مشتول السوق..وحدة المنير..2
مشتول السوق..
الوحدة الصحية بقرية المنير..
أيام مجمعة..أوقات مختلفة مكررة..
استقر بي المقام هنا..
في شقة سكنية حقيرة..في عمارة متخلفة..أسفلها زاوية تقام فيها الصلوات..هروبا من الدنيا..وبحثا عن الآخرة الموعودة..
أيام السبت والاثنين والأربعاء هي أيام حضوري هنا..وذلك حسب الاتفاق الودي بيني وبين مدير الوحدة..طبيبة البلدة..الدكتورة بنت أبو فلان..
جزء من منظومة فاسدة..تصنعها الحكومة باستمرار..لتمكين المسرحية العبثية الخاصة بالعلاج المجاني..
وكجزء من وضع رقبة الطبيب تحت المقصلة..بلا عمل حقيقي يقدمه..وبأسلوب يقضي على أي رغبة محترمة في تقديم أي مساعدة..
يختزل الطب في مجموعة من القوارير والبراشيم واللوالب والعوازل الطبية..ويختزل البشر في مجموعة من القوائم مثبتة في الأوراق..
ويختزل الطبيب في صورة موظف مستكين..يقضي ساعات العمل بروتينية صماء..
منظومة كاملة من العبث..ومن الفشل والافشال المتبادل..
منظومة ارهاب وترهيب..كجزء ورثته عن سابقتها..من نظام لم يكن يدرك إلا أسفل قدميه..
صنع أجيالا كاملة بهذا الفساد المستشري في كل مكان..
فساد لم ينج منه أحد..إلا وانتهى به الأمر في سراي المجانين..
*-*-*
الطبيبة كانت لطيفة إلى حد كبير..تعاملني بود..لم تتصنع القسوة أو الحزم الصارم المبالغ فيه..
كنت أنا -في ذلك الوقت- مثالا حيا للطبيب المهذب ابن الناس..صاحب الأيدي الناعمة..
الذي يوضع في أي مكان..ويغطي أي شغل مطلوب..
مثالا نادرا قل أن تجده اليوم في الشاب المحترم..
طبعا..وبطبيعة الحال..كنت أقضي ساعات طويلة هنا..في هذا المكان العفن..
وبطبيعة الحال أيضا..كان الحمام أقل من المستوى الآدمي كثيرا..لم أكن معتادا عليه بهذا الشكل المزري..والعفن الذي يحيط بالمكان ويتغلغل فيه..
وبصنبور المياه الذي لم يتوقف يوما عن هدر أهم مورد علينا..في تحدي لقوة الله..وانكارا لنعمه..وجحودا لفضله..
لم أكن يوما -في المرات النادرة التي أمر بهذا الحمام- في طريقي للعيادة الداخلية إلا وقد أدركت أن الله سيعاقبنا على هذا أشد عقاب..
لكن الحياة تستمر ياصديقي..
ولكي أستمر..كأي بشري..يجب أن أقوم بتصريف المياه في مجاريها الطبيعية..
في ذلك الحين..كما قلت..لم أكن قد ابتعدت كثيرا عن صورة الطبيب الشاب المهذب الخلوق..
والذي يحافظ عى صلاته في الجامع..والذي تتمنى الأمهات أن تكبر أطفالهن لتجدهن قد صرن مثله..
فكرت أن أضرب عصفورين بحجر..
أن أدخل الحمام في المواعيد المحددة للصلاة..وأن أقيمها في نفس الوقت..
بديلا عن دخول حمام الوحدة المنهار..وبديلا عن التصرف في ركن العيادة..وبديلا عن التصرف من شرفة الشقة..
وهكذا..شهدت الزاية في أسفل العمارة السكنية..مولد قصة جديدة من قصص التدين الوسطي..
شاب..وطبيب..وأعزب..يقيم الصلاة في الجامع..
أي تقوى..
أي تقوى تلك ياصديقي..!!
*-*-*
الوحدة الصحية بقرية المنير..
أيام مجمعة..أوقات مختلفة مكررة..
استقر بي المقام هنا..
في شقة سكنية حقيرة..في عمارة متخلفة..أسفلها زاوية تقام فيها الصلوات..هروبا من الدنيا..وبحثا عن الآخرة الموعودة..
أيام السبت والاثنين والأربعاء هي أيام حضوري هنا..وذلك حسب الاتفاق الودي بيني وبين مدير الوحدة..طبيبة البلدة..الدكتورة بنت أبو فلان..
جزء من منظومة فاسدة..تصنعها الحكومة باستمرار..لتمكين المسرحية العبثية الخاصة بالعلاج المجاني..
وكجزء من وضع رقبة الطبيب تحت المقصلة..بلا عمل حقيقي يقدمه..وبأسلوب يقضي على أي رغبة محترمة في تقديم أي مساعدة..
يختزل الطب في مجموعة من القوارير والبراشيم واللوالب والعوازل الطبية..ويختزل البشر في مجموعة من القوائم مثبتة في الأوراق..
ويختزل الطبيب في صورة موظف مستكين..يقضي ساعات العمل بروتينية صماء..
منظومة كاملة من العبث..ومن الفشل والافشال المتبادل..
منظومة ارهاب وترهيب..كجزء ورثته عن سابقتها..من نظام لم يكن يدرك إلا أسفل قدميه..
صنع أجيالا كاملة بهذا الفساد المستشري في كل مكان..
فساد لم ينج منه أحد..إلا وانتهى به الأمر في سراي المجانين..
*-*-*
الطبيبة كانت لطيفة إلى حد كبير..تعاملني بود..لم تتصنع القسوة أو الحزم الصارم المبالغ فيه..
كنت أنا -في ذلك الوقت- مثالا حيا للطبيب المهذب ابن الناس..صاحب الأيدي الناعمة..
الذي يوضع في أي مكان..ويغطي أي شغل مطلوب..
مثالا نادرا قل أن تجده اليوم في الشاب المحترم..
طبعا..وبطبيعة الحال..كنت أقضي ساعات طويلة هنا..في هذا المكان العفن..
وبطبيعة الحال أيضا..كان الحمام أقل من المستوى الآدمي كثيرا..لم أكن معتادا عليه بهذا الشكل المزري..والعفن الذي يحيط بالمكان ويتغلغل فيه..
وبصنبور المياه الذي لم يتوقف يوما عن هدر أهم مورد علينا..في تحدي لقوة الله..وانكارا لنعمه..وجحودا لفضله..
لم أكن يوما -في المرات النادرة التي أمر بهذا الحمام- في طريقي للعيادة الداخلية إلا وقد أدركت أن الله سيعاقبنا على هذا أشد عقاب..
لكن الحياة تستمر ياصديقي..
ولكي أستمر..كأي بشري..يجب أن أقوم بتصريف المياه في مجاريها الطبيعية..
في ذلك الحين..كما قلت..لم أكن قد ابتعدت كثيرا عن صورة الطبيب الشاب المهذب الخلوق..
والذي يحافظ عى صلاته في الجامع..والذي تتمنى الأمهات أن تكبر أطفالهن لتجدهن قد صرن مثله..
فكرت أن أضرب عصفورين بحجر..
أن أدخل الحمام في المواعيد المحددة للصلاة..وأن أقيمها في نفس الوقت..
بديلا عن دخول حمام الوحدة المنهار..وبديلا عن التصرف في ركن العيادة..وبديلا عن التصرف من شرفة الشقة..
وهكذا..شهدت الزاية في أسفل العمارة السكنية..مولد قصة جديدة من قصص التدين الوسطي..
شاب..وطبيب..وأعزب..يقيم الصلاة في الجامع..
أي تقوى..
أي تقوى تلك ياصديقي..!!
*-*-*
استوا..
استقيموا يرحمكم الله..
استقيموا يرحمكم الله..
استقيموا يرحمكم الله..
استقيموا يرحمكم الله..
تعليقات
إرسال تعليق