قسم الباطنة العامة - عناية عامة 4
15 – 5 – 2008 – 4:30 فجرا..
طلبت مني زميلتي أن أحل محلها في مراقبة إحدى الحالات..وذلك نظرا لأنها لم تعد قادرة على فتح عينيه على حد قولها..
وافقت بالطبع..فلاسبيل للرفض..
جلست على الكرسي المجاور للسرير على أن أقوم بقياس الضغط والنبض كل ساعة..
وهكذا بدأت السهرة في الساعة الثالثة والثلث فجرا..
*-*-*
كانت المريضة – وعمرها خمس وستون عاما – قد تلقت علاجا خاصا لعلاج الاحتشاء البطيي ( جلطة في القلب ) الذي أصيبت به..وهوعلاج خطر في مثل هذه السن..يجب أن يعطى بحذر شديد , وتحت مراقبة طبية دقيقة..
كان من الواضح منذ البداية وجود مضاعفات العلاج , والتي تسببت على الأغلب في نزيف مخي حاد..أعلن عن نفسه في صورة غيبوبة عميقة..
ولذلك كان من السهل توقع ماسيحدث..
وإن كنت أتمنى ألا أراه..
*-*-*
بدأ تباطؤ نبضات القلب في الساعة الثالثة وخمس وأربعون دقيقة..لتدخل في توقف مفاجئ لعضلة القلب..
ثم رأيت المشهد الذي بدأت في التعود عليه..
الركض..احضار أجهزة الاحياء الصناعي..أنبوب القصبة الهوائية..خطوات الانعاش السريعة..
ضغطات قوية على الصدر في محاولة لتنشيط القلب..أتروبين في الوريد..مع أدرينالين..
خمس دقائق..عشر دقائق..خمس عشرة دقيقة..
جلس أحد الأطباء قائلا..لا فائدة..
لا فائدة..؟!
لا فائدة..؟!
اللعنة يا صديقي..
هاهو شبح الموت مرة أخرى..
*-*-*
دقائق أخرى..توقف بعدها الطبيب عن محاولات الانعاش..التفت للطبيب الآخر, قائلا..
دعها في سلام..
دعها تأخذ نفسها الأخير في سلام..
هكذا إذن..سلام..؟!
فلندعها في سلام..
*-*-*
توقفت تماما عن التنفس في الساعة الرابعة وخمس وثلاثون دقيقة..
كنت قد ظللت أرقبه عدة دقائق بعد توقف محاولات انعاشها..
دقائق قليلة..كانت بمثابة العبور بين عالمين..
بين الحياة..
وبين الموت..
*-*-*
أتى أهل المريضة ليصطحبوها إلى حيث سيرقد جسدها..
الساعة الآن الخامسة..
مرة أخرى لا أدرك جدوى هذا..
كان اسمها " بهية "..
فليرحمها الله..
تعليقات
إرسال تعليق