المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, 2014

مشتول السوق..وحدة الصحافة..9

مشتول السوق.. وحدة الصحافة.. 1 – 11 – 2009  -  11:30 صباحا.. ياللهول..!! كل هذه الفوضى العارمة في المكان الذي اختاروه للتمركز..بعد النداء على الأهالي في مكبرات الصوت في الجامع الكبير في القرية.. كنا قد انتقلنا للمرحلة الثانية بعد المدارس..وهي التمركز في جامع أو مركز شباب..(وربما بيت العمدة مثلا لو أردت بعض المغالاة) وانتظار الأهالي الذين لم يرسلوا أبناءهم للمدارس..أو أنهم مازالوا قبل سن الدخول ولم يدخلوهم حضانات.. طبعا أن تنظم كل هذه الفوضى..كل تلك الغوغاء..والجماهير الغفيرة التي تطالب بتطعيم أولادها في سابقة لم أرها من قبل.. كل ذبك يندرج تحت نطاق المستحيل.. لكن لا بأس من المحاولة.. *-*-* "ونودي في الجوامع والحوانيت والمساكن أن ياعباد الله..هلموا لتطعيم أبنائكم من المرض..يبرئكم من شره بإذن المولى..ويراجعكم في ذلك الطبيب المداوي..وفريق التومرجية المصحوبون له..فاجتمع إليه في الساحة الكبرى خلق كثيرون..وداس البعض فوق الرقاب لأجل الحصول على الوصفة المنيعة.." من كتاب "طرائف الأخبار..وعجائب الآثار" للمقريزي.. هذا لو كان يعمل طبيب أول في وحدة صحية.. وأرسلو...

مشتول السوق..وحدة الصحافة..8

مشتول السوق.. وحدة الصحافة.. 31 – 10 – 2009  -  10:00 صباحا.. غياب عن الوحدة لمدة يومين.. لم آت الخميس..وطبعا الجمعة أجازة.. من قال لي.. أنا أعرف أن هذه حقيقة مؤكدة.. لكن هذه البديهيات لاتعرفها وزارة الصحة فيما يبدو.. لأنني حين أتيت اليوم السبت..أدركت أن يوم الجمعة كانت هناك حملات جديدة.. طبعا لافارق لدي –أو لدى أي أحد آخر- في الحقيقة مابين غياب يوم أو يومين.. كلها في النهاية أمر مقيت واحد بلا فائدة تذكر.. أدهشني أن أحدا لم يسأل عني..أو يهتم بغيابي.. ليكن..هذا أمر محمود في هذه الآونة.. لنتحل بالصبر ياصديقي.. ونعد للعمل.. *-*-* لكن..لا عمل..!! اليوم أجازة أصلا من اللف في المدارس لتطعيم الأطفال البؤساء.. اهدأ..تمالك أعصابك.. احتفظ بما تبقى من قواك العقلية.. اصعد لمكتبك بالأعلى.. اجلس عليه كأي شخص طبيعي في هذا العالم.. افتح الجريدة التي معك.. اقرأها..اقرأ الموضوعات المحببة إليك بها.. سيمر بعض الوقت.. هل انتهيت..؟ جيد..انهض..سو ثيابك..استعد للانطلاق.. ألق السلام سريعا على الجالسين..وتمن لهم أن يحترقوا في الجحيم.. "الشيطان الصغير رفيقك ليس متواجدا..ال...

مشتول السوق..وحدة الصحافة..7

مشتول السوق.. وحدة الصحافة.. 28 – 10 – 2009 – 12:00 ظهرا.. اليوم الرابع للحملة.. فاء..فقر.. جيم..جهل.. ميم..مرض.. رددوا معي يا أطفال..رددوا معي يا ملاعين..يا أشقياء..يا مساكين.. فاء..فقر.. جيم..جهل.. ميم..مرض.. أو..ملل..وكآبة عارمة..تجتث كل أمل في الحياة.. أو..اللعنة على كل شيء..

مشتول السوق..وحدة الصحافة..6

مشتول السوق.. وحدة الصحافة.. 27 – 10 – 2009  -  12:30 ظهرا.. والحضانات أيضا.. التعليمات تخص الحضانات أيضا.. هكذا..نصل لشقة في الدور الأرضي..نطرق الباب.. نجيب على السائل: حملة التطعيم..من الوحدة.. فتفتح لنا الأبواب.. *-*-* شقة في الطابق الأرضي..ذات غرفتين..وردهة ضيقة..يتراكم فيها الأطفال على كل جانب.. الشقة من الخارج رسمت عليها بعض الرسومات برداءة منقطعة النظير.. هناك ميكي..أو بطوط..شيء من هذا القبيل..لكن كأنما ألقى عليه أحدهم دلوا من الماء ليسيح بهذا الشكل المخزي.. عهدي السعيد بالطفولة..بعيد للغاية عني الآن..حتى لو أتى..فلن يأتي في ظل ظروف كهذه.. أدخل إحدى الغرفتين.. مقاعد خشبية "دكك" تتسع بصعوبة لثلاثة أطفال يعانون من الهزال.. شيء ضامر يجاور شيئا آخر بجوار شيء آخر.. حسبت عدد المقاعد التي كانت تستخدم في التعذيب قديما..ثم أتوا بها هنا كنوع من التعذيب المهذب..تسعة.. تسعة مقاعد طولها حوالي متر..وعرضها ثلاثون سنتيمترا..تتراص في صفين..خلف بعضها..فوق كل منها يجلس ثلاث أطفال.. حسنا..العدد في غرفة طولها وعرضها ثلاثة أمتار..يقترب من الثلاثين..!! إذن..كيف يأخذ ه...

مشتول السوق..وحدةالصحافة..5

مشتول السوق.. وحدة الصحافة.. في يوم ما.. أداعب بيدي المقلمة الصغيرة التي تحمل شعار وزارة الصحة.. واسم الحملة العظيمة التي أمارس فيها مهامي وسلطاتي كاملة.. "الحملة القومية للتطعيم ضد مرض الحصبة" أفكر ساخر في أول لحظة استلامي لهذه المقلمة..الفزع المضني الذي ارتسم على وجهي حين تلقيتها كما يتلقى كيسا ملفوفا بالمخدرات.. أرمق من حولي وهم يتسلمون نصيبهم.. الممرضات..تتسلمن أكواما من صناديق ورقية مفتحة..يقمن بتطبيقها..لتشكيل صناديق مكافحة العدوى..وذلك للاحتفاظ ببواقي المحقن وغطيانها.. الأصل في الموضوع أن يأخذ الطفل التطعيم..ثم ترمى المحاقن –بدون تغطيتها- في الفتحة العليا للكرتونة..ويتم تسليمها بعد ذلك للمراقب الصحي الذي يكون مسؤولا عن اعدامها بطرق صحية سليمة بمعرفة الإدارة.. يتسلمن أكواما من الصناديق الورقية الجاهزة..ويسلمهن المراقب الصحي التطعيمات في مبردات صغيرة..للاحتفاظ بالطعوم ووقاية من حرارة الشمس.. كنا في بدايات الخريف..الجو يبدو لطيفا.. لذلكلم أبتلع فكرة المقلمة التي بيدي هذه.. أفتحها..أعد مابها.. محقنين فارغين.. ووثلاثة أمبولات..أدرينالين..كورتيزون..وكلورفين...

مشتول السوق..وحدة الصحافة..4

مشتول السوق.. وحدة الصحافة.. 26 – 10 – 2009  -  11:00 صباحا.. استمرارا للحملة..اليوم الثاني.. وسط أدغال القرى..ومجاهل الزراعات..ودروب العجز..نبحث عن بصيص أمل.. أطفال الفلاحين الفقراء المعدمين..والبيوت الواطئة المشوهة..وحيوانات تكسوها الفاقة..نحارب ببسالة.. ها نحن ذا نقوم بـ.. لحظة.. لحظة واحدة..!! هذا أداء مبالغ فيه حقا..جدير ببطل سلسلة روايات.. أنت لست علاء "عبد العظيم" ياصديقي العزيز..أنت لست طبيبا بوحدة "سافاري" التي تطارد المرض..وتجرد حملات للقضاء على الأوبئة..في نزال علمي صارم..وحرب محترمة.. حتى لو كنت كذلك.. فلن يكون الآخرون كذلك.. لا المرضى..ولا الأهالي..ولا الأطفال..ولا الوحدة التي تعمل بها..ولا الممرضات..ولا الامكانيات..ولا المرض نفسه على أغلب الأحوال..!! كل شيء هنا مشوه..لايشبه الصورة العظيمة –في بؤسها وجمالها وعذوبتها وحزنها وألمها وشجنها- التي ترسمها سلسلة الروايات الشهيرة للقراء.. حتى الفقر نفسه هنا.. يوجد بصورة مشوهة بغيضة.. *-*-* إذن..لنعد للواقع.. المرور على الوحدة صباحا..التوقيع بالحضور.. ثم الخروج لركوب أي مواصلة تحملك لأي م...