مستشفى الأطفال..8

وحدة العناية..

14 – 9 - 2008 5:55 مساء..

ربما هي قسوة..

لكن قد تكون الرحمة تنبت من رحم أشد قسوة ممكنة..

إذا..مالذي يعنيه مايفعله الطبيب بالطفل الميت..

هو يحاول أن يدخل أنبوبا تنفسيا في حنجرة الطفل..

ليس بهدف الانعاش..

بل بهدف التدريب..!

الطبيب يتدرب على إدخال أنبوب بهدف زيادة مهارته بالنسبة للحالات القادمة..

أعرف أن الأمر صعب على التصديق..

أعرف أن الأمر رهيب بالنسبة إليك ياصديقي..

لكن هذه هي الحقيقة..

بالتأكيد هناك شعور بالنفور والتقزز..

وبالتأكيد كان الطبيب يشعر بذلك أول الأمر..

لكن التعود يقتل الغرابة..والعلم لايعرف الرحمة كثيرا..

ليس هذا الطبيب وحشا أو بلا قلب كما تتصوره الآن..

وصحيح أن القسم يمنعه من اجراء أي تجارب على أحياء أو أموات إلا بموافقة كتابية..لكن لاتنظر لهذا الأمر كثيرا بعين الأهمية..

أحيانا تتجاوز عن هذا القسم في سبيل أشياء أكثر واقعية..

هذا الطفل قد مات..

لكن هناك أطفال آخرون قادمون..

سيموتون هم أيضا، إذا لم يستطع الطبيب إدخال هذا الأنبوب إلى قصباتهم الهوائية الصغيرة لإنقاذهم..

وفي ظل غياب منظومة طبية تدريبية محترمة وفاعلة..تفرض شروطا وبدائل أخرى..نظل نحن نفعل ذلك بضمائر تؤرقنا..

هذه مأساة أخرى..

نحن مجبرون على مانفعل..مجبرون أن نفعل مانكره في سبيل من نريد إنقاذهم..

لا طريق آخر..

هذه لن تكون المرة الأولى أو الأخيرة..

ولا ذلك أول الأشياء أو آخرها..مثل قائمة طويلة..ذكريات التشريح أبسطها لو تتذكر ياصديقي..

هذا هو الطب يافتى..

وهذا هو الوجه الآخر من الطب..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قسم الجراحة - حوادث 3

مستشفى العباسية..العيادات الخارجية..17