أطباء بلا حقوق 3 (ج2)

الأحد: 26 سبتمبر 2010  -  في وقت متأخر من المساء..
مرة أخرى..اجتماع جديد مع مجموعة أطباء بلا حقوق..
نتقابل في الحديقة الخاصة باتحاد المهن..ونناقش تطورات الوضع الحالي للأطباء..
محاولات مستمرة لتوزيع الأدوار على المجموعة الصغيرة التي تعمل..
من يتولى التنسيق في المستشفيات..من يتولى التواصل مع الوزارة..ومن يتولى التواصل مع الأعضاء في النقابة..التخطيط للجمعية العمومية القادمة..الإشراف على الصفحة الخاصة على الفيس بوك..إلخ..
أحيانا كانت تداهمني أسئلة عن الجدوى من كل هذا..
أحيانا أسأل نفسي هل سنقوم نحن الذين لا نتجاوز العشرين فردا بتغيير حال الصحة في مصر..؟
التفكير المستمر بما يحدث..وما سيحدث..وربطه الدائم بمجريات الأمور في البلاد..
انتخابات يجرى التجهيز لها على قدم وساق..في ظل أجواء غير مسبوقة من الإضرابات والاعتصامات في طول البلاد وعرضها..
على الخلفية..يظل مقتل الشاب "خالد سعيد" بارزا بقوة..يطل برأسه على كل شيء في هذه البلاد التعيسة..
أقول لـ د.منى يوما نحن كمن يحرث الماء..لا يرى أي نتاج لعمله الحالي..
تتحدث بكلماتها المعهودة عن الأمل والصبر..وأن ذلك سيأتي بنتاجه يوما ما..
أنا أؤمن أن التغيير قادم..
بنا أو بدوننا هو قادم..لأن هذا هو سنة الله في الكون..
لأن هذا هو المنطق..
أنا أرغب أن أكون واحدا ممن ساهموا في التغيير..أن تكون يدي من الأيادي التي شاركت فيه..
وربما أشارك بأفكاري كذلك..
وربما أكون من قادته يوما..
كل شيء قد يكون..
بعض الإصرار..بعض الإرادة..وبعض الوقت..
لذا..أنا وجدت نفسي في العمل بين هذه المجموعة العظيمة..
النضال الحقيقي المستمر من أجل حقوق الأطباء..بعيا عن أي صبغات سياسية لأفرادها..
قد نكون نحرث في الماء اللآن..
لكن يوما ما..سيجف هذا الماء..وستظهر الأرض من أسفله..
لينة..قابلة للتشكيل..سنكون ساعتها قد وصلنا لبداية الطريق فعلا..
سأقول لنفسي يومها..أنني قد حققت شيئا ما في حياتي..




الثلاثاء: 28 سبتمبر 2010  -  1:00 ظهرا..
كان من ضمن المشكلات أن بعض الأفراد في المجموعة لا يعرفون عن القرارات المتخذة في الاجتماع الذي لم يقوموا بحضوره..وأصبح العبء ثقيلا على د.منى لتوصيل المعلومة لكل الأفراد..
لذا..تم تكليف فرد من كل مستشفى بالتواصل مع الأطباء من مجموعة أطباء بلا حقوق..وباقي الأطباء الآخرين في المستشفى..
لذا..ولمداومتي لى الحضور..فقد كلفت بالتواصل مع الزملاء في المجموعة من من مستشفى العباسية..
د.رخا..ود.ممدوح عقل..وآخرين..
ومعهم ود.شيماء مسلم..
برغم أن الأخيرة قد غادرتنا بعد الاجتماع الشهير إياه..لكن كان من رأي المجموعة أن يتم التواصل معها أيضا..وإبلاغ الجميع بكافة المستجدات..
تخيل يا صديقي أنني أنا الذي أكون مسؤولا عن التواصل..!!
سأقوم بالاتصال تليفونيا بالجميع..ولقائهم للإطلاع على المستجدات..
تخيل..!!
اليوم تحدثت تليفونيا إلى د.ممدوح عقل..وهو طبيب خمسيني..من عمر د.منى ود.أحمد بكر..وذات الدفعة ربما..
كانت الساعة الثانية عشرة ظهرا..لكنه أجابني بما يشبه التثاؤب..
يا للإحراج الذي أضع نفسي فيه..
أتحدث بسرعة وارتباك عن بعض القرارات والأمور التي ناقشناها..
في النهاية يجيبني الرجل بصوت يشبه إيماءة رأس ملولة..
أعتذر له عن الإزعاج بحرج بالغ..ثم أغلق الخط..
أحاول التقاط أنفاسي..
ثم أجري الاتصال الثاني بـ د.شيماء..
تخبرني أنها في المستشفى..فأطلب لقاءها..فتخبرني بالمكان..
في قسم أول ملحق..في وحدة الرجال المطورة..
في مكتب الأطباء..أدخل وألقي السلام..
تنظر لي بتساؤل..أخبرها سريعا عن القرارات والأمور الأخرى الخاصة بالمجموعة..
طوال المقابلة كانت ملامحها جامدة..لم أستطع تحديد إذا ماكان كلامي غريبا أو أنها هي الغريبة..ارتبكت قليلا..
في النهاية سألتها بابتسامة محاولا أن أنهي الارتباك..عن ما إذا كان كلامي مفهوما حتى بطريقة إلقائي له..
لم تتغير ملامحها..وأجابت إجابة مقتضبة..حولت رأسها قليلا متفادية نظراتي..
ازداد ارتباكي أكثر..وأيقنت أنها تريد إنهاء اللقاء بطريقة مهذبة..
استأذنت..وخرجت من القسم..
شعرت بضيق بالغ..وتضايقت كثيرا من الأسلوب الجاف الثقيل..
أعتقد أننا عرفنا بعضنا فيما سبق بما فيه الكفاية..وتقابلنا كثيرا في لقاءات عدة..
لم هذه المعاملة السيئة..؟
ربما يكون الأمر له علاقة بنتائج الاجتماع إياه..وبرغبتها عدم خوض ذلك مجددا..
لكن أنا لا ذنب لي..
خرجت من المستشفى.واتجهت لشقتي وأنا أشعر بضيق بالغ..
يكفي سخافات لهذا اليوم..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قسم الجراحة - حوادث 3

مستشفى العباسية..العيادات الخارجية..17

مستشفى الأطفال..8