مشتول السوق..وحدة المنير..27

مشتول السوق..
الإدارة الصحية..
20-6-2009  -  7:30 مساءً..
لابد أن أعترف..
مدرك ان ذلك يمثل صعوبة لك..صعوبة بالغة في الحقيقة..
لكنه واقع..وعليك أن تعترف به..
هناك تقدم يحدث هنا..
صحيح أنه تقدم يحبو..كخطوات طفل رضيع مصاب بشلل دماغي..
لكنه يحبو برغم ذلك..
يجب أن تأتي وكالات النباء العالمية لتسجل الحدث التاريخي..
هناك من قام بنقل السرير المخصص لبيات الطبيب النوبتجي في الإدارة..ليكون في مكتب الرصد الوقائي..ليصبح موقعه أسفل المروحة تماما..
يبدو أن هناك من فكر لبعض الوقت..وأدرك أن من يأتي للبيات هنا..هو انسان في النهاية..ولايختلف عنه كثيرا..
وفي صيف مقبل كاللذي نحيا في قيظه من الآن..سيكون من الرحمة أن يتبدى هذا التفهم في تحريك السريرمن تلك الغرفة الخانقة بجوار السلم..
صحيح أن الملاءة لاتزال كما هي..صحيح أن الوسادة لاتزال منجدة بالأحجار..صحيح أن السرير لم يتغير أبدا..
لكن تظل هذه خطوة صغيرة للإدارة..
لكنها قفزة عملاقة للبشرية المعذبة هنا..!!
*-*-*
هم خطوتين في الواقع..
وهو شيء يجب ان تسجله وكالات الأنباء العالمية مرة أخرى..
حدثين فريدين في وقت واحد..
يا للآلهة..
اقتربت ساعة القيامة يافتى..!!
هناك تلك "الناموسية"..
ناموسية عملاقة بلون أزرق..تنحدر من السقف..حيث هي معلقة بخيط ما..لشيء ما..
تنحدر بنعومة ورومانسية بالغة..وحيث تنسدل إلى جوانب السرير..
في مشهد يليق بغرفة عريس وعروسة..!!
سمعت مسبقا عن الناموسية الكحلي..
لكن..ناموسية زرقاء فاتحة اللون كهذه..!!
لم أكن متأكدا في الحقيقة هل ذلك اللون الأزرق هو لونها الأصلي..أم كان انعكاسا لملاءة السرير..
كنت أتهيب الاقتراب..
هناك ذلك المشهد الغريب في فيلم لعلاء ولي الدين رحمه الله..فيلم "عبود على الحدود"..حيث يذهب لأحد بيوت الدعارة..يدخل الغرفة..هناك..في آخرها..يكون السرير بناموسيته الحمراء..
لم أكن ساعتها أستطيع تحديد منبع اللون أيضا..لأن هناك أسفلها كان يتبدى شيء أكثر أهمية..!!
لابأس..
مهما بلغ بي الخيال الجامح..فلا أستطيع أن أتصور تلك الحسناء التي ستقضي معي ليلة أسفل تلك الناموسية في إدارة صحية في مشتول السوق..
وبالتأكيد لن يكون بصحبتها مترجم..
غالبا سيكون هناك بدلا عنه مراقب صحي..يدخن بشراهة..ويروي قصصا من تلك النوعية..
وصدقني..
ستكون مناسبة للغاية على هذا النحو..
*-*-*
لا أدري من العبقري صاحب الفكرة..
لم أسأل..ولن أسأل..
فلو لم يكن شخص ما في الإدارة..فسيكون أحد البائسين الذين يقضون نوباتجياتهم المؤلمة تلك..
وربما يكون أحدهم قد حاول أن يرحم نفسه من تلك النواميس..فأتى بهذه الناموسية من بيته..
ربما هي عهدة..
يقوم شخص مسؤول عنها بفرشها بعد انصراف الموظفين وبدء النوبتجية..
لأنك ياصديقي لن تتخيل أبدا أن تدخل مصلحة حكومية ما نهارا..فتجد سريرا بجوار مكتب وضع عليه كمبيوتر..وعلى الجدران علقت خرائط مقاومة الوباء..وإحصائيات المواليد والوفيات..
والأسوا..مفروش بناموسية زرقاء..!!
لابد أنها عهدة ما..أتت من مخازن الإدارة الأسطورية..
لكن السؤال..
تلك العهدة..هل تشمل النواميس المصاحبة لها..؟!
*-*-*
ذهبت فقط بديلا عن الزميلة الفاضلة..وحتى وقت انتهاء نوبتها في الإدارة..
لم يتغير موقفي..
لست أنا الذي يغير مواقفه حتى ولو من أجل ناموسية زرقاء..
صحيح أنني شاب في مقتبل العمر..ومثل تلك الأشياء تلهب الخيال..

لكن..لا..لن أظل هنا..ولن أبيت هنا..
في تمام الساعة الثامنة سامضي لحال سبيلي..
ولن تمر علي ثانية اخرى هنا..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قسم الجراحة - حوادث 3

مستشفى العباسية..العيادات الخارجية..17

مستشفى الأطفال..8