قسم النساء والتوليد - حوادث 6
6-4-2008 .. 9:00 صباحا..
المفترض أن أكتب تاريخ اليوم.. 7-4 ..لكنه الخلط المعتاد..
أنا الآن في هذه الساعة المبكرة ، أكتب عن حالتين غريبتين رأيتهما أثناء سهري في استقبال الطوارئ بمستشفى الحوادث..
الأولى.. إنسان قزم..يعاني من الخرس..وبعض التأخر العقلي على ما أعتقد..
لابد من أنها متلازمة ما من تلك التي تملأ كتبنا.. والتي نسينا عنها كل شيء..
عندما جاء في البداية.. كان فقط يصدر أصواتا غريبة..لا نفهم منها شيئا..
بالإضافة لإشارات بيديه ، لم نفهم منها شيئا هي الأخرى..
يشير إلى بطنه المنتفخة.. إلى حلقه.. ثم يشير إلى كم قميصه..
ما معنى كل هذا بحق الله..؟!
وأي شعور عارم بالشفقة..بالحزن..
وإحساس غامض بالذنب..
كيف يترك من مثل هذا..وحيدا بلا رعاية من أهل أو صديق..أو من الوطن الذي هو من مواطنيه..
كيف تتعامل مع شخص مثل ذلك الرجل..لا يستطيع أن يعبر عن ألمه إلا بإشارات غامضة..
إذن ماذا فعلنا..
مضاد للتقلصات..
وبعض التربيت على الكتف..
*-*-*
المريض الآخر..أول ما أحسسته نحوه ، هو التقزز..
ليس من المريض نفسه طبعا..
لكن من تلك الجروح القطعية التي تملأ جانب وجهه.. ومن ملابسه الغارقة بدمائه..
من لون الدم ذاته.. ومن بقع الدم المتجلطة..
رحل متقدم في العمر..ذو ذقن بيضاء داكة.. ورأس حليقة..
رباه..
أنا لن أضع يدي على شيء كهذا..لن أستطيع أن أمنع نفسي..
اصطحبته إلى الطبيب المقيم..ولأنه رأى الكثير..طلب مني خياطة الجروح بكل بساطة.. لكنني لم أفعلها بنفسي.. ناديت زميلي.... ولم أمض..بل وقفت مساعدا لزميلي ذاك..
ظللنا نعمل ما يقارب الساعة والنصف..
في هذه الأثناء..عادت مشاعر الشفقة والحزن السابقة لتغمرني من جديد..
أي قسوة صنعت تلك الجروح..أي شهوة حيوانية جعلت صاحبها يمزق وجه هذا الشيخ بهذا الشكل..
كان الرجل يتحمل الألم..بانكسار.. بصوت مختنق كالبكاء..
كان يحمد الله على ما حدث..
رباه..
كيف يحيا الرجل بكل هذه الاستكانة..كيف يتحمل كل هذا القدر من الألم..
ألم الجروح..ألم الخياطة..ألم الإهانة..
لا ادري..
لكن الحمد لله على كل حال..
تعليقات
إرسال تعليق