مستشفى العباسية..العيادات الخارجية..15

مستشفى العباسية..
العيادات الخارجية..
26 – 4 – 2010  -  1:35 ظهرا..
العودة مرة أخرى للمكاتب الوثيرة في العيادات الخارجية..
العودة لما كنا عليه..
لا بأس يا صديقي..
هذه هي الحياة..
*-*-*
فوجئت باستدعاء مدير العيادة لي..
استغربت من الأمر..عادة يكون الأمر تقصير مني حسب تصوره..أو توجيه ما..أو فقط تذكير منه بوجوده هنا..
ربما تصورت أن الأمر سيكون في النهاية لوما منه على غيابي يوم الاثنين الماضي..لكنه كان في الحقيقية يستدعيني بقصد لومي على غيابي عن العيادة أسبوعا لحضور دورة تدريبية بدون استئذان..!!
كنت لا زلت أتحلى ببعض الصبر في تلك الأيام البعيدة..فأخبرته أنني فوجئت باسمي لدى دفتر الحضور في ذلك اليوم..وأنني حضرت لأقوم باستئذانه لكنه لم يكن موجوداً..وتركت خبرا صغيرا لدى الموظفة في المكتب..
حتى هو لم يكن لديه أكثر من أن يقول لي أنه سيبحث الأمر مع إدارة التدريب..
لكني لم أستطع إخفاء احمرار أذني..
*-*-*
أنا لا أحب أن أنتقد..
هذه حقيقة..
أي انتقاد لي سواء بتوجيه اللوم أو بالسباب أو بالتقريع أو أي شيء آخر، هو انتقاص مباشر مني..
لدي حساسية بالغة من مثل هذه الأمور..
وكلما كان النقد أكثر هدوءا..كلما كان احساسي بالذنب أكبر..
والعكس لو احتوى على سباب أو تهديد أو أي شيء من هذا القبيل..سأتحول فورا لأصبح أكثر حدة..
لا أقصد بهذا أنني ديكتاتور بغيض يكره مخالفيه..أنا فقط أحب ألا أوضع في موضع نقد أو تجريح أو سخرية..
أنا فقط طفل لم يتعود إلا أن يثني الجميع على أفعاله..يتقبلونها بصدر رحب..ينتظر التقدير دوما..ويبستم ابتسامة بلهاء حين يشكره أحد..
طفل سيبغض من يوجه له إهانة بأي شكل..
هل هي أمور -من طفولة مر عليها عشرون عاما- لا زالت عالقة في ذهني..؟
ربما ياصديقي..
فقط..أوضح لك لماذا تحمر أذنيّ وأشعر بالغضب الآن..
*-*-*
ربما أخذت الأمر على محمل آخر..وهو اتهامه لي بالتلاعب في أيام حضوري..
لا أنفي عن نفسي في ظل نظام/لا نظام، ومنظومة فاسدة أنني أحيانا أقع في فخ مقيت..
مثلا..أتغيب يوما عن الحضور..ولدي بطبيعة الحال يومين لا أعمل فيهما رسميا بتصريح من مدير العيادة..
من المفترض أن أقوم بتعويض هذا اليوم الذي لم أقم بالعمل فيه بالعمل يوما آخر بديلا عنه..
لكني لم أفعل ذلك..
فقط أقوم بتحضير إجازة عارضة..وأطلب من مدير العيادة التوقيع عليها..وأحتفظ بحقي –المسروق- في يومين بلا عمل..
بعض زملائي أخبروني بأنني أستطيع تعويض اليوم بيوم آخر..وإخبار المسؤول عن الدفتر بذلك..
لكني سألت نفسي عن موقف باقي الزملاء –هم ذات الزملاء بالمناسبة- بالعيادة المعتمدين علي -وذنب المرضى المتوافدين بطبيعة الحال- في هذا اليوم الذي لم أقم بالحضور فيه..وما ذنبهم حتى يتحملوا اختلال العمل -الذي حدث أصلا!- بسبب عدم انتظامي..
لذلك أقوم بعمل إجازة عارضة..ولا أعرف الحقيقة ماذا أفعل حين تنتهي تلك الإجازات..
فأكون بذلك كمن رقص على السلم..
لا التزمت بنظام صارم للعمل..ولاانخرطت في نظام فاسد..
تقول لي نفسي الأمارة بالسوء أنني أعمل بجد في الأيام التي آتيها هنا..أنني أول من يحضر..وآخر من يغادر..
فلم يشكك في عملي..ويقلل من تقديري لذاتي..؟
ثم أقول لها بعد تفكير أن المفترض أن تكون هذه هي طبيعة العمل أصلا..المفترض أنني لا آتي للمتعة..!!
مأساة..ومأساة أنه لن يفهم أحد هذا..
لذلك سأظل وحيدا هنا لفترة طويلة للغاية..
لكن لا تجعل ذلك يؤرقك..
فستستمر المأساة طويلا حتى تعتادها..
 أو تكاد..
*-*-*

ثم إن اليوم كان يوم عمل عصيب فعلا..والحق أنني كنت أتوقع ذلك..
الأمس كان يوم إجازة رسمية..لذلك يتكدس المرضى بالخارج بأعداد مهولة..
ظللت أكتب..وأكتب..وأكتب..
حين أنهيت ملف مريضي الأخير..تنفست الصعداء..
على أي حال..قد مر اليوم أخيرا..

تعليقات

  1. " أنا لا أحب أن أنتقد.. هذه حقيقة.. أي انتقاد لي سواء بتوجيه اللوم أو بالسباب أو بالتقريع أو أي شيء آخر، هو انتقاص مباشر مني.. لدي حساسية بالغة من مثل هذه الأمور.. وكلما كان النقد أكثر هدوءا..كلما كان احساسي بالذنب أكبر.. والعكس لو احتوى على سباب أو تهديد أو أي شيء من هذا القبيل..سأتحول فورا لأصبح أكثر حدة.." ... أنا مش عايز أحلف ... بس أقسم بالله كأنك بتتكلم عنى :) :) :) ...

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قسم الجراحة - حوادث 3

مستشفى العباسية..العيادات الخارجية..17

مستشفى الأطفال..8