مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..30
القاهرة..
مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..
الأحد: 31 أكتوبر 2010 - 10:30 صباحا..
مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..
الأحد: 31 أكتوبر 2010 - 10:30 صباحا..
بالحديث عن
القانون..
كانت أول مرة أسمع فيها عن قانون الصحة النفسية الجديد في أيام التكليف المجيدة..عليها لعنة الله..
في مقال نشر في جريدة ما..كان فيها حوار مع أمين عام الصحة النفسية وقتها د.ناصر لوزة..
حديث عام عن أعداد مقدمي الخدمة الصحية من أطباء وتمريض..وعن أحوال المستشفيات..وما سيقدمه قانون الصحة النفسية من فتح أبواب المستشفيات للمرضى المتحسنين للخروج..
لم أكن أفهم ساعتها بنود القانون وما سينتج عنه..
لكنني الآن أعيش تحت ثناياه..
*-*-*
كانت أول مرة أسمع فيها عن قانون الصحة النفسية الجديد في أيام التكليف المجيدة..عليها لعنة الله..
في مقال نشر في جريدة ما..كان فيها حوار مع أمين عام الصحة النفسية وقتها د.ناصر لوزة..
حديث عام عن أعداد مقدمي الخدمة الصحية من أطباء وتمريض..وعن أحوال المستشفيات..وما سيقدمه قانون الصحة النفسية من فتح أبواب المستشفيات للمرضى المتحسنين للخروج..
لم أكن أفهم ساعتها بنود القانون وما سينتج عنه..
لكنني الآن أعيش تحت ثناياه..
*-*-*
يمكنني أن أختصر
لك الأمر وأخبرك المهم..
المنتهى من القانون الجديد هو منع حجز مريض نفسي ضد إرادته..طالما أنه مستبصر بمرضه..وأنه لا يشكل خطرا على نفسه أو على الآخرين..
يفرض القانون وجهة النظر "الآنية"..تقييمي للمريض الآن..والخطر الذي يمثله الآن..وليس ما سيحدث منه فيما بعد..
المنتهى من القانون الجديد هو منع حجز مريض نفسي ضد إرادته..طالما أنه مستبصر بمرضه..وأنه لا يشكل خطرا على نفسه أو على الآخرين..
يفرض القانون وجهة النظر "الآنية"..تقييمي للمريض الآن..والخطر الذي يمثله الآن..وليس ما سيحدث منه فيما بعد..
(نظرا لخبرتي
الحديثة بالعمل في ذلك الوقت..كانت هذه وجهة نظر قاصرة..هناك تقييم الخطر
الوشيك..الذي ربما تتبأ به عن طريق الأعراض الحالية للمرض)
المواد التي تهمنا
هنا هي مادة رقم (10)..وهي مادة الدخول الإرادي..
يدخل المريض بصحبة نفسه..ويخرج بصحبة نفسه..حتى لو كانت الساعة الثالثة فجرا..
لو امتنعت عن خروجه..سأضع نفسي تحت طائلة القانون..
ربما لو وجدته يمثل خطرا وشيكا أستطيع أن أوقف خروجه لمدة ثلاثة أيام فقط..بعد ذلك يتوجب علي أن أرجعه للمادة رقم (10) ليخرج بإرادته..
أو أحوله ليكون تحت طائلة المادة رقم (13)..وهي مادة الحجز الإلزامي..
المادة التي تخول الطبيب النفسي من حجز المريض رغما عن إرادته..نظرا لعدم اسبصاره بمرضه..وفقدانه الحكم الصائب على الأمور..أي أنه يعتبر فاقدا للأهلية..
للتأكد من هذا..يأتي طبيب نفسي آخر من خارج المنشأة للتأكد من وجود المريض فعلا تحت طائلة فقدان الحكم الصائب على الأمور..ما يسمى "التقييم المستقل"..
كل هذا جميل..
لكن ما علاقتي بكل هذا..؟
القانون ومواده يقوم بتنفيذها وكتابة الأوراق الخاصة بها طبيب نفسي مؤهل..
أي طبيب نفسي يعمل بمستشفى للصحة النفسية..وحاصل على درجة دراسية في التخصص..
دبلوم أو ماجستير..أو زمالة مصرية أو عربية..
وأنا ليس لدي أي من هذا..
فما علاقتي بالأمر إذن..؟!
*-*-*
يدخل المريض بصحبة نفسه..ويخرج بصحبة نفسه..حتى لو كانت الساعة الثالثة فجرا..
لو امتنعت عن خروجه..سأضع نفسي تحت طائلة القانون..
ربما لو وجدته يمثل خطرا وشيكا أستطيع أن أوقف خروجه لمدة ثلاثة أيام فقط..بعد ذلك يتوجب علي أن أرجعه للمادة رقم (10) ليخرج بإرادته..
أو أحوله ليكون تحت طائلة المادة رقم (13)..وهي مادة الحجز الإلزامي..
المادة التي تخول الطبيب النفسي من حجز المريض رغما عن إرادته..نظرا لعدم اسبصاره بمرضه..وفقدانه الحكم الصائب على الأمور..أي أنه يعتبر فاقدا للأهلية..
للتأكد من هذا..يأتي طبيب نفسي آخر من خارج المنشأة للتأكد من وجود المريض فعلا تحت طائلة فقدان الحكم الصائب على الأمور..ما يسمى "التقييم المستقل"..
كل هذا جميل..
لكن ما علاقتي بكل هذا..؟
القانون ومواده يقوم بتنفيذها وكتابة الأوراق الخاصة بها طبيب نفسي مؤهل..
أي طبيب نفسي يعمل بمستشفى للصحة النفسية..وحاصل على درجة دراسية في التخصص..
دبلوم أو ماجستير..أو زمالة مصرية أو عربية..
وأنا ليس لدي أي من هذا..
فما علاقتي بالأمر إذن..؟!
*-*-*
عندما دخلت للقسم
اليوم..وجدت ورقة تركها لي أخصائي القسم..
د.أنور..
يطلب فيها مني تصنيف المرضى لدي في القسم تحت طائلة إحدى المادتين..
يفترض القانون أن يتم تصنيف المرضى ساعة الدخول..
فماذا عن المرضى المزمنين هنا..؟
ماذا عن مرضى مر عليهم بضع سنوات..؟ وماذا عن من هي لدينا منذ عشر سنوات..
وماذا عن تلك التي لدينا منذ عام 1969..؟
وماذا عن من لديها تأخر عقلي..وماذا عن من ليس لديها أسرة..
بطبيعة الحال بعد هذا التصنيف سيتم إفراغ المستشفى من الكثير من المريضات..سنقلب في الماضي بحثا عن آثار منسية لأسرة هنا أو هناك..
أنت تتذكر كلمات الخصائي المشرف عليك سابقا..هذا ليس "ملجئا"..كلمات قاسية..
لا تجادله كثيرا واحتفظ برأيك لنفسك..
د.أنور..
يطلب فيها مني تصنيف المرضى لدي في القسم تحت طائلة إحدى المادتين..
يفترض القانون أن يتم تصنيف المرضى ساعة الدخول..
فماذا عن المرضى المزمنين هنا..؟
ماذا عن مرضى مر عليهم بضع سنوات..؟ وماذا عن من هي لدينا منذ عشر سنوات..
وماذا عن تلك التي لدينا منذ عام 1969..؟
وماذا عن من لديها تأخر عقلي..وماذا عن من ليس لديها أسرة..
بطبيعة الحال بعد هذا التصنيف سيتم إفراغ المستشفى من الكثير من المريضات..سنقلب في الماضي بحثا عن آثار منسية لأسرة هنا أو هناك..
أنت تتذكر كلمات الخصائي المشرف عليك سابقا..هذا ليس "ملجئا"..كلمات قاسية..
لا تجادله كثيرا واحتفظ برأيك لنفسك..
(سيتغير رأيي فيما
بعد..بعد سنوات طويلة هنا..النضج يا صديقي..النضج..)
لذا..
استعد لبعض العمل الشاق هنا يا صديقي..
*-*-*
استعد لبعض العمل الشاق هنا يا صديقي..
*-*-*
يفترض القانو أن
المستشفيات النفسية أماكن احتجاز غير آدمية..يتم احتجاز البشر فيها رغما عن
إرادتهم..وإذاقتهم صنوف العذاب والامتهان..
هل رأيت فيلم "أيام الغضب"..؟ فيلم من بطولة نور الشريف وسعيد عبد الغني ونجاح الموجي -رحمهم الله جميعا- وظهرت فيه إلهام شاهين وعلاء ولي الدين -رحمه الله- في أدوار صغيرة..
الفيلم من إنتاج أواخر الثمانينيات..وقد تم تصويره فعليا في المستشفى..سترى فيه صورة المستشفى القديمة قبل أن يتم تجديدها بعد هذا لفيلم بعدة سنوات..
يتحدث الفيلم في تلك الأيام عن كيف تعج المستشفى بمن لا حول لهم ولا قوة..أناس عاديون شاء حظهم العاثر أن يكونوا ضحية لأناس آخرين..أو مرضى عقليين بؤساء..يلقي بهم الأهل هنا ويتركونهم لمصيرهم..لعلاج غير فعال..أو جلسات كهرباء -بدون تخدير- للتأديب وليس للعلاج..
في تلك الأيام تبرز سطوة التمرجية -وهم أقل درجة من التمريض- على المرضى البائسين في المستشفى..وغياب الأطباء تماما..
يحكي الفيلم عن القهر والظلم والامتهان الذي يتعرض له البشر في هذه البلاد..
ربما كان ذلك صحيحا..
يتداول الناس هنا حكايات عن ابن شخص من ذوي النفوذ..يقرب بصداقة قوية مع الرئيس حسني مبارك..أوقعه حظه العاثر في رجل شرطة أو شيء من هذا القبيل..ألقاه في المستشفى كنوع من أنواع التأديب..يذكرون أيضا أنه توفى في عنبر تغرق مياه الصرف أرضيته..
يحكي الناس هنا أن الأنباء وصلت لـ حسني مبارك وزوجته..فأمر أن يتم تجديد المستشفى بالكامل..كان ذلك في أواخر التسعينيات..
بعدها اكتست المستشفى بذلك اللون الأخضر اللبني..وظهر مبنى الأمانة العامة والمبنيين الجديدين..
ثم إنك تذكر أيضا حكاية "نجيب سرور"..أليس كذلك..؟
تغير كل شيء الآن..
أصبح هنك أطباء يتواجدون بكثرة..وبداخل الأقسام..
أصبح هناك علاجات فعالة..وأصبحت الجلسات تعطى تحت التخدير..
أصبح المرضى يأتون لصرف العلاج..ويذهبون لمنازلهم..أصبح هناك تأهيل للمرضى..أصبح هناك رقابة فعالة على الوجبات..
وتحسن أداء التمريض..واختفى التمرجية كذلك..
ثم يأتي القانون الآن ليزيد من الرقابة..ويفترض أن العاملين بالمستشفيات طغمة من الأوغاد..متواطئين دائما..يقومون بتعذيب المرضى بالكهرباء على سبيل الدعابة..
أتعلم شيئا يا صديقي..
ربما أريد بالقانون استعدال العصا المعوجة..فقام بتعديلها كثيرا..
لا بأس..
ربما نحتاج بعض الوقت هنا لتدبر الأمر..
هل رأيت فيلم "أيام الغضب"..؟ فيلم من بطولة نور الشريف وسعيد عبد الغني ونجاح الموجي -رحمهم الله جميعا- وظهرت فيه إلهام شاهين وعلاء ولي الدين -رحمه الله- في أدوار صغيرة..
الفيلم من إنتاج أواخر الثمانينيات..وقد تم تصويره فعليا في المستشفى..سترى فيه صورة المستشفى القديمة قبل أن يتم تجديدها بعد هذا لفيلم بعدة سنوات..
يتحدث الفيلم في تلك الأيام عن كيف تعج المستشفى بمن لا حول لهم ولا قوة..أناس عاديون شاء حظهم العاثر أن يكونوا ضحية لأناس آخرين..أو مرضى عقليين بؤساء..يلقي بهم الأهل هنا ويتركونهم لمصيرهم..لعلاج غير فعال..أو جلسات كهرباء -بدون تخدير- للتأديب وليس للعلاج..
في تلك الأيام تبرز سطوة التمرجية -وهم أقل درجة من التمريض- على المرضى البائسين في المستشفى..وغياب الأطباء تماما..
يحكي الفيلم عن القهر والظلم والامتهان الذي يتعرض له البشر في هذه البلاد..
ربما كان ذلك صحيحا..
يتداول الناس هنا حكايات عن ابن شخص من ذوي النفوذ..يقرب بصداقة قوية مع الرئيس حسني مبارك..أوقعه حظه العاثر في رجل شرطة أو شيء من هذا القبيل..ألقاه في المستشفى كنوع من أنواع التأديب..يذكرون أيضا أنه توفى في عنبر تغرق مياه الصرف أرضيته..
يحكي الناس هنا أن الأنباء وصلت لـ حسني مبارك وزوجته..فأمر أن يتم تجديد المستشفى بالكامل..كان ذلك في أواخر التسعينيات..
بعدها اكتست المستشفى بذلك اللون الأخضر اللبني..وظهر مبنى الأمانة العامة والمبنيين الجديدين..
ثم إنك تذكر أيضا حكاية "نجيب سرور"..أليس كذلك..؟
تغير كل شيء الآن..
أصبح هنك أطباء يتواجدون بكثرة..وبداخل الأقسام..
أصبح هناك علاجات فعالة..وأصبحت الجلسات تعطى تحت التخدير..
أصبح المرضى يأتون لصرف العلاج..ويذهبون لمنازلهم..أصبح هناك تأهيل للمرضى..أصبح هناك رقابة فعالة على الوجبات..
وتحسن أداء التمريض..واختفى التمرجية كذلك..
ثم يأتي القانون الآن ليزيد من الرقابة..ويفترض أن العاملين بالمستشفيات طغمة من الأوغاد..متواطئين دائما..يقومون بتعذيب المرضى بالكهرباء على سبيل الدعابة..
أتعلم شيئا يا صديقي..
ربما أريد بالقانون استعدال العصا المعوجة..فقام بتعديلها كثيرا..
لا بأس..
ربما نحتاج بعض الوقت هنا لتدبر الأمر..
تعليقات
إرسال تعليق