المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٤

مشتول السوق..وحدة الصحافة..3

مشتول السوق.. وحدة المنير.. 25 – 10 – 2014  -  2:30 ظهرا.. على باب الوحدة..كنت قد اكتشفت شيطانا شابا صغيرا قابعا هناك.. يرمق كل ماحوله بلا اهتمام حقيقي..الداخلين والخارجين..العاملين والذين لاعمل لهم.. لابد أنه كان ضحية تكليف لإدارته هو الآخر..ولم يكن من أمره شيئا حين أجبروه على البقاء هنا.. أو ربما يقضي فترة عقوبته.. ألقيت التحية..زفر بضيق..وأدار وجهه الناحية الخرى.. لم يغضبني تصرفه..لابد أنه يقبع هنا منذ فترة طويلة بلا أي شيء حقيقي يفعله.. لا بأس.. سنحاول أن نضع استراتيجية توافق فيما بيننا..سنكون زميلي عمل..وربما تنشأ بيننا صداقة ما.. لكن عليه أن يدرك من هو الذي له اليد العليا هنا.. لابأس ياصديقي من بعض الاحترام في النهاية.. *-*-* أبتعد بنظري قليلا لأحدث كاتب الوحدة.. عجوز بعيني ثعلب..محدودب الظهر..ويعاني من إصابة قديمة بشلل الأطفال بإحدى قدميه.. كنت أنفر منه..كنت أكرهه في الحقيقة.. لا أدري سبب ذلك الشعور الكاسح..لكنه حقيقي جدا..وموجود.. أخبرني أنهم بانتظاري.. من هم..؟ فريق الحملة طبعا.. إذن..كيف أذهب يارفيق.. لاتقلق..نحن بالخدمة.. ثم أخرج لأجد وسيلة مو

مشتول السوق..وحدة الصحافة..2

مشتول السوق.. وحدة الصحافة.. 25 – 10 – 2009  -  9:00 صباحا.. أصل للوحدة أخيرا.. رحلة غريبة..في يوم غريب..في أرض غريبة.. لكن يأبى القدر إلا أن أصل.. لابد أن ذلك لشيء عظيم.. وإن كان يملؤني الفضول لمعرفة أي مصير عظيم في وضع كهذا.. *-*-* لم يختلف شكل البلدة كثيرا..عن البلدة السابقة.. ذات العشوائية المنتشرة في كل شيء.. أسال عن الوحدة..تشير لي صاحبة المكتبة إلى الطريق.. طريق يمر بجوار ترعة ماء آسنة..لم يتبق بها سوى بعض الماء القذر..تغطيه الطحالب..ويعد مصدرا ممتاز للنواميس..غالبا..هم يقومون بتربية هذه النواميس..ويصدرونها للبلدان المجاورة.. أقول لنفسي.. الوضع يتحسن.. بالتأكيد يتحسن.. في البلدة السابقة..كان مصرف مياه المجري يشق البلد من المنتصف تماما.. "تذكرت وأنا أكتب هذه الكلمات حالة الطفلة التي سقطت في مياه هذا المصرف..وأنقذوها بصعوبة" لكن هذه ترعة.. ربما لاتختلف بواطنها كثيرا عن المصرف السابق..لكن..الاسم يفرق بعض الشيء.. برضه يا أخي..!! *-*-* خطوات قليلة..وقابلت طبيب الوحدة القديم.. وستكون هذه المرة الأولى والأخيرة التي أقابله فيها.. "فيما بعد.

مشتول السوق..وحدة الصحافة..1

مشتول السوق.. وحدة الصحافة.. 25 – 10 – 2009  -  7:30 صباحا.. لم أنم طوال الليل.. كان لدي أحد خيارين.. إما ان أنام..وأكون معرضا لفكرة أن أفقد لحظة الاستيقاظ..فأظل نائما كما البارحة.. أو أظل مستيقظا..وأخاطر بفرصتي في أن أستمر محتفظا بعقلي.. قررت أن أظل مستيقظا..العقل لم يعد له فائدة كبيرة هنا.. كما قررت أن أذهب بالقطار.. أخبروني –كهدية وداع قبل ذهابي من الوحدة القديمة- أن هناك قطار ينطلق من الزقازيق إلى حيث يقف في محطة البلدة في طريقه للقاهرة..أو الاسماعيلية..لا أذكر.. المهم..هذا القطار ينطلق في الساعة الخامسة فجرا كبداية..ثم يكون كل ساعة.. قررت أن أستقل قطار السادسة صباحا.. لابأس.. هي قرارات عظيمة يستتبعها نتائج عظيمة بالضرورة.. *-*-* لكن ياصديقي..ياصديقي العزيز.. من أين لي أن أدرك أن العاملون بقطارات السكة الحديد قد قرروا الاضراب في هذا اليوم..؟ حتى لو كنت عرافا..لما كنت أتنبأ بهذا.. حركة غريبة منتشرة في المحطة..وازدحام المسافرين على الأرصفة.. وفي شباك التذاكر أخبرني الموظف بلا مبالاة: اضراب.. هكذا بكل بساطة.. تختفي كل مخططاتي لليوم بسبب قرار عظيم كهذا.. &q

مشتول السوق..وحدة المنير..40

مشتول السوق.. وحدة المنير.. 21 – 10 – 2009  -  10:15 صباحا.. كنت أريد أن أكتب هنا بعض الكلمات من الأوراق الأخرى التي لدي عن هذه الفترة.. لكني لم أجد سوى الكثير من اللعنات والاجتماعات والتنبيهات والمواصلات العفنة والأشخاص الأكثر عفانة ووالحوادث المكررة بشكل أثار مللي وسخطي.. مضيت عبر هذه الأوراق سريعا حتى وصلت لنهاية هذه الفترة.. اليوم الأخير لي في وحدة المنير.. وهو أخر يوم في الأسبوع الذي انتقلنا فيه لمقر الوحدة القديم بعد تحولها لمركز طب أسرة.. هذه أشياء تستحق أن تكتب حقا.. *-*-* خيانة..!! شيء ما دبر لي في الخفاء..                             كل حلفاؤك خانوك يا صديقي.. أقول ذلك لصديقي في انهيار درامي يليق بلحظة فاصلة كهذه..    فيهز رأسه بملل يليق بلحظة سخيفة كهذه.. يذكرني أنه ليس لي حلفاء أصلا..كلهم أعداء.. لذلك من الطبيعي أن يخونوك.. اهدأ بالا..هذا أمرطبيعي.. أهدأ قليلا..أفكر في كلماته المنطقية.. ثم أخبره أن اللعنة عليه وعليهم وعلى حلفائي أو أعدائي أيا كانوا.. *-*-* أفاجأ بوجود طبيبة جديدة في الوحدة في البداية.. لابأس..أهلا وسهلا.. لكني في ذات اللحظة.

مشتول السوق..وحدة المنير..39

مشتول السوق.. وحدة المنير.. في يوم ما..في وقت غير محدد.. مرة أخرى أكاد أقهر كمدا.. بعد ذلك القرار السابق لوزير الصحة بتأخيرالتقدم للنيابات الطارئة -التي من ضمنها نيابة الطب النفسي- إلا بعد مضي ستة أشهر من العمل الفعلي..وتأخير الاستلام لما بعد ستة أشهر أخرى.. أتى القرار الجديد.. استلام الزمالة يجب أن يكون من النيابة..لامن التكليف..!! هذه الدفعة الأولى التي يطبق عليها القرار الجديد.. أي سوء حظ هذا الذي يعبث بنا..؟ أي لعنة أحاقت بي..لتتركني في هذا المكان بهذا الشكل..؟ حتى الطريق البديل الذي كنت قد وضعته في حالة انسداد الطريق الأول..قد انسد هو الآخر.. الآن..من المفترض لكي أقوم بتسجيل الزمالة..أن أنتظر حتى النيابات القادمة..في نوفمبر..ثم أقوم باستلام النيابة بعدها بستة أشهر أخرى من ساعة ظهور النتيجة..بعد ذلك أقوم بانتظار اعلان الزمالة القادم.. أمامي مايقرب من ستة أشهر أخرى في هذا الجحيم على أقل تقدير.. أفكر ساخرا: هذا وأنا أمقت المكان بمن فيه.. فما بالك لو كنت متعلقا به.. *-*-* لايوجد أي حل.. لايوجد أي حل.. لايوجد أي حل.. لبعض الوقت قضيته صرت عاجز عن التفكير في

مشتول السوق..وحدة المنير.38

مشتول السوق.. وحدة المنير.. 4 – 10 – 2009  -  12:30 ظهرا.. انتهى الاجتماع منذ بضع دقائق.. سأكتب عنه بعض قليل..حين فقط أتمالك نفسي.. وأتوقف عن الضحك..! *-*-* المدارس قادمة.. ستنتهي الأجازة الصيفية..وسيعود الأطفال المشردون من منازلهم..ليتعلموا المزيد من التشرد هنا.. لكن هناك ذلك البعبع المريع.. انفلونزا الطيور..وشقيقتها انفلونزا الخنازير.. لذلك كالمعتاد..ولاننا دولة متحضرة..تقوم بواجباتها اتجاه النشء..فقد اتخذت الإدارة الحكيمة..بناء على تعليمات المديرية الأكثر حكمة..بناء على توجيهات قطاع الطب الوقائي في الوزارة الذي تفيض بالحكمة..بناء على توجيهات السيد الوزير المبجل..حكيم هذا الكون كله.. بناء على كل ماسبق..كان القرار.. ينتشر الأطباء ومن يعاونهم  من فريق العمل..من حكيمات وممرضات بالانتشار في جميع أنحاء القرية ومايتبعها من عزب ونجوع وكفور وما إلى غير ذلك..وحصر كافة المدارس والمعاهد والحضانات والكتاتيب الحكومية منها والخاصة..وإعداد قائمة بها وذلك لعمل برنامج توعية عن المرض..أسبابه..طرق انتقاله..حضانته..اكتشاف مبكر للعدوى..وكيفية الوقاية منها.. وبذلك يتم مصاحبتنا بأحد

مشتول السوق..وحدة المنير..37

مشتول السوق.. وحدة المنير.. في يوم ما..بعد الظهر.. اتى أحد ما ليبلغ عن وفاة..ليس هذا جديدا.. غالبا ستكون حالة متقدمة لرجل يعاني من مضاعفات السكر أو القلب أو الضغط أو غير ذلك.. أو ربما هي امرأة كبيرة تحت وطأة مضاعفات الكبد أو غيره.. أو ربما هو قضاء الله وقدره.. هو الموت.. الموت الذي عايشته وعايشك فأصبحت رديفا له.. لاشيء جديد فيما يبدو.. *-*-* لكنها كانت فتاة ياصديقي.. فتاة..لم تبلغ أكثر من عقد ونصف من عمرها.. رباه..رباه..! برغم كثرة الموت الذي عايشته..إلا أنني لم أر مثل هذه الموت يصيب فتاة..رأيت شابا ثلاثينيا..وأطفال رضع لم تتفتح أعينهم بعد..ورجالا..وسيدات مسنين.. لكن هذه لازالت طفلة.. في هذا السن بالذات..المراهقة..يصعب عليك أن تتعايش مع الموت.. مجرد خطوات خارج براءة الطفولة الأولى..وشقاوات الأطفال التالية.. ولم تصل لأبعد من عتبة النضج.. لم يكن الأمر بحادث عارض..حادث سيارة أو شيء من تلك الأشياء التي ممكن أن تتقبلها.. من أخبرنا قال أنها توفيت في منزلها.. هكذا..بلا أي مقدمات.. موت كهذا كفيل بأن تنقلب الدنيا رأسا على عقب.. *-*-* في الطريق للذهاب ل

مشتول السوق..وحدة المنير..36

مشتول السوق.. وحدة المنير.. 23 – 9 – 2009  -  11:00 صباحا.. العودة للوحدة من جديد.. قلت لك سابقا أن سيزيف كان أسعد حالا مني بكثير.. لكنك لم تصدقني.. اللعنة عليك إذن..!! *-*-* ثلاثة عشر يوما منذ كنت هنا في آخر مرة.. أجازة العيد..الأيام التي أتغيب فيها عن الوحدة حسب تقسيم العمل..ويومين آخرين..اعتبرتهما أجازة بمناسبة الأجازة.. مالذي أفعله في الأجازة..؟ أكتب بعض الأشياء الخاصة بما أفعله في حياتي خارج هذه الأوراق..وهي لاتخلو من كآبات متعددة.. الحقيقة أنني لم أكن في أجازة فعلية..فقط ابتعدت عن الوحدة بعض الشيء.. ثم عدت إليها من جديد.. الطبيبة الأولى ومديرة المركز لم تحاسبني على أي شيء.. لا على أيام غبتها..ولا على أيام حضرتها.. أنا فقط أكمل الحضور من حولها كهالة يومية للعمل.. هي الطبيبة ابنة البلدة..والتي يثق الجميع بها..بينما هي تعمل هنا منذ أكثر من سنتين.. لماذا يقبل شخص ما أن يضع حياته أو حياة طفله بين يدي.. حاولت أكثر من مرة أن أقرأ في أي كتاب.. اشتريت كتاب أطفال كبير الحجم..ثم سأمت منه..راجعت كتاب الأطفال الذي كنت أذاكر منه سابقا..ولم يختلف الأمر كثيرا.. ولم يختل

مشتول السوق..وحدة المنير..35

مشتول السوق.. وحدة المنير.. 13 – 8 – 2009  -  11:00 صباحا.. لا أتذكر كثيرا من العاملين معي في هذه الوحدة الصحية المنكوبة.. ربما انطوائي الطبيعي عن البشر..وغربتي عن البلد وأهلها..هذه الغربية المزدوجة..لم تمكنا لي الكثير من التعامل مع أي منهم في شكل طبيعي بكثير أو قليل.. ربما يصادف أن تركب في سيارتي ممرضة في طريق الذهاب يوما.. أو أقابل إحداهن في طريق الإياب يوما آخر..في مؤخرة صندوق مغطى على ظهر سيارة نصف نقل.. حتى زملائي الأطباء.. لايتصادف كثيرا وجودنا سويا.. جزء من فساد منظومة الصحة هو تكدس بعض الأطباء في مناطق..وحرمان مناطق أخرى من الأطباء بشكل عام.. فنقوم بتقسيم أيام الحضور..وهو أمر غير رسمي بأي حال من الأحوال.. مما يجعل سيف الرقيب "الوزير/مدير المديرية/مدير الإدارة/مفتش/محافظ/موظف من الوحدة المحلية/أي شخص يشعر ببعض الفراغ/أي حد معدي..إلخ" مشرعا طول الوقت..ومسلطا نحو عنقك دوما.. بانتظار اللحظة التي تغفل فيها عينيك عن طريق القطيع.. بانتظار اللحظة المناسبة.. وما أكثرها –وأكثرهم- في الحقيقة.. *-*-* إذن.لم تربطني بأحد علاقة صداقة من أي نوع.. لامشاعر في

مشتول السوق..وحدة المنير..34

مشتول السوق.. وحدة المنير.. 2 – 8 – 2009  -  12:00 ظهرا.. سعيد حقا بما وصلت إليه.. وسعيد بما توصلت إليه.. أنه تبا لكل شيء..!! *-*-* اليوم من المفترض أنه لدينا اجتماع في الإدارة.. ومن المفترض أن أكون هناك.. لكن لأنه ماسيقال قد قيل قبل ذلك..ولأن هؤلاء لايعرفون فضيلة الصمت حين يعاد الكلام.. ولإنني سئمت الكلمات السخيفة..والوجوه المقيتة..والتعليمات المكررة..والتهديدات الجوفاء.. لذلك لم أذهب.. اليوم كله سيضيع في هذا الهراء..وقد ضيعت يوما كاملا في هذا الهراء الشهر الفائت.. يكفيني هذا..أنا لم أرتكب ذنوبا –على ما أعتقد- تتطلب أن أعود للـ"مطهر" للتكفير عنها.. لاداعي للاستيقاظ مبكرا، وبذل المال والجهد والعرق والدموع والأحرف التي سأكتبها على الأوراق في وصف المشاهد المقيتة إياها.. لن أخسر شيئا بعدم ذهابي.. ربما لن أتلقى العينة الشهرية من دواء المغص الخاص بالحوامل لهذا الشهر..وربما أخسر العينة الأخرى التي تتعلق بالغثيان.. لكن هذه لاتقارن بمكسبي السعيد الذي يتعلق برقودي على السرير..أحدق في السقف لساعات طوال بلا أي عمل من أي نوع.. متى كان سقف غرفتي بهذه الروعة..؟