مشتول السوق..وحدة المنير..25

مشتول السوق..
وحدة المنير..
10 – 6 – 2009  -  2:30 ظهرا..
احيانا أفكر بالذهاب للوحدة عن طريق المواصلات..
يكون ذلك أحيانا بسبب وجيه..
هناك من اقترض مني سيارتي..أحد إخوتي مثلا..لقضاء مهمة ما..
أو يكون ذلك لسبب أكثر وجاهة..
أنها ترقد جاثمة بلا حراك..مثلما باتت تفعل كثيرا في الآونة الأخيرة..
أو يكون ذلك لسبب بدون أي وجاهة على الاطلاق..
أنني –فقط- أرغب في الذهاب عن طريق المواصلات..!!
وهي رغبة جامحة لا أستطيع أن أوقفها عن العبث بدماغي..
وكعادة أي رغبة جامحة..
أندم عليها كثيرا فيما بعد..
*-*-*
في موقف سيارت الأجرة..
أركب في الميكروباص المتهالك..الذي بدأ في السير..
كنت على كرسي يتفاعل مع السيارة..حركته كانت تشبه حركة قافلة من الجمال..يتحرك صعودا وهبوطا وإلى الأمام والخلف..
كنت أتمنى فقط لو كان يتحرك لليمين والشمال..بحيث أكون قد جبت العالم على متنه..!!
في عز الظهيرة..
آشعة الشمس تقرر أن تتسلى قليلا..مع الأتربة الخانقة التي تعلق في الهواء..
والطريق طويل ياصديقي..
الطريق طويل..
أطول من اي فكرة خطرت ببالك يوما..
*-*-*
أصل لموقف سيارات الأجرة في مدينة –لامؤاخذة- مشتول..
أهلا بكم في مدينة –لامؤاخذة- مشتول السوق..
أكمل المسيرة بسيارة خرجت من ذات الظروف التي خرجت منها السيارة التي جئت بها من الزقازيق..
وإن كانت أكثر سوءا بقليل..
هذا طبيعي..نحن نبتعد أكثر عن المركزية..
تكمل السيارة الثانية المسيرة الطويلة..
حتى أصل لحدود البلدة التي تقع فيها الوحدة..
أهلا بكم في قرية المنير..
أكمل الطريق سيرا على الأقدام..بين حواري وطرق ترابية ضيقة..ومساكن قبيحة..
أصل للوحدة الصحية أخيرا..
أهلا بكم في الوحدة الصحية..
نرجو ان تتركوا وراءكم كل أمل ممكن..
فهو شيء مبتذل هنا..
*-*-*
تتوقع مني وزارة الصحة الكثيرهنا..
تفترض مبدئيا أن أصل منتعشا..متفاءلا..مقبلا على الحياة..
ثم ابتسم ابتسامة ناصعة البياض..وأقبل على العمل بحماس..
لا بأس..هي افتراضات لا أكثر..لاداعي لتعقيد الحياة أكثر..
اللعنة..
اللعنة وألف لعنة..
*-*-*
في طريق العودة..يكون الأمر أكثر صعوبة..
كما أسلفت..أنت بعيدا جدا عن المركزية الآن..
تمر بذات الطريق المترب..بذات الحواري والأزقة..
بذات الأطفال المتشردين..بذات المحال المفتوحة دوما..والتي لاتبيع أي شيء دوما..والمتزاحمون عليها دوما..
الطيور التي تلهو بالقرب من أبواب البيوت القبيحة دوما..
تصل لمحطة البنزين التي يهرب صاحبها الوقود المدعم لبيعه في السوق السوداء بأضعاف ثمنه..
ثم بداية الطريق..تعبر للجهة الأخرى منه..
ثم ننتظر..
لاشيء سوى الانتظار الآن ياصديقي..
*-*-*
تشير بيدك للقادمين..
قد يكون حظك حسنا..وياتي ميكروباص ما..وبداخله مكان أو اثنان..
وقد يكون حظك أكثر حسنا قليلا..وتكون بمفردك..
وقد يكون حظك حسنا بما لايقاس..وياتي الميكروباص سريعا..
وقد لايكون كذلك..
لاتأتي سوى تلك العربة النصف نقل..المحسنة بإضافة تعديلات على مؤخرتها..فتصبح أقرب لسيارات نقل المواد الغذائية المجمدة..
مع الفارق طبعا..
على الأقل تكون تلك الأخرى مكيفة..
وقد يكون حظك أكثر سوءا..وتكون حتى تلك السيارة النصف نقل ممتلئة لآخرها..فتضطر للوقوف بجوار الآخرين على إفريزها الحديدي الخلفي..وحينها سيمتد الطريق أمامك..وسيصفعك الهواء بقوة..
حاول أن تتخيل نفسك تقف على بحيرة ما..وهناك عاصفة تهب..
لكن الأسوأ على الإطلاق..
هو أن تظل تقف..تقف طويلا..
تقف وتمر الدقائق بطيئة..ثم تصبح أرباعا للساعة..ثم تصبح ساعات كاملة..
أنت تقف..وحيدا..وقد بدأت الشمس ترسل لهيبها أكثر..
أو بدأت ترخي ظلالها إيذانا بحلول الليل..حسبما خرجت من البلدة..
أنت تقف..وتعانى من الكابوس..
ستظل هكذا إلى يوم الدين..غريب في بلدة غريبة..
*-*-*

ستنتظر..
لا سبيل إلا الانتظار..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قسم الجراحة - حوادث 3

مستشفى العباسية..العيادات الخارجية..17

مستشفى الأطفال..8