لا قرار.. العجز..فقط العجز.. ربما كنت لأزيد الأمور تعقيدا.. لكني أقول لنفسي..ربما استطعت عمل شيء ما..ربما كان هناك سبيل ما.. ربما ليكون هناك فرق ما.. فقط..لو قمت إليه ورأيته.. أعود أقول لنفسي..لو.. ماذا تعني كلمة لو.. لم يكن بيدي أي شيء.. كل ما كنت سأفعله..هو إضافة المزيد من العذاب..المزيد من الألم.. وربما المزيد من الندم.. أنا متأكد من شيء واحد.. لقد خشيت على نفسي..خفت من التدخل لشأن المريض فينقلب الأمر على رأسي.. خفت من الاحمرار الذي سيعلو وجهي.. ومن المهانة التي ستلحق بي على الملأ.. لهذا اكتفيت برؤيتها تمضي مبتعدة.. قالت بأن

قسم الباطنة العامة - عناية عامة 7

18 – 5 – 2008 – 2:50 بعد منتصف الليل.. لم تبدأ السهرة بداية عادية.. لحظة أن دخلت, وبمجرد ارتدائي البالطو..كان السرير الذي يحمل الجسد المغطى يخرج من الباب.. قلت لنفسي..لا بأس..شيء عادي.. تمتمت بالرحمة.. *-*-* نادتني زميلة من غرفة عناية مجاورة.. كانت هناك حالة بحاجة للمساعدة..رجل متقدم العمر..وقد توقف قلبه عن العمل.. نادتني للمشاركة في محاولة انعاشه.. كانت هذه أول مرة أقترب لهذا الحد.. لكني – وياللعجب – أبعدت مخاوفي بسرعة..وبدأت محاولة الإنقاذ.. ضغط على الصدر..تنفس بجهاز الأمبو.. ضغط..تنفس.. بالتبادل كنت أفعل هذا وذاك..وكنت لا أملك الأمل كالمعتاد.. في هذه اللحظة..ناديت الله.. قلت يارب..يارب.. لحظات قليلة..وفوجئت بعودة النبض..! كانت هذه هي المرة الأولى لي..أن أرى أحدا يعود.. لكن لم تستمر العودة طويلا للأسف..دقيقتين فحسب..ثم ذهب إلى حيث كان.. أحيانا أظن أن ما يفعلونه في السينما , حيث يتوقف قلب المريض..ومن ثم يحاول الأطباء انعاشه..فتحدث المعجزة..ويعود المريض.. لقد تولدت لدي قناعة مضادة..و أصبحت الآن أتمنى أن تحدث المعجزة..ولو مرة

قسم الباطنة العامة - عناية عامة 6

17 – 5 – 2008 – 4:15 فجرا.. هنا نتعلم شيئا مهما للغاية.. ربما أهم شيء على الإطلاق.. أننا ضعفاء للغاية.. وأننا لا نملك شيئا..إزاء القدر.. لا نملك إلا أن نحاول..حتى وإن كنا ندرك مسبقا معنى الهزيمة.. هنا نتعلم شيئا ثمينا للغاية.. ربما أثمن شيء على الإطلاق.. أننا لا نملك إلا أن نرقب المريض, وهو في طريقه للأبدية.. مأساة..لا نصدقها إلا حين نصل للنهاية.. ومعنا..كأطباء امتياز.. معي أنا بالذات..الأمر مضاعف.. نحن لا نملك شيئا مسبقا..نحن لا نملك أي مساعدة على الاطلاق.. ثم نشعر بهذا العجز.. كم هو مهين هذا الأمر.. كم هو مهين ومؤلم.. سأظل وقتا طويلا أتذكر وجهك ياسيدي.. هذا الوجه الهزيل.. هاتين العينين المحدقتين في الفراغ.. الأكثر ألما..أنه يدرك الحقيقة.. يشعر بها..يصدقها.. و يؤمن بها.. كان صامتا.. وظل صامتا.. ونظل نحن نرقبه..وهو يموت.. وهو يموت.. بلا أدنى أمل..