مشتول السوق..وحدة الصحافة..4

مشتول السوق..
وحدة الصحافة..
26 – 10 – 2009  -  11:00 صباحا..
استمرارا للحملة..اليوم الثاني..
وسط أدغال القرى..ومجاهل الزراعات..ودروب العجز..نبحث عن بصيص أمل..
أطفال الفلاحين الفقراء المعدمين..والبيوت الواطئة المشوهة..وحيوانات تكسوها الفاقة..نحارب ببسالة..
ها نحن ذا نقوم بـ..
لحظة..
لحظة واحدة..!!
هذا أداء مبالغ فيه حقا..جدير ببطل سلسلة روايات..
أنت لست علاء "عبد العظيم" ياصديقي العزيز..أنت لست طبيبا بوحدة "سافاري" التي تطارد المرض..وتجرد حملات للقضاء على الأوبئة..في نزال علمي صارم..وحرب محترمة..
حتى لو كنت كذلك..
فلن يكون الآخرون كذلك..
لا المرضى..ولا الأهالي..ولا الأطفال..ولا الوحدة التي تعمل بها..ولا الممرضات..ولا الامكانيات..ولا المرض نفسه على أغلب الأحوال..!!
كل شيء هنا مشوه..لايشبه الصورة العظيمة –في بؤسها وجمالها وعذوبتها وحزنها وألمها وشجنها- التي ترسمها سلسلة الروايات الشهيرة للقراء..
حتى الفقر نفسه هنا..
يوجد بصورة مشوهة بغيضة..
*-*-*
إذن..لنعد للواقع..
المرور على الوحدة صباحا..التوقيع بالحضور..
ثم الخروج لركوب أي مواصلة تحملك لأي مكان "مستهدف" فيه أطفال لتلقي التطعيمات..
نصيبك اليوم هو مدرسة ابتدائية..يبدو أنها حديثة الانشاء..
هذه المرة يغمر النور ساحتها الداخلية..يدخل عبر النوافذ الواسعة في الفصول..هناك علم بائس يتدلى من وسط الساحة المتوسطة..
نمر عبر غرفة الناظر..الذي يرحب بنا..
السادة المسؤولون عن صحة أبنائنا..القادمين بتكليف رسمي من الجهات العليا..المغلفين ببعض الرهبة..
طبيب..وممرضات..وتطعيمات..وحملات..لابد أن هذا شيء جدير بالمشاهدة..
يطالب بأكواب الشاي..
ثم نقوم إلى حيث المرور على الفصول لاستكمال العمل..
*-*-*
كما قلت..
الأمر كله فوضى..
فلاداعي للحديث عن المزيد باسترسال..
لك أن تتخيل الموقف..
طبيب شاب غرير..بعثوه إلى هنا..لكي يساعد ويشرف على ويسعف في حالات الضرورة الأطفال الذين يتلقون التطعيمات..ويتأكد بصفته في مركز السلطة العليا لكل هؤلاء على اتمام الأمر بصورة صحيحة..
كن الوضع في ظل هذه الظروف يتحول إلى مجرد ديكور بائس..
منظر من تلك التي تأتي في أخبار الساعة التاسعة صباحا..
لاشيء هناك سوى محاولة افهام الممرضات -المتعجلات لانهاء عمل اليوم- أن المحاقن تملأ ويتم اعطاؤها مباشرة للطفل..وأنها لايعاد تغطيتها بعد ملئها ولا بعد انتهائها..وأنها تعطى للأطفال تحت الجلد
(S.C.) وليس في الجلد ذاته (I.D.)
وأنها تعطى للأطفال الذين لم يتلقوا التطعيم في حملة شبيهة كهذه..وأنه تمسح أو تكتم قطرات الدم لو خرجت، بقطنة –حيث المسحة الطبية وبلاستر الجروح الجاهز أشياء من قبل الخيال العلمي هنا- وليس بإصبعها..وان تنبه على الكاتبة بأن تكتب أسماء الأطفال الذين تلقوا التطعيم فقط..وليس كل الأطفال المتواجدين في الفصل..إلخ..
كما ترى ياصديقي..
الحياة هانئة تماما..لاينقصها أي من أنواع السعادة الأخرى ليأتي طبيب شاب جاهل غاضب ليقول لهم مايجب أن يفعلوه..
ينتظم الوضع بعض الشيء..
ثم يعود لسابق عهده..
هم فقط لايتعمدون فعل هذا..أو يتحدونك..
هم لايفهمون طريقة لعملهم غير هذه..
ولاسبيل يبدو قريبا لتغيير أشياء كهذه..
*-*-*

يوما ما سينتهي كل شيء..
يوما ما سنموت..وسينتهي كل شيء..
فقط تمسك بالأمل..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قسم الجراحة - حوادث 3

مستشفى العباسية..العيادات الخارجية..17

مستشفى الأطفال..8