أطباء بلا حقوق..1 (ج2)

"تدوينة مجمعة -  بداية قصتي مع مجموعة أطباء بلاحقوق"
من 16 مارس وحتى 30 مارس 2010

 القاهرة..
دار الحكمة..حديقة المهن الطبية..
الأحد  28 – 3- 2010  -  5:00 مساءً..

 يوم الجمعة الفائتة بعد الجمعية كان الاتفاق على أن نتقابل يوم الأحد –أي بعد يومين- للحصول على نسخة مختومة من قرارات الجمعية العمومية الأخيرة..

جئت مبكرا قليلا..انتظرت بداخل النقابة..
بدأ الآخرون في المجيء..يعرفون بعضهم جيدا فيما يبدو..أو أنني لا أستطيع الاندماج بسهولة فيما يبدو أكثر..!

ثم جاءت د.منى..لأول مرة أقوم بمصافحتها..
ابتسامتها آسرة هذه السيدة..
انتظرنا قليلا..ومضى بعض الوقت حتى تجمع الباقون..ثم دخلنا جميعا لمكتب أمين عام النقابة..
د.عبد الفتاح رزق..(..)
لم أستطع أن أرتاح له على الإطلاق..
هناك تلك الابتسامة الصفراء المقيتة..الابتسامة التي تفضح صاحبها..
لم يكن عضوا نقابيا..بل قائما بالأعمال..لأنه وعلى مدى ثمانية عشر عاما لم تجرى خلالها الانتخابات..فقد مات من مات من أعضاء النقابة..وسافر من سافر..وصعد من صعد لمستوى أعلى..
لذلك كان واجبا أن يتم الاستعانة ببعض الأعضاء من خارج النقابة..
بعد عدة جمل متبادلة..والاطلاع على نسخة القرارات التي لم أكن أفهم أهميتها حينئذ..على حين فجأة..تكهرب الجو..
كنت منهمكا في تأمل الحاضرين..حين أفقت على صوت المشادة الكلامية..
د.منى ود.بكر يتجاذبان حديثا عصبيا مع د.رزق حول قرار ما لم يوجد..
تذكرت الآن القرارات التي تم أخذها في الجمعية..
بعد أقرار الموازنة لسنة 2009..وبعض القرارات العادية التي تتعلق بالأعمال الروتينية في النقابة..كان هناك مطالبة بأن تكون هناك وقفة احتجاجية على سلالم النقابة يوم التاسع عشر من أبريل..ثم يتلوه وقفات احتجاجية رمزية واضراب رمزي لمدة ساعة واحدة بكافة المستشفيات في الجمهورية يوم الثالث من مايو..
حين رأت د.منى القرارات لم يكن هناك ذكرا ليوم الثالث من مايو..
أخبرنا د.رزق ان النقيب أسقطه من القرارات بأمر منه..
هذا خرق فاضح لقوانين النقابة..
قرارات النقابة التي تأخذ في الجمعية العمومية تكون لها السلطة العليا ومجلس النقابة الذي يرأسه النقيب عليه تنفيذها ولا يتدخل فيها بأي شكل..
أمر يستحق المحاسبة..لكنه هنا أصبح مدعاة للسخرية..
حين اشتد الأمر بين الجميع..قال د.رزق بابتسامته اللزجة إذا لم يعجبنا الأمر..فلنلجأ لرفع قضية لفرض الحراسة..(..)

هذا أشبه بالفرار من براثن الذئاب..لتسقط بين براثن الضباع..
بعد قليل..خرجنا من المكتب..واتفقنا على اللقاء في الحديقة الخاصة بنادي المهن..
كالعادة وافقت..وذهبت مع الجميع..
*-*-*

جلسنا في دائرة..وتعرف بعضنا على البعض الآخر..
لأول مرة آتي لهذا المكان..لم أكن أعرف أن النقابة تمتلك امتدادا خلفيا لها هنا..
(هذا خطأ..هذه الحديقة تابعة لما يدعى اتحاد النقابات الطبية..وهو اتحاد يجمع بين من لهم حق كتابة وصرف الأدوية عبر وصفات طبية..وهم بالإضافة للأطباء: الصيادلة..وأطباء الأسنان..والأطباء البيطريون..وليس منهم نقابة التمريض أو غيرهم كما كنت أعتقد..)

الحقيقة أن معظم المعلومات التي كانت تقال أمامي بخصوص النقابة أو المجلس أو النقيب كانت جديدة لي تماما..في كثير من الأحيان –بالنسبة لشخص متحفظ للغاية مثلي- كان الحوار يقترب للحماقة والاندفاعية..ربما كان ذلك بالنسبة لي أمرا غريبا..أن من يجلسون هنا ليسوا بعيدون تماما عن السذاجة..برغم نبل الأهداف الذين يدافعون عنها..
هذا درس مهم يا صديقي..
ليس هناك ملائكة..كلنا بشر..الأفضل منا يحارب لأجل الخير..وينجو بنفسه ومن يحب من الشر..
ربما كان ذلك لأن أغلب الحاضرين كانوا حديثي السن..لم يشارك أي منهم في أي نضالات سابقة..ولم يكن لأي منهم سابقة عمل سياسي أو نقابي ما..
(خطأ..بعض من الجالسين كانوا منتمين لتيارات سياسية بعينها..وحركات احتجاجية..بل وأحزاب..ربما باستثناء أربعة او خمسة أشخاص..)

قال أحد ما لست أذكره تعليقا على اقتراح ما لست أذكره أيضا: العمل النقابي يختلف عن العمل الطلابي..
نعم..أعتقد ذلك..
وأعتقد أنني لست مختلفا عن الكثيرين هنا..
كان هذا هو أول اجتماع لي مع مجموعة أطباء بلا حقوق..
نحن لازلنا في البداية يا صديقي..

لدينا الكثير لنفعله..
والكثير لنتعلمه..
فلا تدع خيبة الأمل تشغل تفكيرك طويلا..