قسم الباطنة العامة - عناية القيء الدموي 2
6 – 6 – 2008 – 1:20 ظهرا..
من المفترض أن أكون في صلاة الجمعة الآن..
لكن..
أود أن نتحدث قليلا..!
*-*-*
اليوم كنت وحيدا..
لم يأت أحد من الزملاء الأفاضل..
لا بأس..هذا أفضل..
في بداية دخولي من باب العناية..أدركت وجود العديد من المرضى يرقدون على الأرض , لنقص الأسرة..هذا شيء تعودت عليه..لكن من غير الطبيعي أن يتواجد الذباب بهذه الكثافة..
هذه مستشفى..بل وعناية فائقة..فهل يعقل هذا..؟أن يتواجد الذباب لدرجة أن أعجز عن عده..!
وكأننا واقفين في حلقة لبيع السمك..
ثم يتساءلون من أين تأتي كل هذه الأمراض..
ياللسخرية..
*-*-*
وهذا موقف آخر..حينما طلبت من الطبيبة المقيمة تركيب أنبوب أنف معوي ( رايل )..المريضة كانت حالتها مزرية للغاية..وترزخ تحت غيبوبة طويلة..ذهبت لأحضر الأنبوب..( نعم..هنا يذهب الطبيب ليحضر ما يريد ) وبمجرد أن عدت وجدتها قد ذهبت..إلى حيث لقاء ربها..
قاموا بتغطية وجهها بالملاءة..
حسنا..فليرحمها الله..
*-*-*
مرة أخرى طلبت مني الطبيبة تركيب أنبوب آخر لمريض آخر..كان رجلا هذه المرة..
المفترض أن نقوم بتركيب هذا الأنبوب لعمل نوع من غسيل المعدة وتجهيز المريض لعمل المنظار الداخلي..لكشف ماإذا كان هذا النزيف من جراء قرحة في المعدة..( ومن الممكن أخذ عينة من نسيج المعدة أثناء الاستكشاف )..أو إذا كان السبب في النزيف دوالي المريء – الأوردة التي احتقنت بالدماء حتي أصبحت كالبالونات الرقيقة التي لاتتحمل الاحتكاك – ومن الممكن أيضا حقن هذه الدوالي بمادة تشبه المطاط تتسبب في انكماش هذه البالونات..
لكن الرجل كان قلقا للغاية..قاومني بعنف..وعندما جاءت الطبيبة..تكرر الموقف..حتى أنني قمت بتثبيته..لكن لم يجد ذلك نفعا..وتلقيت ضربة لابأس بها أبدا في قفصي الصدري..
تبا..
ماهذا اليوم العجيب..
*-*-*
هناك كانت حالة..سيدة في منتصف العمر..ترقد على سرير ومصابة بسرطان في جدار المعدة..
لم يخبرها أحد حتى الآن..ربما لم يجرؤ أحد على ذلك..
يحاولون فقط التأكد من عدم توغل المرض في جسدها أكثر من ذلك..
لن أنسى أبدأ نظرة عينيها..تلك التي تدرك في وضوح أن شيئا ما ليس على ما يرام..
لا تعرفه..لكنها تشعر بذلك..
عندما أعود لقراءة هذه الكلمات فيما بعد..سأتذكرها دوما..
*-*-*
من واجباتي هنا..القيام بأخذ العلامات الحيوية للمرضى..
حين كنت أقوم بذلك..وصلت لسرير ترقد عليه فتاة شابة..كانت تبكي..
حاولت أن أهديء من روعها..متوقعا أنها تبكي حزنا على نفسها..من تأثير مرضها..
توقعت أن تقول أي شيء آخر..إلا ماقالته عن أمها وأخيها القادمين في الطريق..
هل من المعقول أن تكون هذه هي النغمة القديمة إياها مرة أخرى..؟
لم أفعل شيئا..كالمعتاد..لم أستطع أن أفعل شيئا..
أنهيت عملي..أخبرتها أن تهدأ قليلا..ثم تركتها..
كانت تقول أنها لم تفعل شيئا..لم تفعل أي شيء..
وكذلك أنا ياعزيزتي..لم أفعل أي شيء..
*-*-*
يتم الرجل صلاة الجمعة في مسجد المستشفى..
أدرك أنه لا موطئ لقدم الآن..
أقف بعيدا..أتذكر ما مر علي اليوم..
المرضى الراقدون على الأرض..المريضة التي توفت..الرجل الذي رفض أن أضع له الأنبوب..المريضة التي تعاني من السرطان..الفتاة التي تبكي..
أسمع صوت السلام الأخير..
ولا أفعل شيئا سوى الكتابة..
من المفترض أن أكون في صلاة الجمعة الآن..
لكن..
أود أن نتحدث قليلا..!
*-*-*
اليوم كنت وحيدا..
لم يأت أحد من الزملاء الأفاضل..
لا بأس..هذا أفضل..
في بداية دخولي من باب العناية..أدركت وجود العديد من المرضى يرقدون على الأرض , لنقص الأسرة..هذا شيء تعودت عليه..لكن من غير الطبيعي أن يتواجد الذباب بهذه الكثافة..
هذه مستشفى..بل وعناية فائقة..فهل يعقل هذا..؟أن يتواجد الذباب لدرجة أن أعجز عن عده..!
وكأننا واقفين في حلقة لبيع السمك..
ثم يتساءلون من أين تأتي كل هذه الأمراض..
ياللسخرية..
*-*-*
وهذا موقف آخر..حينما طلبت من الطبيبة المقيمة تركيب أنبوب أنف معوي ( رايل )..المريضة كانت حالتها مزرية للغاية..وترزخ تحت غيبوبة طويلة..ذهبت لأحضر الأنبوب..( نعم..هنا يذهب الطبيب ليحضر ما يريد ) وبمجرد أن عدت وجدتها قد ذهبت..إلى حيث لقاء ربها..
قاموا بتغطية وجهها بالملاءة..
حسنا..فليرحمها الله..
*-*-*
مرة أخرى طلبت مني الطبيبة تركيب أنبوب آخر لمريض آخر..كان رجلا هذه المرة..
المفترض أن نقوم بتركيب هذا الأنبوب لعمل نوع من غسيل المعدة وتجهيز المريض لعمل المنظار الداخلي..لكشف ماإذا كان هذا النزيف من جراء قرحة في المعدة..( ومن الممكن أخذ عينة من نسيج المعدة أثناء الاستكشاف )..أو إذا كان السبب في النزيف دوالي المريء – الأوردة التي احتقنت بالدماء حتي أصبحت كالبالونات الرقيقة التي لاتتحمل الاحتكاك – ومن الممكن أيضا حقن هذه الدوالي بمادة تشبه المطاط تتسبب في انكماش هذه البالونات..
لكن الرجل كان قلقا للغاية..قاومني بعنف..وعندما جاءت الطبيبة..تكرر الموقف..حتى أنني قمت بتثبيته..لكن لم يجد ذلك نفعا..وتلقيت ضربة لابأس بها أبدا في قفصي الصدري..
تبا..
ماهذا اليوم العجيب..
*-*-*
هناك كانت حالة..سيدة في منتصف العمر..ترقد على سرير ومصابة بسرطان في جدار المعدة..
لم يخبرها أحد حتى الآن..ربما لم يجرؤ أحد على ذلك..
يحاولون فقط التأكد من عدم توغل المرض في جسدها أكثر من ذلك..
لن أنسى أبدأ نظرة عينيها..تلك التي تدرك في وضوح أن شيئا ما ليس على ما يرام..
لا تعرفه..لكنها تشعر بذلك..
عندما أعود لقراءة هذه الكلمات فيما بعد..سأتذكرها دوما..
*-*-*
من واجباتي هنا..القيام بأخذ العلامات الحيوية للمرضى..
حين كنت أقوم بذلك..وصلت لسرير ترقد عليه فتاة شابة..كانت تبكي..
حاولت أن أهديء من روعها..متوقعا أنها تبكي حزنا على نفسها..من تأثير مرضها..
توقعت أن تقول أي شيء آخر..إلا ماقالته عن أمها وأخيها القادمين في الطريق..
هل من المعقول أن تكون هذه هي النغمة القديمة إياها مرة أخرى..؟
لم أفعل شيئا..كالمعتاد..لم أستطع أن أفعل شيئا..
أنهيت عملي..أخبرتها أن تهدأ قليلا..ثم تركتها..
كانت تقول أنها لم تفعل شيئا..لم تفعل أي شيء..
وكذلك أنا ياعزيزتي..لم أفعل أي شيء..
*-*-*
يتم الرجل صلاة الجمعة في مسجد المستشفى..
أدرك أنه لا موطئ لقدم الآن..
أقف بعيدا..أتذكر ما مر علي اليوم..
المرضى الراقدون على الأرض..المريضة التي توفت..الرجل الذي رفض أن أضع له الأنبوب..المريضة التي تعاني من السرطان..الفتاة التي تبكي..
أسمع صوت السلام الأخير..
ولا أفعل شيئا سوى الكتابة..
تعليقات
إرسال تعليق