أبو حماد..كفر حافظ..5
أبو حماد..
كفر حافظ..
"تدوينة مجمعة ممتدة من 6 – 3 – 2015 وحتى 16- 3 – 2015"
6 – 3 – 2010
كفر حافظ..
"تدوينة مجمعة ممتدة من 6 – 3 – 2015 وحتى 16- 3 – 2015"
6 – 3 – 2010
في هذا اليوم..يدخل إلي رجل طاعن في السن..بكيس بلاستيكي ملفوف على
مجموعة من الورق..
يتوكأ على عصا خشبية..
قدم لي الورقة..والكيس الملفوف..فساعدته على الجلوس..وأخذت أقرأ..
طلب مساعدة..
كان طلب مساعدة لصرف معاش شهري من مديرية التضامن الاجتماعي..
مجرد بضعة أوراق مالية ستكون كافية بالكاد لسد رمقه، بخبز مدعوم..
يحكي الرجل بمرارة –وكأننا في فيلم عربي مبتذل- عن أولاده الذين علمهم أحسن تعليم..المهندس والمدرس..وبناته اللاتي زوجهن..يحكي عن المعاملة القاسية..يحكي عن استنكافهم منه..يحكي عن ازدرائهم له..
أفكر أن الرجل ربما يصطنع ذاكرة أخرى لم تحدث أصلا..ربما لديه خلل ما في قدرته على الاستيعاب..
في النهاية أيا ماكان السبب..
النتيجة أننا في دولة فيها شيخ طاعن في السن..يستجدي قوت يومه..
يقول الرجل في مرارة: "سيسقيهم أبناؤهم من ذات الكأس يوما.."
أفكر..لأي درجة احتمل هذا الرجل المكلوم في أبنائه..حتى فاضت روحه بمثل تلك الآلام..
أنظر في الورقة الخالية من أي شيء..
لا اسم..لا عنوان..لا رقم بطاقة..لا صورة..
فقط عنوانا بالأعلى صادر عن مديرية الشؤون الاجتماعية..
أفعل الشيء الوحيد المنطقي..
أقوم بالتوقيع على الورقة الخالية..وأخبره ن يتحدث مع الكاتب ليملأها له بمعرفته..
قبل أن أعطيها له أقوم بتطبيق ورقة مالية وسط ورقته..وأعطيها له..
ألمح نظرته إلي..
لكني لا أرغب أن يطول لقائي به أكثر من هذا..
"سيتكرر الموقف كثيرا..سيتكرر كثيرا جدا..سيصبح أسلوب حياة معتمد لي فيما بعد.."
*-*-*
7 – 3 – 2015..
يتوكأ على عصا خشبية..
قدم لي الورقة..والكيس الملفوف..فساعدته على الجلوس..وأخذت أقرأ..
طلب مساعدة..
كان طلب مساعدة لصرف معاش شهري من مديرية التضامن الاجتماعي..
مجرد بضعة أوراق مالية ستكون كافية بالكاد لسد رمقه، بخبز مدعوم..
يحكي الرجل بمرارة –وكأننا في فيلم عربي مبتذل- عن أولاده الذين علمهم أحسن تعليم..المهندس والمدرس..وبناته اللاتي زوجهن..يحكي عن المعاملة القاسية..يحكي عن استنكافهم منه..يحكي عن ازدرائهم له..
أفكر أن الرجل ربما يصطنع ذاكرة أخرى لم تحدث أصلا..ربما لديه خلل ما في قدرته على الاستيعاب..
في النهاية أيا ماكان السبب..
النتيجة أننا في دولة فيها شيخ طاعن في السن..يستجدي قوت يومه..
يقول الرجل في مرارة: "سيسقيهم أبناؤهم من ذات الكأس يوما.."
أفكر..لأي درجة احتمل هذا الرجل المكلوم في أبنائه..حتى فاضت روحه بمثل تلك الآلام..
أنظر في الورقة الخالية من أي شيء..
لا اسم..لا عنوان..لا رقم بطاقة..لا صورة..
فقط عنوانا بالأعلى صادر عن مديرية الشؤون الاجتماعية..
أفعل الشيء الوحيد المنطقي..
أقوم بالتوقيع على الورقة الخالية..وأخبره ن يتحدث مع الكاتب ليملأها له بمعرفته..
قبل أن أعطيها له أقوم بتطبيق ورقة مالية وسط ورقته..وأعطيها له..
ألمح نظرته إلي..
لكني لا أرغب أن يطول لقائي به أكثر من هذا..
"سيتكرر الموقف كثيرا..سيتكرر كثيرا جدا..سيصبح أسلوب حياة معتمد لي فيما بعد.."
*-*-*
7 – 3 – 2015..
عادت الطبيبة مديرة الوحدة..
المفترض أنها من ذات الدفعة اللعينة التي لا أذكر عنها أي خير..
لكنني فعليا لا أستطيع التعرف عليها..لا أختزن لها أي موقف بأي شكل..
ملامحها مألوفة..لكنها غير معرفة لدي..
أود أن أذكرك أنني خريج جامعة الزقازيق..
الجامعة المتحفظة التي ينمو فيها التعارف بين الفتيان والفتيات –هذا إن حدث أصلا تعارف- بحذر بالغ..
لكن بالرغم من ذلك كنت مندمجا في نشاط ثقافي واسع..
مكتبة..وكتب..ومجلات حائط..ومسابقات..أدب..فنون..
تذكر أنت مكتبة الندى..أليس كذلك..؟
لا بأس..
المهم..أنها عادت..وتفهمت موقفي سريعا..
سيكون بإمكاني أن أنهي أوراقي في الأيام القليلة المقبلة..
أعرف أن هذا جنون مطبق..
لم أمضي عدة أيام هنا..حتى بدأت إجراءات الرحيل..
أيا كان..
كانت تلك الأيام من أكثر أيامي في التكليف هدوءا وانسيابية وراحة..
ربما هو قرب الرحيل..
ربما هو قرب الخلاص..
ربما هي رسالة من الله بأنه لا يأس..ولا قنوط..
كل شيء سينتهي يا صديقي..
كل شيء سينتهي يوما..
*-*-*
المفترض أنها من ذات الدفعة اللعينة التي لا أذكر عنها أي خير..
لكنني فعليا لا أستطيع التعرف عليها..لا أختزن لها أي موقف بأي شكل..
ملامحها مألوفة..لكنها غير معرفة لدي..
أود أن أذكرك أنني خريج جامعة الزقازيق..
الجامعة المتحفظة التي ينمو فيها التعارف بين الفتيان والفتيات –هذا إن حدث أصلا تعارف- بحذر بالغ..
لكن بالرغم من ذلك كنت مندمجا في نشاط ثقافي واسع..
مكتبة..وكتب..ومجلات حائط..ومسابقات..أدب..فنون..
تذكر أنت مكتبة الندى..أليس كذلك..؟
لا بأس..
المهم..أنها عادت..وتفهمت موقفي سريعا..
سيكون بإمكاني أن أنهي أوراقي في الأيام القليلة المقبلة..
أعرف أن هذا جنون مطبق..
لم أمضي عدة أيام هنا..حتى بدأت إجراءات الرحيل..
أيا كان..
كانت تلك الأيام من أكثر أيامي في التكليف هدوءا وانسيابية وراحة..
ربما هو قرب الرحيل..
ربما هو قرب الخلاص..
ربما هي رسالة من الله بأنه لا يأس..ولا قنوط..
كل شيء سينتهي يا صديقي..
كل شيء سينتهي يوما..
*-*-*
11 – 3 – 2010
آخر يوم لي في العمل الرسمي هنا..
أقوم بإنهاء كل شيء بدءا لإجراءات إخلاء طرفي يوم الأحد القادم..
اليوم آخر يوم..وسيطلقون سراحي بعدها..
لا بأس..
*-*-*
أنت تدرك أن هذا هو الوقت الضائع..
لا يوجد أي سبيل لإنهاء الأوراق سوى العودة غدا..
لا بأس..
أتمهل قليلا..
ربما أحتاج لبعض الوقت حتى أتحكم في خوفي من الحياة القادمة..
والتغيير الكبير الذي سيطرأ لاحقا..
أحتاج بعض الوقت لأنظم أوراقي وحياتي..
وعلى أي حال..فتلك الأيام الي أقضيها في إنهاء أوراقي تعتبر أجازة من العمل بشكل أو بآخر..
لنأخذ قدر ما نريد منهم يا فتى..
قبل أن يأخذوا منا كل شيء..!!
أقوم بإنهاء كل شيء بدءا لإجراءات إخلاء طرفي يوم الأحد القادم..
اليوم آخر يوم..وسيطلقون سراحي بعدها..
لا بأس..
*-*-*
14 – 3 – 2010
آخر أيام التكليف..
هي أمنيتي تتحقق أخيرا..
وإن لم يخل الأمر من شجن ذو طابع خاص..
بانتهاء هذا الأسبوع ستبدأ مرحلة جديدة..
يتحرك القطار ليغادر هذه المحطة..وليصل محطة أخرى مختلفة..
ستنتهي مرحلة التكليف تماما..إلى الأبد..
لن أعود هنا أبدا..
لن يتبقى منها سوى بضع صور وكلمات وذكريات مختزنة..بأوجاعها المريرة..
كل هذه الأيام تمر..
الطفولة..
المدرسة..الثانوية..الجامعة..
الامتياز..
الآن ينتهي التكليف..
كل هذه الأيام تمر..
ماذا تبقى في حياتي إذن..؟!
*-*-*
آخر أيام التكليف..
هي أمنيتي تتحقق أخيرا..
وإن لم يخل الأمر من شجن ذو طابع خاص..
بانتهاء هذا الأسبوع ستبدأ مرحلة جديدة..
يتحرك القطار ليغادر هذه المحطة..وليصل محطة أخرى مختلفة..
ستنتهي مرحلة التكليف تماما..إلى الأبد..
لن أعود هنا أبدا..
لن يتبقى منها سوى بضع صور وكلمات وذكريات مختزنة..بأوجاعها المريرة..
كل هذه الأيام تمر..
الطفولة..
المدرسة..الثانوية..الجامعة..
الامتياز..
الآن ينتهي التكليف..
كل هذه الأيام تمر..
ماذا تبقى في حياتي إذن..؟!
*-*-*
ألملم أوراقي..
أختم كل ورقة..أنهي كل إجراءات رحيلي عن هنا..
يعطيني كاتب الوحدة بعض استمارات طب الأسرة لأوقعها قبل رحيلي..
لا بأس من بصمة أخيرة..
ألقي السلام على الجميع..
سلاما دافئا..
أضع الكوفية حول عنقي..
ثم أنطلق..
*-*-*
أختم كل ورقة..أنهي كل إجراءات رحيلي عن هنا..
يعطيني كاتب الوحدة بعض استمارات طب الأسرة لأوقعها قبل رحيلي..
لا بأس من بصمة أخيرة..
ألقي السلام على الجميع..
سلاما دافئا..
أضع الكوفية حول عنقي..
ثم أنطلق..
*-*-*
أخرج من الوحدة..
أسير ببطء على الطريق الترابي الضيق المؤدي لبداية الطريق الرئيسي..
هدفي هو الإدارة الصحية..حيث أقدم أوراق إخلاء طرفي –من لاشيء في الواقع- هناك..ولأستلم منهم خطابا لمديرية الصحة في الزقازيق..ولأستلم منهم بدورهم خطاب رحيلي للقاهرة..
نظام حكومي رائع في الحقيقة..
يبدأ من المديرية..ثم الإدارة..ثم الوحدة..هناك أنهي الأمور كلها..ثم أعود مرة أخرى للإدارة..ثم المديرية التي أخذت منها الخطاب الأول من الأساس..!!
كان من الممكن إختصار الوقت والمجهود الرهيب الضائع..
خطاب واحد فقط..ينهي كل شيء في المديرية..
لكنها الدولة..
الحارس على الوطن..والتي تجبرك على دفع ثمن خدمتك مضاعفا..
*-*-*
أسير ببطء على الطريق الترابي الضيق المؤدي لبداية الطريق الرئيسي..
هدفي هو الإدارة الصحية..حيث أقدم أوراق إخلاء طرفي –من لاشيء في الواقع- هناك..ولأستلم منهم خطابا لمديرية الصحة في الزقازيق..ولأستلم منهم بدورهم خطاب رحيلي للقاهرة..
نظام حكومي رائع في الحقيقة..
يبدأ من المديرية..ثم الإدارة..ثم الوحدة..هناك أنهي الأمور كلها..ثم أعود مرة أخرى للإدارة..ثم المديرية التي أخذت منها الخطاب الأول من الأساس..!!
كان من الممكن إختصار الوقت والمجهود الرهيب الضائع..
خطاب واحد فقط..ينهي كل شيء في المديرية..
لكنها الدولة..
الحارس على الوطن..والتي تجبرك على دفع ثمن خدمتك مضاعفا..
*-*-*
لا أجد في النهاية سوى سيارة أشبه بعلبة سردين..بعدما امتلأ الجزء
الخلفي منها على آخره..
أجد نفسي مرغما على الوقوف على الإفريز الخلفي للسيارة..
يلفح الهواء البارد نوعا وجهي..
أفكر أن هذا أفضل حالا من جلوسي القرفصاء بالداخل على أي حال..
*-*-*
أصل
في النهاية إلى الإدارة..وقت أذان الظهر..أجد نفسي مرغما على الوقوف على الإفريز الخلفي للسيارة..
يلفح الهواء البارد نوعا وجهي..
أفكر أن هذا أفضل حالا من جلوسي القرفصاء بالداخل على أي حال..
*-*-*
أنت تدرك أن هذا هو الوقت الضائع..
لا يوجد أي سبيل لإنهاء الأوراق سوى العودة غدا..
لا بأس..
أتمهل قليلا..
ربما أحتاج لبعض الوقت حتى أتحكم في خوفي من الحياة القادمة..
والتغيير الكبير الذي سيطرأ لاحقا..
أحتاج بعض الوقت لأنظم أوراقي وحياتي..
وعلى أي حال..فتلك الأيام الي أقضيها في إنهاء أوراقي تعتبر أجازة من العمل بشكل أو بآخر..
لنأخذ قدر ما نريد منهم يا فتى..
قبل أن يأخذوا منا كل شيء..!!
" تذكر أنت مكتبة الندى..أليس كذلك..؟ "
ردحذفإن كان السؤال موجها لى ... لا بأس .. بالطبع أذكرها ...لم أكن من مرتاديها كثيرا ... لكن أعز أصدقائى فى الدفعة - اللعينة - أيضا كان قابعا هناك طوال اليوم :) ... اسمه " محمد عبدالمعز " لعلك تعرفه ... سمعت انهم - عليهم اللعنة - اخلوها :(
محمد عبد المعزهو الأمين قبل الأخير للمكتبة..
ردحذف:)
ومن أفضل الشباب الصغيرين اللي كنت بأحب إني أبقى معاهم..
هو ومحمد المسلمي والبنا..وجمال وأمجد..إلى آخر هذه القائمة..
بس أنا سعيد إنك فاكرها..
تحياتي يا صديقي..
:)