مشتول السوق..وحدة المنير..11

بلبيس..
المركز الطبي..
10 – 5 – 2009  -  10:30 صباحا..
مرة أخرى..أستمتع أنا بالغباء البشري في مركز رعاية الأمومة هنا..
يقولون أنني طبيب رعاية أساسية..
وهذا يشمل التعامل مع الأطفال من تطعيم وأمراض وخلافه..
وكذلك النساء والتوليد ومايصاحبها من تنظيم الأسرة..
هذا هو ملخص طب الأسرة لو أضفت إليه بعض الأمراض الأولية غير المتخصصة بالباطنة أو الصدر أو الجراحات البسيطة التي لا تطلب تخديرا..
من المفترض أنه كان هناك مشروعا طموحا..أن يحصل كل طبيب تكليف على زمالة طب الأسرة في الفترة التي يقضيها قبل التخصص..على الأقل جزء منها..تجعل منه ممارسا عاما يصلح لاكتشاف الأمراض والتعامل مع الحالات الأولى..وتحويل مايلزم منها للأطباء الأكثر تخصصا..
أما مايحدث هنا..فهو الغباء بعينه..
جزء جديد من منظومة الفوضى التي تضرب أطنابها بكل مكان..
هناك دورة ما لأساسيات تنظيم الأسرة..ووسائل منع الحمل..تحديدا تركيب اللولب على أساس أنه الأكثر طلبا بين المترددات هنا..
هالالويا..

ابعثوا إذن ببعض الحمقى ليكتسبوا بعض الخبرات..تصلح للتعامل مع بعض الحالات..
هكذا..بلا أي نظام..
دعك من أزمتي القديمة, وكراهيتي لهذا الفرع من الطب..
أدرك جيدا معنى أن يكون لدي معلومات أساسية بكل الفروع..
منها الجراحة والنساء والتوليد والأطفال..
لكن في ظل هذه الفوضى..مالذي يدفعني لذلك..
مالذي يدفعني لممارستها..
معلومات نظرية نعم..ممارسة..لا وألف لا..!!
كلها بضعة شهور وأغادر هذا المستنقع بكل تأكيد..الزمالة أو النيابة الطارئة لتخصص الطب النفسي..
وسأخلف كل هذا من ورائي..
فليفعله من يرغب بأن يكمل هنا أصلا..
*-*-*

ظل الطبيب المسؤول عن التدريب يتابع الشرح بالتصوير والتكرار الممل..
ارتدي القفاز..ضع أدة فتح المهبل..افتح..ضع أداة تحقّق العمق..أدخل اللولب..بطريقة تقنية معينة..اتركه بالداخل..
ثم..
مبروك..
أصبح لديك لولبا ياسيدتي..
اهنئي بالا..
هكذا..بتكرار وملل يثير الأعصاب..
وفي هذا اليوم..كان الرجل يقوم بتدريب عملي..فكان يقوم بنداء الزملاء والزميلات الواحدة تلو الأخرى..
كانوا وكن يتسابقن من أجل أن يرين ويضعن تلك اللوالب..
أما أنا..فكنت أتحاشى نظراته..وأهرب إلى ركن منزو بالغرفة الأخرى..
كنت أعاني من ذلك التطهر المبالغ فيه..ولدي اشمئزاز عميق..
لكن إلى متى..
الرجل المدرب –وقد صنعت له معروفا من قبل- أراد أن يجعلني قدوة لزملائي..كنوع من أنواع المكافأة لي..فناداني لأضع اللولب لتلك الحالة..
السيدة ترقد في استسلام..كالعادة..منتظرة ماسيفعل بها..
كرهت نفسي وكرهته..وكرهت تلك المهنة..
كنت مضطرا لفعل هذا في النهاية..
لا ادري إلى متى سأتحمل هذا..
لكن لا بأس..
أرجو أن تكون الزميلة بالوحدة على قدر المسؤولية..!!