شقة منشية الصدر..حيث تموت الذكريات..ج1
الأربعاء: 7 يوليو 2010
لم يكن هناك بد من البحث عن شقة قريبة من المستشفى
لتوفير المشقة الهائلة في الحضور أربعة أو خمسة أيام أسبوعيا للمستشفى..
فضلا عن الاستيقاظ باكرا..والطريق الذي يقوم بتقليب محتويات البطن..والمفاجآت غير المتوقعة..والوقت المهول الذي يضيع..والمصاريف الكبيرة..
أنا أريد أن أشعر ببعض الاستقرار..
وكذلك أود أن أشعر ببعض الاستقلال..
الاستقرار والاستقلال يا صديقي مهمين للغاية..وربما يكون لهما تأثير ما في خروجي من هذه الدائرة السخيفة المستمرة..
لذا قررت البدء في البحث عن شقة متوسطة..إيجارها منخفض نسبيا..في مكان مناسب..
صديقاي من الزقازيق وجدا مآلهما في شقة مشتركة مع زملاء آخرين..
كلاهما كان في مكان قريب من محطة مترو "غمرة"..
لكني لم أكن مستريحا في فكرة الشقة المشتركة هذه..
أريد أن أشعر ببعض مساحات الحرية..
*-*-*
فضلا عن الاستيقاظ باكرا..والطريق الذي يقوم بتقليب محتويات البطن..والمفاجآت غير المتوقعة..والوقت المهول الذي يضيع..والمصاريف الكبيرة..
أنا أريد أن أشعر ببعض الاستقرار..
وكذلك أود أن أشعر ببعض الاستقلال..
الاستقرار والاستقلال يا صديقي مهمين للغاية..وربما يكون لهما تأثير ما في خروجي من هذه الدائرة السخيفة المستمرة..
لذا قررت البدء في البحث عن شقة متوسطة..إيجارها منخفض نسبيا..في مكان مناسب..
صديقاي من الزقازيق وجدا مآلهما في شقة مشتركة مع زملاء آخرين..
كلاهما كان في مكان قريب من محطة مترو "غمرة"..
لكني لم أكن مستريحا في فكرة الشقة المشتركة هذه..
أريد أن أشعر ببعض مساحات الحرية..
*-*-*
لم يكن الأمر سهلا..
بعيدا عن الإعلانات والبحث على الانترنت..فالأسعار المعروضة مبالغ فيها..ولم يبد الأشخاص الذين حادثتهم ودودين جدا..
البحث على القدمين أكثر سهولة..أو ربما هذا ما أعتقده..
على مدار الأيام القادمة..سأبحث في المناطق المحيطة بالمستشفى..
وسأفضل منطقة قريبة من المترو لسهولة التنقل..
ادع لي بالتوفيق في البحث يا صديقي..
بعيدا عن الإعلانات والبحث على الانترنت..فالأسعار المعروضة مبالغ فيها..ولم يبد الأشخاص الذين حادثتهم ودودين جدا..
البحث على القدمين أكثر سهولة..أو ربما هذا ما أعتقده..
على مدار الأيام القادمة..سأبحث في المناطق المحيطة بالمستشفى..
وسأفضل منطقة قريبة من المترو لسهولة التنقل..
ادع لي بالتوفيق في البحث يا صديقي..
الأحد: 18 يوليو 2010:
الأمر ليس بهذه السهولة أبدا..
البحث عن شقة خالية مناسبة ليس سهلا أبدا..
قررت أن أقسم المناطق المحيطة بالمستشفى على مدار الأيام التالية..
بحثت أولا في المساكن الخاصة بالظباط خلف المستشفى مباشرة..
الشقق هناك كانت كبيرة للغاية..والأسعار هناك كانت لا تحتمل أبدا..تبدأ من 1200 جنيه..هذا أكثر من نصف راتبي تقريبا..
المنطقة المقابلة لها (خلف مستشفى الحميات) لم تكن أفضل حالا..ذات المساكن تقريبا..
قررت البحث في اتجاه المنطقة الممتدة من العباسية إلى رمسيس..
لم أبتعد كثيرا..العباسية لم تكن أفضل حالا أيضا..قربها من كلية الطب بجامعة عين شمس وضعها على لائحة الأفضل والأقرب..لكنها لم تكن متاحة..
امتد البحث حتى شارع أحمد سعيد..
أتذكر ذلك السمسار الوغد الذي قرأت رقمه على إعلان ما..
حين أخبرته عن طلبي..أجابني بتثاقل بالغ..وسألني عما إذا كان لدي سيارة..!!
لا بأس..هذا وغد آخر لن نلتفت إليه كثيرا..
العديد من الاتصالات..والمزيد من التجوال في الشوارع..
أين ذهبت الاسعار التي في متناول الطبيب الشاب العادي..؟!
البحث عن شقة خالية مناسبة ليس سهلا أبدا..
قررت أن أقسم المناطق المحيطة بالمستشفى على مدار الأيام التالية..
بحثت أولا في المساكن الخاصة بالظباط خلف المستشفى مباشرة..
الشقق هناك كانت كبيرة للغاية..والأسعار هناك كانت لا تحتمل أبدا..تبدأ من 1200 جنيه..هذا أكثر من نصف راتبي تقريبا..
المنطقة المقابلة لها (خلف مستشفى الحميات) لم تكن أفضل حالا..ذات المساكن تقريبا..
قررت البحث في اتجاه المنطقة الممتدة من العباسية إلى رمسيس..
لم أبتعد كثيرا..العباسية لم تكن أفضل حالا أيضا..قربها من كلية الطب بجامعة عين شمس وضعها على لائحة الأفضل والأقرب..لكنها لم تكن متاحة..
امتد البحث حتى شارع أحمد سعيد..
أتذكر ذلك السمسار الوغد الذي قرأت رقمه على إعلان ما..
حين أخبرته عن طلبي..أجابني بتثاقل بالغ..وسألني عما إذا كان لدي سيارة..!!
لا بأس..هذا وغد آخر لن نلتفت إليه كثيرا..
العديد من الاتصالات..والمزيد من التجوال في الشوارع..
أين ذهبت الاسعار التي في متناول الطبيب الشاب العادي..؟!
الجمعة: 30 يوليو 2010:
أنا في منزلي في الزقازيق..
أقوم بتجهيز بعض الأشياء التي سآخذها معي للشقة الجديدة..
أي نعم..
أقوم بتجهيز بعض الأشياء التي سآخذها معي للشقة الجديدة..
أي نعم..
أخيرا وجدتها يا صديقي..
لم تكن تلك بشقة أريدها أو أقبلها..
لكنها شقة على كل حال..
أنا مضطر لهذا الآن وخاصة وقد اقترب رمضان..وسيصبح السفر مشقة فوق مشقة..
*-*-*
لم تكن تلك بشقة أريدها أو أقبلها..
لكنها شقة على كل حال..
أنا مضطر لهذا الآن وخاصة وقد اقترب رمضان..وسيصبح السفر مشقة فوق مشقة..
*-*-*
كنت قد اهتديت أخيرا لأن أذهب في اتجاه جامعة عين شمس..والمدينة الجامعية..
في شارع الخليفة المأمون..
هناك منطقة ما تقبع بين شريط المترو، حيث محطة "منشية الصدر"..وبين المدينة الجامعية..
أنت تذكر هذه المنطقة جيدا..
منذ عشرة أعوام كنت هنا..طالبا في كلية الطب جامعة عين شمس..وكنت تسكن المدينة الجامعية مع ابن عمك..
تلك الأيام..
تلك أيام كنت فيها بريئا ساذجا -أكثر من الآن- لدي طريق واحد أمشي فيه..وأذهب إليه..وأمر به..
أحيانا كنت أخرج من المدينة في اتجاهي لمنزلي..أتخذ طريقا عبر الترام القديم..أنت تذكره كذلك..ذلك الشيء الأخضر المتهالك الذي يتحرك ببطء ويهتز كل بضع خطوات..
تلك الأيام..
أتذكرها الآن وأنا أعود إليها..وأمر من ذات الأماكن..
*-*-*
في شارع الخليفة المأمون..
هناك منطقة ما تقبع بين شريط المترو، حيث محطة "منشية الصدر"..وبين المدينة الجامعية..
أنت تذكر هذه المنطقة جيدا..
منذ عشرة أعوام كنت هنا..طالبا في كلية الطب جامعة عين شمس..وكنت تسكن المدينة الجامعية مع ابن عمك..
تلك الأيام..
تلك أيام كنت فيها بريئا ساذجا -أكثر من الآن- لدي طريق واحد أمشي فيه..وأذهب إليه..وأمر به..
أحيانا كنت أخرج من المدينة في اتجاهي لمنزلي..أتخذ طريقا عبر الترام القديم..أنت تذكره كذلك..ذلك الشيء الأخضر المتهالك الذي يتحرك ببطء ويهتز كل بضع خطوات..
تلك الأيام..
أتذكرها الآن وأنا أعود إليها..وأمر من ذات الأماكن..
*-*-*
على مقهى هناك..قادتني خطاي..كنت أسأل كل فترة عن سمسار
يعرف المنطقة..ويعرف إذا ما كانت هناك شقة صغيرة للإيجار..
ألتقي بواحد على هذه القهوة المتواضعة..يرتدي جلبابا متواضعا بني اللون..متقدم في السن..ويشرب الشاي و"حجر معسل"..الصورة النمطية لسمسار يكسب رزقه من النصب على الناس..
أخبره بطلبي..فيصمت قليلا..ينظر إلي من تحت حاجبيه وكأنه يقيمني..ويقيس كيف سيخرج مني أكبر قدر ممكن من الأموال..
لم يكن لهذا حاجة..كنت أكثر مسالمة في ذلك الوقت من أن يأخذ أحدهم حذره مني..
يخبرني ببطء عن شقة في هذه النواحي..ويخبرني بأنها مفروشة..وجاهزة لسكنى الطلبة..غرفتين..بمقابل ستمائة جنيه..
ستمائة جنيه..؟!
أحاول أن أبتلع المبلغ بصعوبة بالغة..
هذا ثلث مرتبي تقريبا..وهناك أيضا المبلغ الذي يجب أن أوفره للمعيشة..
اللعنة..
أحاول أن أتفاهم معه بخصوص المبلغ..لكنه لا يعطيني فرصة كافية..
أطلب منه أن أرى الشقة..فيتجهز للقيام..ويبدأ الحركة..
أسأله عن شروط معينة لأصحاب الشقة..
يخبرني أنه لا يوجد شروط..سوى أن أكون "مستقيما"..وألا أحضر "بناتا" إلى الشقة..
تلقيت الكلمتين كنكتة سخيفة..حتى تلك اللحظة كنت "مستقيما"، محافظا على صلاتي، وديني، ولا أجلب "بناتا" لأي شقة أسكنها..
سألت نفسي ساخرا عما إذا كان ذلك الرجل معتادا على هذا..
لكني ابتسمت في النهاية وأخبرته أنني لن أجلب شيئا للشقة سوى وحدتي..
هذا لو سمحوا بها طبعا..
*-*-*
ألتقي بواحد على هذه القهوة المتواضعة..يرتدي جلبابا متواضعا بني اللون..متقدم في السن..ويشرب الشاي و"حجر معسل"..الصورة النمطية لسمسار يكسب رزقه من النصب على الناس..
أخبره بطلبي..فيصمت قليلا..ينظر إلي من تحت حاجبيه وكأنه يقيمني..ويقيس كيف سيخرج مني أكبر قدر ممكن من الأموال..
لم يكن لهذا حاجة..كنت أكثر مسالمة في ذلك الوقت من أن يأخذ أحدهم حذره مني..
يخبرني ببطء عن شقة في هذه النواحي..ويخبرني بأنها مفروشة..وجاهزة لسكنى الطلبة..غرفتين..بمقابل ستمائة جنيه..
ستمائة جنيه..؟!
أحاول أن أبتلع المبلغ بصعوبة بالغة..
هذا ثلث مرتبي تقريبا..وهناك أيضا المبلغ الذي يجب أن أوفره للمعيشة..
اللعنة..
أحاول أن أتفاهم معه بخصوص المبلغ..لكنه لا يعطيني فرصة كافية..
أطلب منه أن أرى الشقة..فيتجهز للقيام..ويبدأ الحركة..
أسأله عن شروط معينة لأصحاب الشقة..
يخبرني أنه لا يوجد شروط..سوى أن أكون "مستقيما"..وألا أحضر "بناتا" إلى الشقة..
تلقيت الكلمتين كنكتة سخيفة..حتى تلك اللحظة كنت "مستقيما"، محافظا على صلاتي، وديني، ولا أجلب "بناتا" لأي شقة أسكنها..
سألت نفسي ساخرا عما إذا كان ذلك الرجل معتادا على هذا..
لكني ابتسمت في النهاية وأخبرته أنني لن أجلب شيئا للشقة سوى وحدتي..
هذا لو سمحوا بها طبعا..
*-*-*
بعد دقيقتين..كنا أمام البناية..دور أول..ودور علوي هو
الشقة التي أسكن بها..
يرن الجرس..فتخرج عجوز ذات سمع ثقيل..يلي الرجل السلام ويطلب منها المفتاح..
تنزل وتفتح الباب..وتتأملنا بنصف عين..
منطقة شعبية كهذه..وسيدة كهذه..سأتوقع الكثير من الأمور السيئة..
نصعد للدور العلوي..لأكتشف الأمر من البداية..
هذا سطح..قاموا بسقفه وتحويله لشقة مغلقة..
حين دخلنا..أكتشف حقيقة أخرى..الشقة غرفة واحدة..وصالة منقسمة لقسمين..بالقسم الداخلي يوجد سرير..لهذا اعتبروه غرفة أخرى..
ثم الحقيقة الثالثة..لا يوجد مطبخ..شيء في مدخل الشقة..بوتاجاز قديم..ونملية معلقة..
الحمام كان لا بأس به..حمام إفرنجي بلون أحمر غامق..
يوجد سجاد على الأرض..سجاد قديم نحل صوفه، واستبدل بذرات الغبار والرمل..لتتحول الرسومات عليه لأشكال أخرى مغايرة للصور الأصلية..
المرتبة على السرير كانت حجارة متراصة بداخل قماش يغطيها..وطبعا الوسادة كانت جزء أكثر امتلاء بالحجارة..
يوجد مكتب صغير..وكرسي..اللمبات كانت ضعيفة نوعا..وكان هناك أيضا ثلاجة..
الشباك يفتح على شارع صغير هو الذي صعدنا منه..ينقل ضوضاء الشارع كما هي..
ويطل على أسطح ممتلئة بخرداوات وكسر أثاث..
اللعنة عليك..
شقة رائعة الحقيقة..
*-*-*
يرن الجرس..فتخرج عجوز ذات سمع ثقيل..يلي الرجل السلام ويطلب منها المفتاح..
تنزل وتفتح الباب..وتتأملنا بنصف عين..
منطقة شعبية كهذه..وسيدة كهذه..سأتوقع الكثير من الأمور السيئة..
نصعد للدور العلوي..لأكتشف الأمر من البداية..
هذا سطح..قاموا بسقفه وتحويله لشقة مغلقة..
حين دخلنا..أكتشف حقيقة أخرى..الشقة غرفة واحدة..وصالة منقسمة لقسمين..بالقسم الداخلي يوجد سرير..لهذا اعتبروه غرفة أخرى..
ثم الحقيقة الثالثة..لا يوجد مطبخ..شيء في مدخل الشقة..بوتاجاز قديم..ونملية معلقة..
الحمام كان لا بأس به..حمام إفرنجي بلون أحمر غامق..
يوجد سجاد على الأرض..سجاد قديم نحل صوفه، واستبدل بذرات الغبار والرمل..لتتحول الرسومات عليه لأشكال أخرى مغايرة للصور الأصلية..
المرتبة على السرير كانت حجارة متراصة بداخل قماش يغطيها..وطبعا الوسادة كانت جزء أكثر امتلاء بالحجارة..
يوجد مكتب صغير..وكرسي..اللمبات كانت ضعيفة نوعا..وكان هناك أيضا ثلاجة..
الشباك يفتح على شارع صغير هو الذي صعدنا منه..ينقل ضوضاء الشارع كما هي..
ويطل على أسطح ممتلئة بخرداوات وكسر أثاث..
اللعنة عليك..
شقة رائعة الحقيقة..
*-*-*
ليكن..طلباتك أيها الوغد..
يخبرني لنذهب لصاحب الشقة الذي يسكن غير بعيد..
نذهب إليه..وندخل عمارة حديثة في نهاية الشارع..
نصعد بالمصعد الكهربائي..الدور الرابع..ندخل لشقة ضيقة..يستقبلنا رجل أسمر اللون..أب لأطفال أغبياء يشبهونه..
كان وقت العصر على ما أذكر..وهو يرغب بالنوم..وأنا أرغب بخنقهم جميعا..لذا كان التفاهم سهلا للغاية..
شهر مقدم..والإيجار أول كل شهر..
-لا بأس..والعقد..؟
-لا يريد أن يكتب عقدا..
-لا بأس أيضا..
أنا يائس..ولا أرغب في أكثر من هذا..
-تفضل الإيجار..
-تفضل سمسرتك أنت الآخر أيها الوغد..
-كل سنة وانت طيب..
-تفضل المفتاح..
-شكرا..
-شكرا..
-هل نذهب الآن..؟
يخبرني لنذهب لصاحب الشقة الذي يسكن غير بعيد..
نذهب إليه..وندخل عمارة حديثة في نهاية الشارع..
نصعد بالمصعد الكهربائي..الدور الرابع..ندخل لشقة ضيقة..يستقبلنا رجل أسمر اللون..أب لأطفال أغبياء يشبهونه..
كان وقت العصر على ما أذكر..وهو يرغب بالنوم..وأنا أرغب بخنقهم جميعا..لذا كان التفاهم سهلا للغاية..
شهر مقدم..والإيجار أول كل شهر..
-لا بأس..والعقد..؟
-لا يريد أن يكتب عقدا..
-لا بأس أيضا..
أنا يائس..ولا أرغب في أكثر من هذا..
-تفضل الإيجار..
-تفضل سمسرتك أنت الآخر أيها الوغد..
-كل سنة وانت طيب..
-تفضل المفتاح..
-شكرا..
-شكرا..
-هل نذهب الآن..؟
اللعنة عليكم أنتم أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق