المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٦

أطباء بلا حقوق..2 (ج6)

"جماعة أطباء بلا حقوق - أوراق منسية" من 1 أبريل 2010 وحتى 30 يونيو 2010 القاهرة.. مستشفى العباسية..الخزينة.. الأحد: 23 مايو 2010 أخيرا يا صديقي..أخيرا..!! أوقع في كشف المرتبات أو الحوافز أو أيا كان الاسم.. أقوم بعد الأموال في يدي..أشعر بنعومة الأوراق..وبسعادة بالغة..!! *-*-* أخيرا صرفوا الحوافز المتأخرة من المستشفى.. في شهر مايو..يقومون بصرف الحوافز 300% عن الفترة من منتصف مارس وحتى نهاية أبريل..ومنذ عدة أيام..كنت ذهبت خصيصا إلى مدينة أبو حماد..لأصرف الشيك الذي صرفوه سابقا لي..ذهبت إلى أبو حماد لأن البنك الأهلي في الزقازيق رفض الصرف..لأنه موجه للبنك الأهلي في أبو حماد..!! المهم..أنني وبعد كل هذا الجفاف..أجد نفسي أحاول تنظيم حياتي بهذه المبالغ.. حوالي سبعمائة وخمسين جنيها..سأسدد منها ما يقارب السبعمائة جنيه كديون مستحقة..وأنتظر أن يكرمني الله بالمزيد..أو يصرفوا لي مستحقاتي الأخرى.. أنظر إلى النقود في جيبي..وأتذكر يوما كنت أجلس فيه مع صديق في القهوة تحت الشقة التي يقيم فيها في غمرة.. يومها كنا نحن الاثنين مفلسين تماما..طلب مني اقتراض ثلاثين جنيها..

أطباء بلا حقوق..2 (ج5)

"جماعة أطباء بلا حقوق - أوراق منسية" من 1 أبريل 2010 وحتى 30 يونيو 2010 الزقازيق.. الجمعة 14 مايو 2010: ضائقة مالية إثر أخرى.. مرتبات متأخرة..وحوافز متأخرة..ومصاريف لا تنقضي.. مصاريف لا تتجاوز التنقلات بالمواصلات العامة..وإصلاح سيارتي القديمة..وبعض المجاملات الاجتماعية.. لولا تلك المساعدات التي أتلقاها من أمي لما استطعت أن أعيش أبدا.. أحاول بقدر الإمكان أن أقلل من المصاريف..لكنني حقا لا أعرف كيف أستطيع أن أقلل أكثر من هذا.. وفي نفس الوقت أحاول أن أقلل بقدر الإمكان من النقود التي أقوم باستدانتها..سواء من حسابي الشحيح بالبنك..أو من أمي.. وضع معكوس قاتم.. الصورة العامة: طبيب في مقتبل حياته..يتبختر بشهادته..وهي لا تغني عنه شيئا.. ولا شيء من الممكن أن يصلح الأحوال يلوح في الأفق..  أسأل نفسي هذا وأنا شخص أعيش بشكل فردي تماما..أعيش مع أمي..وهي ليست بحاجة إلي..ولا أحد من إخوتي..لست مريضا بمرض مزمن..ولا أشارك تقريبا في مصاريف المنزل..ولست متزوجا.. ماذا إذن لو كنت قد تزوجت..؟ كيف كنت أستطيع أن أدفع كل هذا..؟ يا رب..فرج قريب.. يا رب..فرج قريب..

أطباء بلا حقوق..2 (ج4)

صورة
"جماعة أطباء بلا حقوق - أوراق منسية" من 1 أبريل 2010 وحتى 30 يونيو 2010 القاهرة.. مستشفى العباسية..العيادات الخارجية.. الخميس: 6 مايو 2010 مازلنا على الجبهة يا صديقي.. لقائي بمجموعة أطباء بلا حقوق يجعلني أشعر ببعض الثقة أن هناك شيئا ما يستحق هنا.. برغم كل التعب والانهاك الذي ألقاه في المستشفى.. أحيانا يتملكني الإحباط..أسأل نفسي: هل هذا هو الحلم الذي كنت أسعى إليه..؟ وأحيانا أخرى تملؤني الثقة..فأقول: بالتأكيد وقت ما..وسيمر.. سيمر يا صديقي.. *-*-* في كثير من الأحيان..وكجزء من العقاب الصارم الذي أنزله بنفسي حينما أتأخر في الحضور..فأنا أفضل أن يتم تغييبي على أن أقوم بالحضور لنصف الوقت فقط.. شيء مؤسف أن أظل حتى الآن مقتنعا بنظرية "الكل أو لاشيء.." نظرية لعينة تحيل حياتي لجحيم في كثير من الأحيان.. بشكل عام..أبلي بلاء حسنا..في اليوم الذي أقوم بالحضور فيه..أظل مزروعا على الكرسي..بانتظار دخول المرضى الواحد تلو الآخر.. وأظر أكتب الروشتات الطبيبة باستمرار.. فيما عدا تلك الأيام الكئيبة يا صديقي.. ليكن..كما قلت لك..أيام حلوة..وأيام مرة.. وكلها ستمر.. *-*

أطباء بلا حقوق..2 (ج3)

صورة
" جماعة أطباء بلا حقوق - أوراق منسية" من 1 أبريل 2010 وحتى 30 يونيو 2010 القاهرة..نقابة الأطباء.. الإثنين: 3 مايو 2010 يوم الاعتصام في نقابة الأطباء.. حضرت متأخرا اليوم.. كان من المفترض أن أذهب للعيادة صباحا..ثم أنهي العمل..وأتجه فيما بعد إلى حيث النقابة..حيث الوقفة الاحتجاجية..ومن بعدها الاعتصام في النقابة.. لكني استيقظت متأخرا..كنت مرهقا للغاية..وأشعر أني أرغب في الاستمرار في النوم.. كان من الممكن أن أظل في السرير أرقب السقف..صديقي اللطيف الوفي.. لكني نهضت..ارتديت ملابسي..ثم تحركت نحو القاهرة.. أنا ذاهب للاعتصام..أتمنى أن ألحق شيئا منه.. *-*-* أصل أخيرا.. أدخل من باب النقابة لأجد مجموعة كراسي مصفوفة بشكل نصف دائري.. هناك لافتة كبيرة "بانر" صفراء اللون..معلقة بالخلفية.. تلك الأيام..صاحبت تصريحات د.حمدي السيد..نقيب الأطباء بأن الأطباء محتاجين للزكاة.. نقيب يدعو للرثاء.. ولذلك تركزت المطالب على توضيح مآسي الطبيب..ومطالبات بتعميم الحوافز لجميع الأطباء في جميع المستشفيات..بالإضافة للمطالبة بزيادة موازنة الصحة.. ظهرت المطالبات هناك في العديد من اللافت

أطباء بلا حقوق..2 (ج2)

صورة
"جماعة أطباء بلا حقوق - أوراق منسية" من 1 أبريل 2010 وحتى 30 يونيو 2010 القاهرة..نقابة الأطباء.. الإثنين: 19 أبريل 2010: أنا سعيد جدا.. مندهش..وسعيد جدا.. وقفة حاشدة..تمتليء سلالم النقابة بالأطباء..بعضهم وجوه أعرفها..وبعضهم لا.. د.شيماء..د.محمد رخا..د.محمود حمدي..د.حسام كمال..د.راجي بيبرس..د.رشوان شعبان..د.منى..د.نرمين..د.نجاح..د.أحمد حسين..د.شريف شعبان..د.محمد عبد الحميد.. حتى أنه كان من المشاركين د.عبد الفتاح رزق..المنتمي لمجلس النقابة..والمنتمي لجماعة الإخوان في شجاعة –أو وقاحة- يحسد عليها للحقيقة..! فقط..من جذب انتباهي دونا عن كل هؤلاء هو د.عبد الجليل مصطفى.. الرجل العظيم..منسق الجمعية الوطنية للتغيير.."كفاية"..وطبيب القلب..هو بشحمه ولحمه.. يا ألله..هل تقترب مني أحلامي لهذا الحد..؟ هناك حول النقابة كان يوجد طوق أمني يمنع أي شخص من النزول عن سلالم النقابة.. هناك العديد من الصحفيين..هناك الكاميرات التليفيزيونية..الكثير من التصريحات..والبيانات..والكلمات.. ربما تراني يا صديقي.. أقبع هناك..في جانب من السلم..أحمل لوحة كرتونية أختفي خلفها..كتبت عليها مط

أطباء بلا حقوق..2 (ج1)

"جماعة أطباء بلا حقوق - أوراق منسية" من 1 أبريل 2010 وحتى 30 يونيو 2010 الزقازيق.. الجمعة 9 أبريل 2010 نستكمل اجتماعاتنا بشكل شبه دوري مؤخرا..يتم ذلك في الحديقة الخاصة بنادي المهن الطبية خلف النقابة.. اليوم..كان من المفترض أن أكون في القاهرة..لكنني لم أذهب.. انهاك رهيب..ورغبة عارمة في النوم..بعد إرهاق العمل المستمر..والدورات العديدة التي أحضرها في العمل.. أنا أسافر يوميا تقريبا يا صديقي..لذلك أستحق بعض الرحمة.. في هذا الاجتماع..تقرر تصعيد الاحتجاج على الأوضاع المزرية للأطباء..بتنظيم وقفة احتجاجية أمام النقابة..يوم الإثنين 19 أبريل..ثم بتنظيم اجتماع يعقبه اعتصام محدود المدة في مقر النقابة يوم الإثنين 3 مايو..يعقب ذلك مسيرة احتجاجية لمجلس الشعب يوم الثلاثاء 18 مايو.. كان مجلس الشعب في تلك الأيام يموج بحراك رهيب من فعاليات مستمرة لمجموعات عمالية ونقابية..وأشخاص أفراد عاديون لا يجمعهم رابط غير الظلم.. لا أتذكر من قام بإبلاغي..هل هي د.شيماء..أم كان ذلك أحد آخر..؟ بشكل عام..يعجبني هنا الثبات في أداء هذه المجموعة..والتحرك البطيء المستمر نحو هدف واضح محدد المعالم.. ح

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..8

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. الأربعاء: 27 يوليو 2010  -  11:00 صباحا.. ثم عرفت ما يسمى بإجازة علاجية.. يأتي بعض الأهل لاصطحاب مريضهم أو مريضتهم لقضاء بعض الوقت بعيدا عن المستشفى.. يتعاملون هنا مع المستشفى كدار للعجزة أو المسنين.. يودعون فيها مرضاهم..يتركونهم لفترات طويلة..بينما يطلون عليهم بين كل حين وحين.. المرضى لدينا لهم مسارات محددة يتحركون فيها.. نظام يومي لا يتبدل كثيرا.. لذلك حين يأتي أحد ويخرجهم خارج هذه الدائرة..فإن ذلك يتسبب له في سعادة بالغة.. تلمحها في وجهه..وفي سلوكه..وكلماته.. أحيانا أشعر بأنهم يتحسنون فجأة من كل أعراض الخمول والأعراض السلبية الأخرى التي يتركون عليها حتى مع انتظامهم على العلاج.. اليوم..تستعد إحداهن للخروج لإجازة علاجية مع الأهل.. هناك من يسأل عنها..ويخرجها خارج هذه الأسوار ولو لفترة من الزمن.. هي محظوظة بالمقارنة مع الباقين هنا.. *-*-* في مكتبي..أنظر من الشباك الجانبي..أراقبها وهي تذهب معهم.. حانت مني التفاتة لداخل القسم..فرأيت مريضة أخرى..تنظر للخارج.. ربما كانت تفكر في أنها يوما ما..يوما ما..ربما.. قد تأتي لها

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..7

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. الثلاثاء: 20 يوليو 2010  -  11:15 صباحا.. وحكايات المرضى لا تنتهي.. تتشابه في بداياتها.. ثم تختلف..تتباعد في تفاصيلها.. لكنها تعود فتتشابه في نهاياتها.. *-*-* كان هناك "زينب".. شابة في أواخر الثلاثينيات..تعاني من حول وحشي في عينيها.."يتباعد مركز العينين عن بعضهما".. سمراء..وقصيرة الشعر.. قصر الشعر هو السمة الأساسية هنا..تقوم الممرضات بقص شعورهن لئلا تكون مصدرا لنقل عدوى القمل وحشرات الشعر.. يقومون بقصه بطريقة خرقاء..تخلو من أي أنوثة..لكنه عبء مطلوب يقع على عاتقهم في النهاية..يقومون به على كل حال.. تأتي "زينب" لتسألني كل يوم عن الخروج.."أنا عايزة أروح.." كنت في البداية أتأمل ملفها باهتمام.. ثم أدركت أنه لا فائدة من ذلك.. هذه حكاية قديمة مضى عليها زمن طويل..حالها في ذلك مثل حال الأخريات.. كانت من الصعيد..أسيوط على ما أذكر..تركها أهلها هنا..ونسوا أمرها تماما.. سنسن طويلة مرت..فصارت الكلمات بلا معنى.. "أنا عاوزة أروح.." هذه ماتت بالنسبة لهم..فلماذا ستعودين إليهم..؟ ت

مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..6

القاهرة.. مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة.. السبت: 17 يوليو 2010  -  11:00 صباحا.. ما هو موقعي الإداري هنا بالظبط..؟ أعرف أن توصيفي الوظيفي يقول بأنني طبيب مقيم.. لكن إداريا..مالذي يعنيه هذا بالظبط..؟ أتعرف يا صديقي..أنا لا أهتم.. هنا يخاطبونني بلقب حضرتك..ويبدون لي الاحترام.. فلا يهم من أكون حقا.. *-*-* في الوحدة الصحية..كنت الطبيب الثاني أو الثالث أو الأول..أو مدير الوحدة.. كنت أعرف أين أنا بالظبط.. كنت أقوم بكتابة المذكرات..والتوقيع بالإجازات..والمأموريات.. وبالرغم من ذلك..لم يكن أحد يخاطبني بلقب حضرتك هذا كثيرا..ولم يكن هناك أي مودة أو احترام متبادل أصلا إلا في أوقات نادرة.. ثم أتيت هنا..لأدرك أنني مجرد ترس في آلة كبيرة..ترس ضعيف يدعى: طبيب مقيم.. يشرف عليه أخصائي..ثم مدير الوحدة..ثم نواب المدير..ثم المدير العام..ثم الأمين العام.. لا أقوم هنا إلا بكتابة بعض النوت الطبية..وتكرار الأدوية..والحديث مع المريضات.. لكن هنا يخاطبونني بلقب حضرتك.. طبيب شاب في مقتبل العمر..في طريقه للسادسة والعشرين.. لا يملك شيئا في هذا العالم..ولا يملك مصير أحد..ولا يعلم شيئا عن