مستشفى العباسية - وحدة السيدات المطورة 16
القاهرة..
مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..
الأربعاء: 22 نوفمبر 2010 - 12:00 ظهرا..
مستشفى العباسية..وحدة السيدات المطورة..
الأربعاء: 22 نوفمبر 2010 - 12:00 ظهرا..
أشعر بالضيق..
أنا هنا لا حول لي ولا قوة..
فقط أفعل ما أخبروني أن أفعله..لو أخبروني أصلا..
ذكريات الوحدة الصحية تعود من جديد
*-*-*
أنا هنا لا حول لي ولا قوة..
فقط أفعل ما أخبروني أن أفعله..لو أخبروني أصلا..
ذكريات الوحدة الصحية تعود من جديد
*-*-*
أنت تذكر ذلك
اليوم يا صديقي..
خرجت من سنة الامتياز..لتلقى في وحدة صحية..لا تعليم..لا إشراف إداري أو فني من أي نوع..
أنت والمرضى في المواجهة..
نفس الشيء هنا..
تركوك لوحدك لتكرر علاجات..أو تكتب نوتا علاجية مكررة..حتى الدورات التدريبية انقرضت..
ظننت أنك فلت لبعض الوقت..لكنك مرة أخرى تعود إلى قدرك فيما يبدو..
*-*-*
خرجت من سنة الامتياز..لتلقى في وحدة صحية..لا تعليم..لا إشراف إداري أو فني من أي نوع..
أنت والمرضى في المواجهة..
نفس الشيء هنا..
تركوك لوحدك لتكرر علاجات..أو تكتب نوتا علاجية مكررة..حتى الدورات التدريبية انقرضت..
ظننت أنك فلت لبعض الوقت..لكنك مرة أخرى تعود إلى قدرك فيما يبدو..
*-*-*
أحيانا يمر السيد
الاستشاري بالقسم..يراني..يتحدث إلي قليلا..أحيانا يتدخل ببعض التعديلات في
العلاج..
مثل تلك المرة التي أخبرني فيها بأن الجرعات العلاجية لبعض الأدوية ستخفض إلى النصف..مع إيقاف الحقن طويلة المفعول..
تطبيقا لتعليمات الأمانة العامة في الصيف..ذلك لنتجاوز خطر أن يتعرض المرضى لأزمة من الأدوية بالجرعات العالية..
لكن أكثر الوقت أنا وحيد هنا..
أنا أخرج من القسم ظهرا إلى المنزل..ومن المنزل صباحا إلى هنا..أربعة أيام أسبوعيا أو أكثر أحيانا..
مثل قطار لا يخرج عن محطته..
أحيانا أذهب للنقابة..لإنهاء شيء ما..لمقابلة أصدقاء ما..لوقفة احتجاجية أو شيء آخر..
أحيانا أقابل أصدقائي القدامي بالمكتبة..
لا يوجد أصدقاء مقربون لي هنا..
لا يوجد مشرفون عمليون هنا..لا يوجد من هو أكبر مني سنا ليأخذ بيدي..ليرشدني..
أقرأ فقط موضوعات متفرقة في كتاب أوكسفورد..في الطريق ذهاب وإيابا..
أحيانا أذهب لمركز الطب النفسي في عين شمس..حيث كنت قد قدمت على دراسة الماجستير..لكن لم تظهر نتيجة التقديم بعد..
لا يوجد نظام..لا يوجد مصدر ألجأ إليه..
لا يوجد سواي..وسوى القسم الذي أنا فيه..والمرضى المزمنون هنا..
*-*-*
مثل تلك المرة التي أخبرني فيها بأن الجرعات العلاجية لبعض الأدوية ستخفض إلى النصف..مع إيقاف الحقن طويلة المفعول..
تطبيقا لتعليمات الأمانة العامة في الصيف..ذلك لنتجاوز خطر أن يتعرض المرضى لأزمة من الأدوية بالجرعات العالية..
لكن أكثر الوقت أنا وحيد هنا..
أنا أخرج من القسم ظهرا إلى المنزل..ومن المنزل صباحا إلى هنا..أربعة أيام أسبوعيا أو أكثر أحيانا..
مثل قطار لا يخرج عن محطته..
أحيانا أذهب للنقابة..لإنهاء شيء ما..لمقابلة أصدقاء ما..لوقفة احتجاجية أو شيء آخر..
أحيانا أقابل أصدقائي القدامي بالمكتبة..
لا يوجد أصدقاء مقربون لي هنا..
لا يوجد مشرفون عمليون هنا..لا يوجد من هو أكبر مني سنا ليأخذ بيدي..ليرشدني..
أقرأ فقط موضوعات متفرقة في كتاب أوكسفورد..في الطريق ذهاب وإيابا..
أحيانا أذهب لمركز الطب النفسي في عين شمس..حيث كنت قد قدمت على دراسة الماجستير..لكن لم تظهر نتيجة التقديم بعد..
لا يوجد نظام..لا يوجد مصدر ألجأ إليه..
لا يوجد سواي..وسوى القسم الذي أنا فيه..والمرضى المزمنون هنا..
*-*-*
أحيانا تأتي
الفرصة لأقابل مديرة الوحدة..وهي لقاءات متحفظة للغاية..لست أنا الشخص الودودو
اللماح صاحب الحضور الخفيف الذكي..
أنا ذلك الشخص الذي لو كلف بعمل..لن يتحدث كثيرا..ولن يعود إلا بإنجازه..
أحيانا تسأل عن أدائي..
لكنني أدرك جيدا أنها وأن الاستشاري يعرفون أنني نمط مختلف..
أنني غريب..
أقوم بالحضور معظم الأيام –فيما عدا تلك الأيام التي أسقط فيها- وأنني أتواجد في القسم باستمرار..وأنني أقوم بواجبي غالبا..
شيء غريب..غير مألوف كثيرا هنا..
أنا أعرف هذا جيدا..أنا ملتزم بالقانون..ربما هذا هو الشيء الوحيد المتأكد منه..
لكن في ظل دائرة من الأخطاء، قامت بتثبيت نمطا عاما هنا..من حيث الالتزام والحضور للأطباء تحديدا..مما جعل مركز الثقل ينتقل للتمريض..الذي حين يقوم بواجباته يستقيم القسم..وحين يهملونها يتحول القسم إلى شيء لا ذكر له..
يتحول الأطباء إلى زائرون خفيون..يأتون حينما تسنح الفرصة..أو حين تدلهم الأمور..
لذلك أنا هنا أعد من ضمن تلك الحالات الغريبة القليلة للأسف..
*-*-*
أنا ذلك الشخص الذي لو كلف بعمل..لن يتحدث كثيرا..ولن يعود إلا بإنجازه..
أحيانا تسأل عن أدائي..
لكنني أدرك جيدا أنها وأن الاستشاري يعرفون أنني نمط مختلف..
أنني غريب..
أقوم بالحضور معظم الأيام –فيما عدا تلك الأيام التي أسقط فيها- وأنني أتواجد في القسم باستمرار..وأنني أقوم بواجبي غالبا..
شيء غريب..غير مألوف كثيرا هنا..
أنا أعرف هذا جيدا..أنا ملتزم بالقانون..ربما هذا هو الشيء الوحيد المتأكد منه..
لكن في ظل دائرة من الأخطاء، قامت بتثبيت نمطا عاما هنا..من حيث الالتزام والحضور للأطباء تحديدا..مما جعل مركز الثقل ينتقل للتمريض..الذي حين يقوم بواجباته يستقيم القسم..وحين يهملونها يتحول القسم إلى شيء لا ذكر له..
يتحول الأطباء إلى زائرون خفيون..يأتون حينما تسنح الفرصة..أو حين تدلهم الأمور..
لذلك أنا هنا أعد من ضمن تلك الحالات الغريبة القليلة للأسف..
*-*-*
وحين تخرج السلطة
من يد من سبقك..وتأتي أنت لمحاولة الفهم..تصبح حياتك جحيما..
أنت لست قادرا على استعادة السيطرة..لا أنت راغب بها..ولا أنت تستطيع ذلك..
قوانين مجهولة..لوائح متداخلة..وبدون أي مساعدة..فقط..تأمل أن تمر من هنا محاذرا ألا تسقط في فخ ما..
حين تأتي زيارة..تفهم أن من يسمح بوجودها التمريض..لأنك ساذج..ولا تدري شيئا عن الأهل أو مريضتك..ولم تفعل ما ينبغي لتعرف..ولم تعرف ما ينبغي لتفعل ذلك..
حين يأتي تبرع..فربما لا شأن لك به..لأنك لا تدري أحوال القسم واحتياجات مريضاته التي لا توفرها في المستشفى.. أحيانا ستشارك في ذلك دون مساومات كثيرة..
طعام المرضى..الإفطار..الغذاء..العشاء..ماذا تعرف عنه سوى لمحات بسيطة وأنت تدلف للقسم يوميا..؟
ملابس المريضات..أنت لا تعرف عنها شيئا..لا تعرف عن ملابس المستشفى..ولا عن سياسات تغييرها..
فقط لو كانت ملابس إحداهن قذرة –وهو أمر نادر- تطلب تغييرها..فقط لو كانت ملابس إحداهن ممزقة –وهو أمر قليل- أو قديمة أو مهلهلة –وهو أمر غالب- تطلب تغييرها..لا بد أن تكون ملابسهن نظيفة فقط..دون أي اعتبارات أخرى..هذه أشياء أكبر كثيرا منك لتعرفها..سياسة المستشفى..والميزانية..
ماذا تعرف عن الرحلات والإجازات العلاجية..؟
هل حاولت حقا أن تعرف..أم أنك دخلت للدائرة الشهيرة:
هذا ما وجدنا عليه من سبقونا..؟
*-*-*
لكني –ويشهد الله- قد حاولت..حاولت كثيرا..حاولت جاهدا لأفهم..ولأثبت لنفسي أنني أستحق أن أكون هنا..وأنني لست طبيب الوحدة الصحية القديم الذي لا يفعل شيئا سوى الرثاء لحاله..
حاولت أن أخرج من المكان الضيق الذي وضعت فيه منذ اليوم الأول هنا..
وهم أدركوا ذلك..
التمريض..والاستشاري.ومديرة الوحدة..
أنا فقط أقاوم أن أكون كما كان من قبلي..
مجرد الشخص الذي يقوم بتكرار العلاج..
والتوقيع عندما تسنح له الفرصة لذلك..
*-*-*
مالذي
أثار تلك الأشياء الآن..؟أنت لست قادرا على استعادة السيطرة..لا أنت راغب بها..ولا أنت تستطيع ذلك..
قوانين مجهولة..لوائح متداخلة..وبدون أي مساعدة..فقط..تأمل أن تمر من هنا محاذرا ألا تسقط في فخ ما..
حين تأتي زيارة..تفهم أن من يسمح بوجودها التمريض..لأنك ساذج..ولا تدري شيئا عن الأهل أو مريضتك..ولم تفعل ما ينبغي لتعرف..ولم تعرف ما ينبغي لتفعل ذلك..
حين يأتي تبرع..فربما لا شأن لك به..لأنك لا تدري أحوال القسم واحتياجات مريضاته التي لا توفرها في المستشفى.. أحيانا ستشارك في ذلك دون مساومات كثيرة..
طعام المرضى..الإفطار..الغذاء..العشاء..ماذا تعرف عنه سوى لمحات بسيطة وأنت تدلف للقسم يوميا..؟
ملابس المريضات..أنت لا تعرف عنها شيئا..لا تعرف عن ملابس المستشفى..ولا عن سياسات تغييرها..
فقط لو كانت ملابس إحداهن قذرة –وهو أمر نادر- تطلب تغييرها..فقط لو كانت ملابس إحداهن ممزقة –وهو أمر قليل- أو قديمة أو مهلهلة –وهو أمر غالب- تطلب تغييرها..لا بد أن تكون ملابسهن نظيفة فقط..دون أي اعتبارات أخرى..هذه أشياء أكبر كثيرا منك لتعرفها..سياسة المستشفى..والميزانية..
ماذا تعرف عن الرحلات والإجازات العلاجية..؟
هل حاولت حقا أن تعرف..أم أنك دخلت للدائرة الشهيرة:
هذا ما وجدنا عليه من سبقونا..؟
*-*-*
لكني –ويشهد الله- قد حاولت..حاولت كثيرا..حاولت جاهدا لأفهم..ولأثبت لنفسي أنني أستحق أن أكون هنا..وأنني لست طبيب الوحدة الصحية القديم الذي لا يفعل شيئا سوى الرثاء لحاله..
حاولت أن أخرج من المكان الضيق الذي وضعت فيه منذ اليوم الأول هنا..
وهم أدركوا ذلك..
التمريض..والاستشاري.ومديرة الوحدة..
أنا فقط أقاوم أن أكون كما كان من قبلي..
مجرد الشخص الذي يقوم بتكرار العلاج..
والتوقيع عندما تسنح له الفرصة لذلك..
*-*-*
هناك عالم متعقد متشابك في هذه المستشفى..هناك من يتحكم في تفاصيله..وهو ليس أنت بالتأكيد..
أنت طبيب القسم ربما..لكنك لا تعدو مجرد رقم هنا..
لا أعرف..
ربما لأن مديرة الوحدة سألت عني مؤخرا..أو ربما لأن أمرا بنقل مريضة ما إلى الوحدة هنا قد صدر..ووجب على التمريض تنفيذه..
لا أفهم لم نقلت..ولا أفهم لم سيتم خروج مريضة من هنا..لم لم تخرج سابقا..ولم تسند مهمة إخراجها للتمريض والأخصائي الاجتماعي..لم لم يخبرني أحد بالأمر..؟
لا شيء..
لأنك مجرد طبيب وحدة صحية يا فتى..لا شأن لك بالأمر..
فقط وقع هنا لو سمحت..نعم..
وقع هنا أيضا..نعم..
شكرا جزيلا..
(عند نقل الكلمات من الصفحات التي كتبتها بخط يدي..قمت بتعديل بعض المصطلحات التي استخدمتها..وكذلك اللغة والأوصاف..هناك كلمات قاسية للغاية..بعضها يقول الحقيقة بلا أي مواربة..وبعضها الآخر لا يصورها بشكل حقيقي نظرا لقصور لدي في فهم الصورة العامة..والتي ستتحسن بعد سنوات عديدة..لذلك قمت ببعض التعديلات..)
تعليقات
إرسال تعليق