مستشفى العباسية..العيادات الخارجية..18
مستشفى العباسية..
العيادات الخارجية..
1 – 6 – 2010 - 1:25 ظهرا..
بدأت أتحرك نحو الخروج من العيادات..بعد إنهاء أعمالي هنا..
حين طلب مني مدير العيادة الانتظار قليلا لأوقع على نموذج دخول مريض..
نموذج الدخول حسب قانون الصحة النفسية الجديد –الذي لا أعرف عنه شيئا- يقوم بالتوقيع عليه الطبيب الذي قام بمناظرة حالة المريض..ويؤيد تشخيصه طبيبين آخرين..يتم توقيع الأوراق كالعادة بشكل نظري..ولا يهم من هم الطبيبين الآخرين..
أيا كان..قلت لنفسي..لا بأس..سيدخل هذا البائس إلى المستشفى..وسيكون لهم معه شأن آخر بالقسم الذي سيدخل فيه..
في أثناء انتظاري للورقة..حضر إلي رئيس التمريض بالعيادة ليخبرني بأن هناك حالة طارئة..
المفترض أنه في العيادة المسائية..ولم يأت أحد بعد..
لم لم تذهب للاستقبال..لأنه لا أحد هناك أيضا..
أشياء مبهرة تحدث..
مدير العيادة يظل حتى آخر اليوم..ولا أحد بالاستقبال..ولم يأت أحد للعيادة المسائية بعد..
ليكن..أدخله يا أ.سعيد..
يدخل المريض ضخم الجثة..مع أمه بادية الضآلة..
المريض مشوش..وفي حالة قلق..وأخبرني رئيس التمريض أنه اعتدى على مريض آخر بالخارج..
المريض عيناه غير ثابتتان..ويقوم بتوجيه السباب لأمه..بدايات التهيج المعروفة..والتي تتسبب في عواقب وخيمة لو لم يتم تداركها سريعا..
أحاول التحدث بهدوء لأعرف ماذا سأكتب له في تذكرته..
أنظر حولي لأجد أنني وحيد..وحيد للغاية..وقد مضى رئيس التمريض للمكتب الخاص بالملفات ليحضر ملفه..ولا يوجد تمريض أخرين..ولا رجل أمن..
أنا على المكتب..في آخر الغرفة..بيني وبين الباب المريض وأمه والمكتب وكرسيين وسرير الكشف..
فيما بعد سأعرف أن هذا وضع قاتل..
أنا في وضع بائس تحذر منه كل كتب الطواريء في الطب النفسي..
في وسط الحديث قررت أن أعطيه مهدئا سريعا يصرفونه من الاستقبال..لكنني لا أعرف كيف سيذهبون به ويقنعونه هناك..
وعلى حين غرة..يبدو أن أمه قد أثارته بكلمة ما..فصرخ فيها بقوة..وهوى على وجهها بلكمة هائلة..
انحنت السيدة للأمام من الألم..في حين أنا تجمدت من المفاجأة..
وقبل أن أفيق أ أتفوه بكلمة..أتبع اللكمة بلكمة أخرى على ظهرها..ثم صفعة هائلة أسقطتها أرضا..
انتفضت من الكرسي وتحركت نحوه وأنا أحدثه بأن يهدأ قليلا..وأحاول جذب انتباهه..قبل أن يستتبع تلك بلكمة أو ركلة للسيدة التي سقطت على الأرض تقضي عليها..
ودخل رئيس التمريض مسرعا –على صوت الصراخ- ليجذب الفتى ويهدئه بعيدا..
أساعد السيدة على النهوض..وهي تنتحب في ضعف..
تشعر بالألم وقلة الحيلة والهوان..يضربها ابنها بقسوة غير عادية..لأنها السبب كما يقول في وسط صراخه..
السبب لأي شيء..
لن يستطيع أيا منا معرفة ذلك..
*-*-*
تتحدث السيدة في هاتفها المحمول لأحد أقربائها ليأتوا ويساعدها في السيطرة على الشاب..
في حين يعود به رئيس التمريض وقد أخذ الأمبولات المهدئة..وقد بدا أكثر استكانة..
في حين أنهي أنا تذكرة المتابعة..وأكتب فيها ما تناوله الآن..
تنسحب السيدة في ضعف وهي تلومه قائلة: بتضربني يا ابني..بتضربني..
في حين أنظر أنا إليها في عجز وقلة حيلة أنا الآخر..
ما الذي بيدي لأقدمه..غير أمبولات الطواريء..وعلاج أرجوها أن تعطيه إياه بانتظام..
حالة الفتى تستحق الحجز..حالته خطر على نفسه وعلى الآخرين..كاد يفتك بمريض في الاستراحة الخارجية..وكاد يفتك بوالدته الآن..
لكن الأمر ليس بيدي..لن أستطيع أن أجبر أي أحد على أي شيء..
*-*-*
يأتي إلي مدير العيادة –سامحه الله- ليخبرني أنه انتهى من التقرير..ولا حاجة له بتوقيعي..
يمكنني الذهاب..
أقول لنفسي ألم يكن باستطاعته أن يخبرني ذلك قبل عشر دقائق من الآن..
لا داعي للتفكير في الأمر الآن..تكرر الأمر..وسيتكرر كثيرا..في ظل منظومة خربة كهذه..
ألملم حاجياتي في صمت..
وأذهب لحال سبيلي..
العيادات الخارجية..
1 – 6 – 2010 - 1:25 ظهرا..
بدأت أتحرك نحو الخروج من العيادات..بعد إنهاء أعمالي هنا..
حين طلب مني مدير العيادة الانتظار قليلا لأوقع على نموذج دخول مريض..
نموذج الدخول حسب قانون الصحة النفسية الجديد –الذي لا أعرف عنه شيئا- يقوم بالتوقيع عليه الطبيب الذي قام بمناظرة حالة المريض..ويؤيد تشخيصه طبيبين آخرين..يتم توقيع الأوراق كالعادة بشكل نظري..ولا يهم من هم الطبيبين الآخرين..
أيا كان..قلت لنفسي..لا بأس..سيدخل هذا البائس إلى المستشفى..وسيكون لهم معه شأن آخر بالقسم الذي سيدخل فيه..
في أثناء انتظاري للورقة..حضر إلي رئيس التمريض بالعيادة ليخبرني بأن هناك حالة طارئة..
المفترض أنه في العيادة المسائية..ولم يأت أحد بعد..
لم لم تذهب للاستقبال..لأنه لا أحد هناك أيضا..
أشياء مبهرة تحدث..
مدير العيادة يظل حتى آخر اليوم..ولا أحد بالاستقبال..ولم يأت أحد للعيادة المسائية بعد..
ليكن..أدخله يا أ.سعيد..
يدخل المريض ضخم الجثة..مع أمه بادية الضآلة..
المريض مشوش..وفي حالة قلق..وأخبرني رئيس التمريض أنه اعتدى على مريض آخر بالخارج..
المريض عيناه غير ثابتتان..ويقوم بتوجيه السباب لأمه..بدايات التهيج المعروفة..والتي تتسبب في عواقب وخيمة لو لم يتم تداركها سريعا..
أحاول التحدث بهدوء لأعرف ماذا سأكتب له في تذكرته..
أنظر حولي لأجد أنني وحيد..وحيد للغاية..وقد مضى رئيس التمريض للمكتب الخاص بالملفات ليحضر ملفه..ولا يوجد تمريض أخرين..ولا رجل أمن..
أنا على المكتب..في آخر الغرفة..بيني وبين الباب المريض وأمه والمكتب وكرسيين وسرير الكشف..
فيما بعد سأعرف أن هذا وضع قاتل..
أنا في وضع بائس تحذر منه كل كتب الطواريء في الطب النفسي..
في وسط الحديث قررت أن أعطيه مهدئا سريعا يصرفونه من الاستقبال..لكنني لا أعرف كيف سيذهبون به ويقنعونه هناك..
وعلى حين غرة..يبدو أن أمه قد أثارته بكلمة ما..فصرخ فيها بقوة..وهوى على وجهها بلكمة هائلة..
انحنت السيدة للأمام من الألم..في حين أنا تجمدت من المفاجأة..
وقبل أن أفيق أ أتفوه بكلمة..أتبع اللكمة بلكمة أخرى على ظهرها..ثم صفعة هائلة أسقطتها أرضا..
انتفضت من الكرسي وتحركت نحوه وأنا أحدثه بأن يهدأ قليلا..وأحاول جذب انتباهه..قبل أن يستتبع تلك بلكمة أو ركلة للسيدة التي سقطت على الأرض تقضي عليها..
ودخل رئيس التمريض مسرعا –على صوت الصراخ- ليجذب الفتى ويهدئه بعيدا..
أساعد السيدة على النهوض..وهي تنتحب في ضعف..
تشعر بالألم وقلة الحيلة والهوان..يضربها ابنها بقسوة غير عادية..لأنها السبب كما يقول في وسط صراخه..
السبب لأي شيء..
لن يستطيع أيا منا معرفة ذلك..
*-*-*
تتحدث السيدة في هاتفها المحمول لأحد أقربائها ليأتوا ويساعدها في السيطرة على الشاب..
في حين يعود به رئيس التمريض وقد أخذ الأمبولات المهدئة..وقد بدا أكثر استكانة..
في حين أنهي أنا تذكرة المتابعة..وأكتب فيها ما تناوله الآن..
تنسحب السيدة في ضعف وهي تلومه قائلة: بتضربني يا ابني..بتضربني..
في حين أنظر أنا إليها في عجز وقلة حيلة أنا الآخر..
ما الذي بيدي لأقدمه..غير أمبولات الطواريء..وعلاج أرجوها أن تعطيه إياه بانتظام..
حالة الفتى تستحق الحجز..حالته خطر على نفسه وعلى الآخرين..كاد يفتك بمريض في الاستراحة الخارجية..وكاد يفتك بوالدته الآن..
لكن الأمر ليس بيدي..لن أستطيع أن أجبر أي أحد على أي شيء..
*-*-*
يأتي إلي مدير العيادة –سامحه الله- ليخبرني أنه انتهى من التقرير..ولا حاجة له بتوقيعي..
يمكنني الذهاب..
أقول لنفسي ألم يكن باستطاعته أن يخبرني ذلك قبل عشر دقائق من الآن..
لا داعي للتفكير في الأمر الآن..تكرر الأمر..وسيتكرر كثيرا..في ظل منظومة خربة كهذه..
ألملم حاجياتي في صمت..
وأذهب لحال سبيلي..
تعليقات
إرسال تعليق