الزقازيق..مديرية الصحة..9


الزقازيق..
مديرية الصحة..
الفترة من 1 – 3 – 2009 إلى 7 –  4 –  2009..
"كلمات مجمعة لعدم وجود سجل دقيق لهذه الأيام"

كنت هناك في الثالثة..أي قبل الموعد بثلاثين دقيقة تقريبا..
وأرجوك..أرجوك بصدق..لو كنت قد قرأت أي شيء يتعلق بالحداثة أو التقدم..فأرجوك مرة أخرى أن تسامحني..
حين وصلت..كان الأمر أشبه بسوق يجتمع فيه من يريد البيع والشراء..
كثيرون مثلي ممن صدقوا أسطورة الموعد المحدد..واقفين بملفات..وأوراق..وبصبر قارب النفاذ..منتظرين..حائرين بشدة..عن موعد البداية أو النهاية..
بداية المطاف كانت بملف هي الأخرى..ثم من موظف..لطبيب الاستقبال..ثم لموظف..ثم لموظف آخر..ثم تصوير بعض الأوراق..ثم العودة..ثم دمغات..والمزيد من الدمغات..
ثم طبيب الجراحة..الذي سألني على سبيل العجلة.."هل هناك أي عمليات سابقة..؟" ولم ينتظر حتى سماع الاجابة..فطلب مني كشف بطني –واقفا- ثم أنهى الأمر سريعا بامضائه.."هالالويا..إنها سليمة..إنها سليمة.."
ناول ملفي لطبيب العيون الذي بجواره على المكتب..الذي طلب مني خلع النظارة واستكشاف لوح العلامات أمامي..
طبعا لم أفقه منه شيئا لأنني لم أره بالأساس..
أمهر الرجل الملف بتوقيعه.."هالالويا..إنها سليمة أيضا.."
ثم طلب مني التوجه لغرفة الباطنة..
هناك..طب مني الرجل تحليلا لعينة بول..في المعمل الملحق..
ولأجل أن تفعل هذا..من المفترض أنك تتناول من الفني أنبوبة زجاجية..تترقرق القطرات على جدارها الخارجي..نتيجة غسيلها المتكرر..إثر استعمالها من جيش سابق قبلك..
رفضت..قلت للرجل أنني أريد أنبوبة نظيفة..لم يتحدث إلي أساسا..
ذهبت للطبيب..لأشكو له سوء المعاملة..طلب مني –بنظرة مشفقة- أن أفعلها..وإلا لن ينتهي الورق هذا اليوم..
ظللت أفكر حينا..أنظر الشباب المتوالين على الحمام المخصص لهذا الأمر..وأرمق كذلك الشابات الزميلات وهن يذهبن لحمامهن المخصص..
أحد الزملاء أشار –بجدية بالغة- إلى إناء بلاستيكي مليء بسائل أصفر، تبرع به أحدهم..لينهي أزمة الآخرين..
قلت لنفسي..كل هذا التقزز لن يفيدك في النهاية..هذه حقيقة واقعة..
ظللت واقفا لفترة ظننتها دهرا..ثم في النهاية..أخذت الأنبوبة الزجاجية..بعدما لففتها بمنديل ورقي..
ليس اشمئزازا..بقدر ماكان أخفاءا لهزيمة مهينة أمام الدولة الوطنية العظيمة..
*-*-*

بعد انتهاء الأمر..وتبين أن العينة مطلوبة لتحليل "البول السكري"..وقد كنت بريئا منه.."هالالويا..إنها سليمة كذلك.."
أمهر الرجل الورقة التي لم تعد تحتمل المزيد بتوقيعه..
ثم هوى الختم الذي نقش عليه رمز الدولة..
كنت أتصوره نسرا عظيما يفرد جناحيه عاليا..
منتفش الريش..حاد النظرات..
لكنه أصبح على الورقة مجرد طبعة زرقاء عديمة الملامح..
تعبر أيما تعبير..
عن الدولة القوية العظيمة..

تعليقات

  1. ده أنا شكلى هشوف أيام .... البيروقراطية المتعفنة فى أبهى أبهى صورها :)

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قسم الجراحة - حوادث 3

مستشفى العباسية..العيادات الخارجية..17

مستشفى الأطفال..8