مركز الطب النفسي..جامعة عين شمس..1

القاهرة..
مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..
الأحد: 5 ديسمبر 2010  -  11:15 صباحا..

في كلية الطب بجامعة عين شمس..في مستشفيات "الدمرداش"..
مركز الطب النفسي تحديدا..
أخيرا سنبدأ في حياة عملية يا صديقي..
اليوم الرسمي الأول للدراسة في نظام الماجستير..وقد انقضى الآن..
*-*-*

فكرت منذ البداية..منذ بداية نيابتي أن أبدأ بدراسة الماجستير..ثم أنتقل للزمالة المصرية..
كان السبب  أن أنتهي سريعا من دراسة أاديمية..وأحصل بها على درجة الماجستير في الطب النفسي والأعصاب..لكي أكون مساويا للزملاء في الجامعة..وأستطيع أن أكون على ذات الدرجة العلمية..
كنت أخطط أن أنتهي من هذه الدراسة في أسرع وقت ممكن..أقل من ثلاث سنوات ربما..
ثم أنتقل لدراسة الزمالة المصرية..وهي الدراسة الرئيسية التي سأعتمد عليها في ممارسة الطب النفسي في مصر..
كان ذلك الطريق سيختصر على الوقت..وفي ذات الوقت أحصل على شهادتين معا..
كان بإمكاني أن أقوم بالتسجيل في الزمالة المصرية مباشرة..أو التسجيل المزدوج "غير قانوني"..
لكنني لم أفعل هذا ولا ذاك..بسبب فكرة غبية مسيطرة على رأسي في ذلك الوقت..وبسبب أنني لم أود أن أركب حصانين في ذات الوقت..
*-*-*

كطبيب في وزارة الصحة..حين أستلم نيابتي..أقوم بالتسجيل في دراسات عليا..
الماجستير..أو الدبلوم..أو الزمالة المصرية أو غيرها..
قررت أنني سأسجل الماجستير..وقدمت أوراقي في الترشيحات الوزارية –بصفتي تابعا لوزارة الصحة- في شهر أبريل..وانتظرت النتيجة في منتصف مايو..
كان هناك شرط مستحدث للتسجيل في الدراسات العليا هذه السنة..وهو مرور ستة أشهر عمل فعلي في النيابة..
لم يكن قد مر علي أكثر من شهرين حين قدمت أوراقي..لكنهم أخبروني أن كل شيء ممكن في وزارة الصحة..طالما هناك أمااكن للتسجيل في الجامعات المختلفة..
بالنسبة للطب النفسي كان هناك وفرة من الأماكن المتاحة للتسجيل..
قررت أن أذهب لإحدى المدرستين العريقيتين للتسجيل..الدمرداش أو القصر العيني..
أردت أن أبتعد عن الهراء الخاص بجامعة الزقازيق..وما رأيته من سخافات في الدراسة أو الحضور والانتظام أيام الكلية أو الامتياز.
قررت أن أبتعد كثيرا..بقدر الإمكان..

*-*-*

منذ أن ظهرت تيجة الترشيحات في مايو..وتبين قبولي بجامعة عين شمس..وأنا مستمر في الذهاب كل أسبوعين تقريبا..لكي أبدأ الدراسة..
لكن منذ البداية..ل يكن أحد يعرف أي شيء عن أي شيء..سواء في مكتب الدراسات العليا..أو في مركز الطب النفسي في عين شمس..
هناك تلك الموظفة الغريبة..تتجاهلني أحيانا..وتعاملني بالترحيب أحيانا..
بطبيعة الحال حين يدركون أنك لست في الجامعة..يتحول الأمر لكلام آخر..
كنت قد ذهبت للمديرية..وحصلت على أوراق الترشيح بعد لفة طويلة للغاية..
في النهاية حصلت على نسخ ورقية من قرار الترشيح والموافقة على التسجيل بعين شمس..وكنت أظن أن ذلك  سيرحمني من لفة طويلة أخرى في الجامعة..لك الكل هناك كان يحيلني للا شيء..
الإجابة السحرية: "تعال بعد أسبوعين..سيكون فلان قد أتى.."
فلان هذا قد يكون موظفة ما..أو رئيس إدارة ما..أو وكيل كلية ما..أو طبيب ما..
لا يوجد هاتف أو شيء من هذا القبيل للسؤال أو التأكد..
لذلك..كان الوضع كالتالي..وهو جدير بنظام بيروقراطي هنا: سأقدم طلبا للحصول على ورقة ما..ثم آتي بعد أسبوعين للحصول عليها..
بالطبع لو أردت ورقة مكملة..سأقدم طلبا آخر..وأنتظر أسبوعين آخرين..
لو سألت عن دورة المياه لطلبوا مني الحضور بعد أسبوعين فيما يبدو للإجابة..
لا بأس..
لقد فهمت في النهاية أنني حضرت مبكرا للغاية..
الدراسة هنا لن تبدأ قبل شهر أكتوبر من ذات العام..
*-*-*

أيام وأسابيع وشهور تمر..
انقطعت فترة طويلة عن الذهاب بعدما يأست أن يخبرني أحدهم بأي شيء يضعني على الطريق..
وفي المستشفى لم أكن قد عرفت أحدا بعد يدلني هو الآخر على الطريق..
ربما لم آتي لهنا كمنذ شهر تقريبا..
وف يوم ما..الأسبوع الماضي..ذهبت لهناك بالصدفة البحتة..
فوجدت إعلانا معلقا على المدخل بخصوص محاضرات في "علم السلوك – Psychology" وهو أحد المقررات الخمسة التي سندرسها في السنة الأولى..وقد تم تحديد بداية المحاضرات فيه منذ أسبوعين..!!
هكذا إذن..
لا بأس.كان هذا متوقعا منذ خيبة اللأمل الأولى التي حصلت عليها حين وطأت أرض هذه الكلية مجددا بعد عشر سنوات كاملة..من وطأتي لها في السنة الأولى من الدراسة بكلية الطب..
ذات السخافة والحق يقال..
ها قد عرفنا أن هناك مقررا يتم تدريسه منذ أسبوعين..ما ذا عن باقي المقررات إذن..؟
كان السؤال موجها لسكرتارية القسم..وهي سيدة مسكينة مبعثرة لا تعرف شيئا هي الأخرى..
الإجابة كانت: ربما تود أن تسأل في تلك الأقسام عما تريد..
لا بأس..
على الأقل عرفنا شيئا هنا في هذا التيه..
*-*-*

خذ عندك مثلا على سبيل المثال:
هناك إشاعة قوية عن النظام الحديث للتسجيل في الماجستير لهذا العام..
بعيدا عن أنه مختلف عن النظام السابق..أنه محدود بعدد سنوات محدد..أربع سنوات على أقصى تقدير..لا بد أن تكون قد أنهيت الأجزاء الثلاثة: الجزء الأول..الرسالة..الجزء الثاني..في هذه السنوات الأربعة..النظام السابق كان مفتوحا لعدد لا نهائي من السنوات..
الإشاعة كانت تتعلق بنظام جديد للإشراف على الدراسة..هناك دفتر للأنشطة – Log book" لتسجيل الحضور للمحاضرات والفعاليات الأخرى بالمركز..وسجيل ساعات تدريبة معتمدة..
شيء عظيم..لكن هذا الدفتر حين سألت عنه السكرتارية كنت أتوقع الرد أن أبحث عنه في مكان آخر..
لكن كان الرد متفائلا للغاية: لا نعرف عنه شيئا بعد..
كعادة الأنظمة التي تتبنى التحديث والتطوير..سنضع الاستراتيجية..ثم نبحث سبل التطبيق فيما بعد..
لا بأس..
نظرية "ما عندناش..بس إيه رأيك في النظام.." تعمل بشكل رائع..
*-*-*
لم تأت الأستاذ التي كان من المفترض أن تعطينا المحاضرة الأولى..
لم يكن هناك من يعتذر..أو يبرر التغيب..
لذلك قضيت الساعتين الضائعتين في التمشية جيئة وذهابا واحتساء القهوة المركزة..
حتى يأتي وقت الرحيل..